في سبعينيات القرن التاسع عشر، استطاع عالم الآثار الألماني العثور على أوابد تعود إلى مدينة طراودة التي تأسّست في عام 3200 ق. م بالقرب من جنوب ممر الدرنديل المائي، وجرى تدميرها تسع مرات، وأُشبعت حوادثها بالأساطير لدى مختلف حضارات البحر المتوسط.
تشكّلت الصورة الأولى حول المدينة من خلال ملحمة الإلياذة التي وضعها المؤرخ اليوناني هوميروس، والتي وصف حياة ملكها الباذخة، وكيف بنى في قصره خمسين غرفة من الحجر المصقول، إضافة إلى تصوير الحرب التي دارت بين الطراوديين والإغريق، لكن هناك شكوك كثيرة حول العديد من تفاصيلها".
يُفتتح عند العاشرة من صباح الخميس المقبل، الحادي والعشرين من الشهر الجاري، في "المتحف البريطاني" في لندن معرض "طروادة: الأسطورة والواقع" ويتواصل حتى الثامن من آذار/ مارس المقبل، ويتضمّن حوالي ثلاثمئة قطعة أثرية من الأواني الفخارية والفضية والأسلحة البرونزية والتماثيل الحجرية، ولوحات لفنانين استلهموا قصص هيلين وأخيل وحصان تروجان وغيرها.
تمّ إعادة إنشاء مقطع عرضي من التل القديم، الذي تقع عليه المدينة، في وسط المعرض، مع شروحات لكلّ القطع، حيث عُثر على رؤوس الأسهم والأدلة التي تشير إلى الحريق الذي اندلع عام 1180 ق. م، لكن يظل السؤال قائماً لا إجابة حاسمة عنه؛ هل قامت الجيوش اليونانية بحرق قلعتها أم أنها احترقت بفعل عوامل أخرى؟
كما يتناول المعرض كيف ألهمت قصص هيلين وباريس وأخيل والحصان الخشبي الذي أسقط المدينة في نهاية المطاف فنانين عبر التاريخ، ومنها تمثال مصنوع من الرخام لأخيل جريجاً، أحد أبطال الميثولوجيا الإغريقية، ولوحات تظهر هيلين التي كانت تُعدّ أجمل نساء الأرض، واختارت الفرار مع القائد باريس ابن الملك بريام وشقيق الأمير هيكتور، إلى طروادة متسببة باندلاع حرب لمدة عشرة سنوات انتهت بسقوطها، وفق مؤرخي أثينا.
أُرسلت جميع القطع عند اكتشافها إلى برلين وظلّت هناك حتى اندلعت الحرب العالمية الثانية، حيث نُقل جزء منها إلى "متحف بوشكين" في موسكو على يد الجيش الروسي الذي دخل العاصمة الألمانية عام 1945، وهي لم تُعرض خارج روسيا إلى الآن، علماً بأن "المتحف البريطاني" رفض عرضها عام 1877 عقب اكتشافها، ليعود اليوم مُخصّصاً معرضاً لها بعد نحو مئة وأربعين عاماً.