"صنعته أُم ثائرة".. مبادرة لتمكين اللاجئات السوريات

05 اغسطس 2014
عدد من اللاجئات السوريات المشاركات في المبادرة (العربي الجديد)
+ الخط -

باستخدام خامات بسيطة، استطاعت لاجئات سوريات في مخيمات تركية، تأمين لقمة عيشهن ومساعدة أسرهن بعمل بسيط يتمثل في حياكة ملابس صوفية يدوية، لتتحول اللاجئة إلى عنصر فاعل، تساهم في دعم الثورة السورية من منظورها، وبما أتيح لها ضمن الظروف الصعبة التي تعيشها.

وعلى مدار أكثر من ثلاث سنوات من عمر الثورة السورية، عانت المرأة الأمرّين، فخسرت أولادها، واعتقلت، وشردت من بلدتها ومسكنها، وغابت أبسط حقوقها في الحياة الآمنة المستقرة.

فيما لم تقبل أمهات سوريات أن يبقين رهينة لسلة غذائية تقدمها إحدى المنظمات الإغاثية للاجئين، فرغم ظروف الحرب الظالمة التي لم ترحم أحداً، جادت اللاجئة بما هو موجود، وسعت إلى تطوير أدواتها لتتحول المبادرة الاقتصادية الصغيرة "صنعته أم ثائرة"، التي بدأتها اللاجئة السورية "نجلاء الشيخ" إلى مشروع منظم يهدف لتمكين المرأة في المجتمع بعد تطوير أدواتها وقدراتها، دعماً لصورة الثورة السورية المدنية.

"بعد قصف مدينة (أعزاز) في الشمال السوري ببراميل الموت من قبل قوات النظام نزحتُ إلى تركيا، وخلال جولاتي في مخيم (كلّس) الحدودي جنوب تركيا، وجدت النساء يصطففن على طابور الخبز، يختلفن، وتعلو أصواتهن، لا حول لهن ولا قوة، كل هذا في سبيل الحصول على المعونات لتأمين حاجات أسرهن الأساسية، تقول نجلاء الشيخ.

وتضيف نجلاء لـ"العربي الجديد": "كنت أذهب إليهم لأقول لسنا كذلك، لم نكن يوماً على هذه الحال، نحن عزيزات، حاولت التحدث معهن مراراً لكن الأمر لم يكن مجدياً بما فيه الكفاية، ففكرت في حل سريع يساعدهن، سألتهن ماذا تعملن، وما الذي تستطعن فعله، فاتضح أن الغالبية تجدن الخياطة، وأخريات يبرعن في حياكة الصوف".

استدانت "نجلاء" من مالك المنزل الذي تستأجره، مبلغاً قدره 1400 ليرة تركية، واشترت ماكينتي خياطة لتعمل عليهما اثنتان من النساء، كما اشترت بعض مستلزمات الحياكة من مادة الصوف ومستلزمات حياكته، فانطلقت السيدات والفتيات لإنتاج مشغولات وملابس ومطرزات، وسط كثير من الحماسة والعبارات المشجعة التي تبادلنها، لإثبات وجودهن، وليؤكدن أن اللجوء لا يعني أن تصبح ذليلا.

مع زيادة أعداد اللاجئات العاملات، بدأ المشروع الصغير "صنعته أم ثائرة" يتطور وينمو. فكرن في تسويق منتجاتهن على الأرصفة لبيعها، وتواصلن مع عدد من المنظمات المدنية ومجموعات تركية للحصول على الدعم، تزامناً مع الترويج لأعمالهن اليدوية عبر صفحات الانترنت وعلى مواقع التواصل الاجتماعي.

وافتتحن معرضهن الأول في مدينة "كلّس"، لعرض أشغالهن التي تمت حياكتها بأيدي اللاجئات من ملابس أطفال وأعلام الثورة وأغطية الطاولات وغيرها، بحضور ودعم من شخصيات تركية بارزة في مدينة "كلّس".

بعد عام ونصف عام من العمل، الذي بدأ بهدف مساعدتهن مادياً، أصبحن اليوم يساعدن غيرهن، فعاد ريع المعارض التي أنجزنها إلى الأسر اللاجئة الأخرى، وخصصن رقماً لشراء منتجاتهن من شبكة الانترنت لدعم الثورة السورية من أي بلد.

واستكمالاً للمشروع افتتحن "مركز كريمات"، الذي يعنى بتمكين المرأة اقتصادياً وثقافياً، وصقل قدراتها باللغة التركية، إلى جانب الدعم النفسي، كما شرحت مديرة المشروع "نجلاء الشيخ"، حيث أنهت اللاجئات أخيراً أولى دوراتهن التدريبية التي تناولت الأسلوب الأمثل لفهم الذات، والثقة بالنفس، وتنمية القدرة على الفعل والتغيير، وكيفية بناء روح الفريق.

وتختم نجلاء حديثها قائلة: "مجتمع اللاجئات يسعى من خلال مشروعاته الصغيرة ومراكزه التنموية، لتأكيد قيمة وكرامة المرأة السورية في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها وما تقاسيه من معاناة، ويسعى لتمكينها في شتى المجالات حتى تأخذ دورها الطبيعي في المجتمع وتصبح أكثر تفاعلاً".

المساهمون