"صبي النارة" حسن.. بقيت القهوة عصيّة عليه

19 اغسطس 2015
يتمنى حسن انتهاء الصيف للعودة إلى المدرسة (حسين بيضون)
+ الخط -

يعود حسن إلى المطعم حزيناً. فالسيارة التي كانت ستقله إلى المسجد لأداء صلاة الجمعة لم تحضر. عاد الطفل السوري مُسرعاً إلى الطاولة الوحيدة التي جلس عليها شخصان في المطعم الواسع، الموجود عند أعلى نقطة في جبل الأربعين في منطقة الضنية (شمال لبنان).

يُحاول استدراك الوقت الضائع الذي قضاه بانتظار السيارة. يعيد ترتيب الفحم على نرجيلة الزبون. كان قد ترك عدته المؤلفة من منقل الفحم والملقط مع الزبون، واستأذنه لأداء الصلاة بلُطف. مر الشهر الأول على عمل حسن كـ "صبي نارة" في المطعم سريعاً. تعلم خلاله إعداد النراجيل وشفط النفس الأول منها قبل تسليمهما إلى الزبون. أيضاً، تعلم إعداد المشروبات الساخنة، وإن ظلت القهوة عصية على الطفل البالغ من العمر 14 عاماً. يحاول إقناع الزبون باختيار الشاي بدلاً من القهوة، بأسلوبه اللطيف نفسه، ومن دون الاعتراف بعجزه عن إعدادها.

يبدأ دوام العمل عند الحادية عشرة ظهراً، ولا ينتهي قبل مُنتصف الليل. لا تُؤثر ساعات العمل الطويلة على تسريحة شعره أو هندامه المُرتب. يبتسم دوماً ويُخاطب السيدات أولاً.

مرت ثلاث سنوات منذ قدومه وعائلته من حي الخالدية في حمص إلى لبنان. يقول: "دخلنا إلى لبنان عن طريق النهر (النهر الكبير الذي يحد بين لبنان وسورية شمالاً)، قبل أن يستدرك: "لا. أتينا عن طريق المصنع (النقطة الحدودية بين لبنان وسورية شرقاً) لأن طريق النهر كانت مُلغمة". يستخدم يديه للإشارة إلى اليمين واليسار. "كانت الطرقات مُلغمة على الجهتين فدخلنا بطريقة نظامية عبر المصنع، بعدما جعلنا الأمن اللُبناني ننتظر وقتاً طويلاً". تُقيم العائلة في قرية عين التينة القريبة من جبل الأربعين. وشجع مالك المطعم "الجيد"، كما يصفه حسن، العائلة على إرساله وشقيقه الأكبر إلى المطعم للعمل خلال فصل الصيف وجني بعض المال. ينام الطفلان في مبنى المطعم بسبب عدم توفر وسيلة مواصلات من وإلى المنزل الصغير الذي استأجره والده. وبالكاد يتمكنان من زيارة أهلهم لساعات قليلة أسبوعياً.

وبعكس باقي التلاميذ، يتمنى حسن انتهاء الصيف للعودة إلى المدرسة. العام الماضي، تفوق على أصدقائه. يرتاد مدرسة مُخصصة للاجئين السوريين. يستغرب الطفل استخدام اللبنانيين اللغة الفرنسية في حديثهم. "العالم يتحدث الإنجليزية وأنا مثلهم". ينتقد بعض العادات والتقاليد التي يجدها غريبة لدى اللبنانيين. يبدأ كل جُملة بعبارة "بلا مؤاخذة". يقول: "بلا مؤاخذة. أنتم اللبنانيون لا تُحبون بعضكم البعض وتكرهون السوريين".

اقرأ أيضاً: شادي لم يعد مهندساً
المساهمون