"طالبان"... الانشقاقات ثمن التفاوض مع واشنطن وكابول

04 يوليو 2014
ألحقت "طالبان" خسائر بالقوات الأفغانية والأجنبية (شاه ماراي/فرانس برس/Getty)
+ الخط -

شكلت حركة "طالبان" الرقم الأصعب في المعادلة الأفغانية، طوال السنوات الماضية. لم تستطع ضربات القوات الأميركية وحلفائها القضاء عليها، فيما نجحت الحركة في المقابل في إلحاق خسائر فادحة بالقوات الأجنبية.

وضع لم يكن من الممكن أن يستمر إلى ما لا نهاية، ولا سيما مع اضطرار القوات الأجنبية إلى الانسحاب من أفغانستان. وهو ما دفع الولايات المتحدة والحكومة الأفغانية لفتح أبواب التفاوض، الأمر الذي تسبّب في نشوب خلافات بين قيادات الحركة ما بين مؤيد لعمليات التفاوض ومعارض لها.


امتصاص صدمة الضربات

بُعيد الإطاحة بنظام "طالبان" في كابول، شرعت القوات المحتلة بملاحقة قيادات ومسلحي "طالبان" و"القاعدة" في أرياف أفغانستان، للقضاء عليهم بشكل كامل.

وفي تلك الظروف العصيبة، ما كان أحد يتوقع أن تقوم لـ"طالبان" قائمة بعد الضربات القوية التي تلقتها من القوات الأميركية والدولية من جهة، ومن القوات الأفغانية المعارضة لها من جهةٍ أخرى.

لكن تلك الضربات لم تمنع الحركة وزعيمها الملا عمر من إعلان مقاومة القوات الأميركية والدولية. فقد أعادت الحركة رصّ الصفوف والتقاط الأنفاس خلال أشهر، وشرعت في هجماتها ضد القوات الأميركية والدولية وحلفائها الأفغان.

ومع مرور الوقت، اشتدت المواجهات، وباتت القوات الأميركية والدولية وحتى الحكومة الأفغانية، تعترف بصعوبة المواجهات، ولا سيما بعد انتشارها إلى معظم الأقاليم الأفغانية.

ولم تقتصر مقاومة القوات الأميركية والدولية على حركة "طالبان"، بل شاركت جماعات أخرى الحركة أعمال القتال، ومن أبرزها "الحزب الإسلامي"، الذي يتزعمه قلب الدين حكمتيار.

كما نظّم تنظيم "القاعدة" صفوفه في المناطق الحدودية بين أفغانستان وباكستان، وحصل على قوة عسكرية لا يستهان بها بعد تجنيد عدد كبير من الشبان الأفغان. وكانت حركة "أزبكستان" الإسلامية الموالية لتنظيم القاعدة من أهم نتائج ذلك التجنيد.

وظهرت في السنوات الأخيرة فصائل جهادية متعددة انضوت تحت راية "طالبان"، ومن أبرزها: "شبكة حقاني"، التي يتزعمها سراج الدين حقاني، نجل القيادي المشهور أيام الغزو الروسي لأفغانستان، جلال الدين حقاني.

كذلك، برزت "جبهة توره بوره"، المنسوبة إلى جبال "توره بوره" الشهيرة التي تقع في شرق أفغانستان، وبالتحديد في إقليم ننجرها، ويترأس الجبهة أنوار الحق مجاهد، نجل القائد الجهادي الشهير ضد الروس، يونس خالص.

وعلى الرغم من المحاولات المستمرة، لم تتمكن القوات الأميركية والحكومة الأفغانية من خلق انشقاق بين تلك الحركات وبين "طالبان".

تباين حول المفاوضات

لكن الأوضاع بدأت تتغيّر شيئاً فشيئاً مع اقتراب موعد الانسحاب الأميركي من أفغانستان، إذ وُلدت فكرة المفاوضات بين الحكومة الأفغانية وواشنطن من جهة، وبين جماعات وفصائل مسلحة، من جهة ثانية، بعضها أعلنت علناً العداء لـ"طالبان"، ومنها على سبيل المثال "جبهة الفدائيين". ونشأت هذه الجبهة في الأقاليم الجنوبية، واتخذت من إقليمي هلمند وزابل مقراً لها، وأعلنت العداء مع "طالبان" بشكل علني.

ثانياً، "جماعة الملثمين" التي ظهرت خلال الشهرين الماضيين في شرق أفغانستان، وبالتحديد في إقليم نورستان، وسميت بالملثمين لأن عناصر الجماعة يغطون وجوههم. وعلى الرغم من إنكار"طالبان" وجود جماعة الملثمين، إلا أن مصادر قبلية تؤكد وجودها في شرق البلاد.

وكان أول مَن تحدث عن هذه الجماعة هي الحكومة الأفغانية، مؤكدة أن هدف "الملثمين" القضاء على "طالبان" التي تؤمن بعملية الحوار مع الحكومة.

وفي هذا الصدد، نشرت الاستخبارات الأفغانية تسجيلاً مصوراً يقوم فيه ملثمون بإعدام أشخاص معصوبي الأعين، موثوقي الأيدي، تقول الاستخبارات الأفغانية إنهم بعض القيادات الميدانية في حركة "طالبان".

يذكر أنه بسبب رفض أو قبول المفاوضات مع الحكومة الأفغانية والولايات المتحدة الأميركية، انشق عدد من قيادات حركة "طالبان"، كوزير المالية في حكومة طالبان المقالة، الملا آغا جان معتصم، الذي يقود حالياً عملية السلام مع الحكومة الأفغانية، ووزير المهاجرين، الملا عبد الرقيب، الذي اغتيل في مدينة بيشاور في 17 من شهر فبراير/ شباط من العام الحالي، بعد عودته من دبي ومشاركته في اجتماع لقادة طالبان المؤيدين لعملية السلام.

كما عزا بعض المراقبين استقالة مسؤول اللجنة العسكرية في "طالبان ـ أفغانستان"، المولوي عبد القيوم ذاكر، إلى الخلافات الداخلية بسبب المفاوضات، إذ يُعتبر ذاكر من المتشددين الذين كانوا يعارضون أي نوع من الحوار.

وتحدثت بعض وسائل الإعلام المحلية عن تعيين الملا عبد المنّان هوتك، شقيق الملا عمر، رئيساً جديداً للجنة العسكرية للحركة. وتتساءل بعض الأوساط الاعلامية عما إذا كان هوتك سيخلف الملا عمر في المستقبل القريب، ولا سيما في حال اشتدت الخلافات، لكن حركة "طالبان" سارعت إلى نفي تلك الأنباء. واعتبرت أنها تأتي في إطار حملة إعلامية منسّقة ضدها.

المساهمون