"طبيبة شعبيّة" تُحمَّل مسؤوليّة الإيبولا في سيراليون

21 اغسطس 2014
الإيبولا يحصد أرواح المئات في غرب أفريقيا (Getty)
+ الخط -

اجتاح وباء "إيبولا" سيراليون وحصد أرواح المئات. لكن لولا تلك "الطبيبة الشعبيّة" التي كانت تدّعي القدرة على شفاء الحمى النزفيّة، لما تجاوزت هذه الجائحة الحدود واجتذبت مرضى من غينيا المجاورة.

وقال أكبر مسؤول طبي في كينيما شرق سيراليون التي انطلق منها الوباء، محمد فاندي، إن هذه الطبيبة التي تداوي بالأعشاب في قرية سوكوما النائية القريبة من الحدود الغينيّة "كانت تؤكد أنها قادرة على شفاء المصابين بالإيبولا". وأضاف أن "مرضى من غينيا كانوا يجتازون الحدود لتلقي العلاج"، على يد هذه المرأة.

وتابع أن المرأة "أصيبت بالعدوى، وما لبثت أن ماتت. وخلال جنازتها، انتقلت العدوى إلى نساء من المناطق المجاورة"، ثمّ تفرّق المشاركون في الجنازة في تلال المنطقة الحدوديّة، فحصلت وفيات بالجملة.

وتحوّل الأمر وباءً، مع وصول العدوى في 17 يونيو/حزيران الماضي إلى مدينة كينيما التي تتميّز بتعدّد إثنياتها، والتي يبلغ عدد سكانها 190 ألف نسمة. وتشتهر هذه المدينة بأنها سجّلت الرقم القياسي العالمي لمصابي حمى "لاسا"، وهي نوع آخر من الحمى النزفيّة قريب من وباء إيبولا.

ومذ وعدت الطبيبة الشعبيّة الغامضة بتأمين الشفاء لضحايا الوباء الذي تفشى في بداية العام الجاري في غينيا، أصيب 907 أشخاص بالعدوى في سيراليون مع تسجيل 374 وفاة من بينهم، بحسب ما تفيد الحصيلة الأخيرة لمنظمة الصحة العالميّة.

بين الواجب والخطر

على لوحات الإعلانات وعلى جدران مستشفى كينيما المتهالك، علّقت صور الممرضات اللواتي توفين بعدما أصبن بالعدوى. هنّ حاولن بذل جهودهن لمواجهة وباء إيبولا، لكنه تغلّب عليهنّ.

ويبلغ عدد الممرضات اللواتي قضين، 12 ممرّضة متوفاة من بين 277 حالة وفاة سُجّلت في مستشفى كينيما منذ استقبال الحالة الأولى فيه. وقد أصيبت عشرة أخريات بالعدوى، وقد شفين.

ويضمّ المستشفى وحدة العزل الوحيدة في العالم لحمّى لاسا، وهي تختلف عن المبنى الرئيسي. وقد استحدثت فيه على عجل، شعبة خاصة لعزل المصابين بوباء إيبولا. وعلى الرغم من خبرته في معالجة هذا النوع من الأمراض، إلا أن المستشفى عجز عن مقاومة شراسة الوباء الجديد.

وقال فاندي إن "الممرضات المتوفيات واللواتي نجَون، لم يعرفن أنهنّ كنّ مصابات بالعدوى. فوباء إيبولا جديد هنا ونتعرّف إليه تدريجياً".

مبالو فوني المسؤولة منذ أكثر من 25 عاماً عن وحدة معالجة حمّى لاسا، نجت من هذه الحمى النزفيّة لكنها لم تنجُ من إيبولا الذي نقله إليها في يوليو/تموز الماضي أحد المرضى. وتوفيت بعد أيام قليلة. وهذه الوفاة بالإضافة إلى وفاة ممرضتَين أخريَين وسائق سيارة إسعاف، حملت مئات الممرضات على إعلان الإضراب احتجاجاً على سوء إدارة مركز معالجة مصابي إيبولا.

وأشار فاندي هنا إلى أنه "في كل مكان يتفشى فيه إيبولا للمرة الأولى، يصيب نسبة مئويّة مرتفعة من العاملين في المجال الصحي"، مضيفا أن "وباء إيبولا مميت وفتاك. والعدوى تنتقل لدى حصول أدنى خطأ".

وتجدر الإشارة إلى أن الخبير في الأمراض الوبائية ورائد مكافحة وباء إيبولا في سيراليون عمر خان، قد توفي في يوليو/تموز الماضي بعدما أنقذ مئات الأرواح. وتوفيت كذلك سبع ممرضات على أقل تقدير منذ ذلك الحين.

وتضم وحدة معالجة إيبولا 80 سريراً، أي ما يفوق ضعفَي قدرتها تقريباً. والعاملون فيه متطوّعون، وقد رفض عددٌ كبيرٌ من الممرضات العمل فيه. وقد لفتت ممرضات عدّة إلى أنهنّ عملن بلا توقّف طوال أسابيع، بمعدّل 12 ساعة في اليوم.

إيمانويل كريمو، هو زوج الممرضة ربيكا لانسانا التي توفيت في أغسطس/آب الجاري. روى لوكالة "فرانس برس" أنها نُقلت من قسم التوليد في هذا المستشفى بعد تدريب سريع استمرّ أسبوعاً. ولدى عودتها من العمل في أحد الأيام، بدأت تشعر بارتفاع في حرارة جسمها. ولأنها خشيت من الأسوأ، أجرت فحوصاً أتت نتيجتها إيجابيّة.

وقال كريمو "أدخلت في اليوم نفسه إلى وحدة معالجة وباء إيبولا، ثم فارقت الحياة بعد أربعة أيام". واتهم المستشفى بأنه لم يؤمّن المعدات الملائمة للحماية. لكن منذ ذلك الحين، تحسّن كثيراً تدريب الموظفين، بمساعدة الوكالات الإنسانيّة الدوليّة ومنظمة الصحة العالميّة، بحسب ما أوضح المستشفى.

وذكر المسؤول الحكومي للمنطقة الشرقيّة مايا كايكاي في مؤتمر صحافي في كينيا، أن الإحصاءات "تؤكد لنا أن إيبولا موجود هنا بيننا، وتأثيره علينا حقيقي". وحذّر من أن "تفشّي هذا المرض يأتي سريعاً، ولا يأخذ في الاعتبار المستوى العلمي والوضع الاقتصادي والانتماء السياسي والعمر والمجموعات الإثنيّة أو الدينيّة".

دلالات
المساهمون