"فانون السرّي: نظرية باطنية للتغيير الراديكالي" كتاب جديد للأكاديمي جافين أرنال صدر عن "منشورات جامعة كولومبيا"؛ وفيه يتناول الكاتب مشكلة التغيير عبر مؤلفات الطبيب النفسي والمفكر السياسي الماركسي المارتينيكي فرانز فانون (1925-1961)، الذي قدم كتابات لها تأثير في مجالات دراسات ما بعد الاستعمار والنظرية النقدية والماركسية، وكان مهتمًا بدراسات علم النفس الكولونيالي والنتائج الإنسانية والاجتماعية والثقافية لإنهاء الاستعمار.
مساهمات فانون في تاريخ الأفكار متعددة. ويعد مؤثراً بشكل كبير ليس فقط بسبب أصالة فكره ولكن أيضًا بسبب انتقاداته، التي ساهمت في تطوير تحليل اجتماعي عميق للعنصرية، مما دفعه إلى تحديد العقلانية المنحرفة والمنطق في الخطابات المعاصرة حول الإنسان، والتي برزت في كتبه "معذبو الأرض" (1961)، و"بشرة سوداء أقنعة بيضاء" (1952)، و"كولونيالية تحتضر" (1959) وسواها.
يرى أرنال في كتابه "فانون السرّي"، أنه بصفته فيلسوفًا وطبيبًا نفسيًا وثوريًا، التزم فانون بقوة بالتنظير للتغيير والتحريض عليه في جميع جوانبه، التغيير هو الخيط الذي يربط بين حواره النقدي مع هيجل وماركس وفرويد ونيتشه وتبادله الفكري مع مفكرين من وزن سيزار وكوجيف وسارتر، والتي بقدم فيها تحليله للعنصرية والاستعمار، والخطاب، واللغة والثقافة، وإنهاء الاستعمار، وهو ما كان يحمل أفكاره بشأن مارتينيك والجزائر ومنطقة البحر الكاريبي وأفريقيا والعالم الثالث.
يتتبع أرنال انقسامًا داخليًا يلمس وجوده في كل كتابات فانون؛ بين وضعين متميزين للتفكير في التغيير، ويرى أن هناك شكلان من فانون: فانون المهيمن الذي يتصور التغيير كعملية جدلية للتطور وفانون سرّي يختبر نظرية ثورية لأي تحول تحت الظاهر من كتاباته، حيث يحاول الكاتب أن يقدم تصوراته وفرضيته عنها.
يقدم آرنال قراءات تقارب أعمال فانون بأكملها، بدءًا من الأعمال المتعارف عليها وصولاً إلى أوراقه النفسية والمواد التي ظهرت مؤخراً ونشرت تحت عنوان "الاغتراب والحرية" (2018)، إلى جانب مسرحية بعنوان "أيد متوازية".
يتحدث هذا الكتاب حول الحيوية المستمرة لأفكار فانون بين الحركات الاجتماعية اليوم، ويقدّم فيه الكاتب ارتباطًا صارمًا وأصليًا مع عمل فانون يؤكد أهميته في الجهد المبذول لإحداث تغيير جذري ما بعد كولونيالي.
يذكر أن ارنال هو أستاذ اللغه والأدب في جامعة ميشيغان وله عده دراسات حول سياسات الترجمة والآداب المهمشة ودراسات العرق واللغة.
تابع آخر أخبار العربي الجديد عبر Google News
