تسيطر حالة من الترقب والقلق في أوساط المصريين، تحسّباً لموجة غلاء جديدة في يوليو/ تموز المقبل، الذي يراه مثل "البعبع" كثير من "الغلابة" من محدودي الدخل والفقراء.
كثيرون يعتبرون "يوليو" القادم "شهر الجحيم" باعتباره موعداً بداية لزيادة الأسعار كافة، والتي سوف تبدأ بتطبيق زيادة "فاتورة الكهرباء" للمرة السادسة في عهد السيسي على المنازل بنسبة 38%، وهي الأسعار المعلن عنها الشهر الماضي.
وينتظر المصريون بين الساعة والأخرى قرار رفع أسعار الوقود، الذي يباع حالياً للمستهلكين بنسبة تتراوح بين 85% و90% من سعر السوق العالمي، وتنوي رفع سعره 100% بكافة مشتقاته بما فيه غاز المنازل. وهذا يعني رفع الدعم نهائياً على المحروقات.
كما من المقرر أن تطرأ زيادة جديدة على أسعار شرائح المياه خلال الأيام القادمة، بعدما تقدم الجهاز القومي لتنظيم مياه الشرب والصرف الصحي، أخيراً، بطلب إلى مجلس الوزراء لتنفيذ الزيادة السنوية المقررة على تعرفة مياه الشرب والصرف الصحي، بما يثقل أعباء المصريين من الإجراءات الحكومية التي تسببت فيها خلال السنوات الخمس الأخيرة، في موجات غلاء غير مسبوقة عليهم.
موجة الغلاء ستضرب أيضاً أسعار الأدوية من جديد، وكذلك والمواصلات والأجهزة الكهربائية بكافة أنواعها والأدوات المنزلية، وسط توقعات بزيادة جديدة في أسعار كروت شحن المحمول وأجهزة الموبايل والإنترنت الأرضي وأسعار العقارات، ومواد التجميل والمياه المعدنية، وهو ما سوف إلى المزيد من الركود والكساد داخل عدد من القطاعات خاصة الصناعية.
وتلتهم موجة الغلاء الإضافات المحدودة على رواتب العاملين في الحكومة، التي أقرها السيسي نهاية مارس/ آذار الماضي، وشملت رفع الحد الأدنى للأجور بالدولة من 1200 جنيه شهرياً إلى ألفي جنيه، ومنحهم علاوة استثنائية بمبلغ 150 جنيهاً، فضلاً عن زيادة المعاشات بواقع 15 % ورفع الحد الأدنى لها إلى 900 جنيه شهرياً، وهى الزيادة المقرر تطبيقها بداية من يوليو/ تموز القادم.
ويرى عدد من خبراء الاقتصاد أن الحكومة تنفذ برنامجاً اقتصادياً منذ 2016، مدته 3 سنوات مع صندوق النقد الدولي، يتضمن تحرير سعر الصرف، وتطبيق ضريبة القيمة المضافة، وإلغاء دعم الوقود والكهرباء، وتقليص أعداد العاملين في الجهاز الإداري للدولة.
وهذا البرنامج مقابل الحصول على قرض الصندوق البالغة قيمته 12 مليار دولار، حصلت منه مصر على 10 مليارات دولار،حيث أكد الخبير الاقتصادي حاتم القرنشاوي أن الإصلاحات التي تقوم بها الحكومة من زيادات متتالية على الأسعار أصابت الشعب بحالة من اليأس والإحباط، وورفعت عدد الفقراء.
وأضاف القرنشاوي أن الحكومة لم تتخذ الإجراءات التي تكفل حماية الفقراء ومحدودي الدخل، وتكتفي بتصريحات إعلامية لا تغنى ولا تسمن من جوع، وكل ما حاولت فعله هو محاولة منح المواطنين مسكنات مؤقتة لتهدئتهم بعد أن وصلوا إلى حالة الغليان.
وأشار إلى أن من هذه المسكنات صرف علاوة استثنائية وزيادة مرتبات المعاشات اعتباراً من أول يوليو، التي ستقابلها زيادة جديدة في أسعار السلع، ليظل المواطن يتحمل نتائج فشل الحكومة ويتحول يوليو/ تموز إلى كابوس بالنسبة لعموم الناس.
وفي الإطار، يرى عضو مجلس النواب، هيثم الحريري، أن السوق يترقب موجة جديدة من ارتفاعات الأسعار بسبب التضخم الناتج عن رفع أسعار المحروقات والكهرباء، ما يزيد من معاناة المواطنين بعد تحمل ضغوط برنامج الإصلاح الاقتصادي منذ بدايته في 2016.
ويأتي الضغط على المواطن من دون مراعاة البعد الاجتماعي وأحوال الفقراء الذين ازدادوا فقرًا، بحسب النائب الذي أوضح أن رفع الدعم عن المواد البترولية وزيادة أسعار الكهرباء السنوية، تزيد من حالة الاحتقان في الشارع، فالحكومة تنفذ توصيات صندوق النقد الدولي دون النظر إلى مصلحة المواطن.
ولفت إلى أن الحكومة تلقت مطالب عديدة من الخبراء لتأجيل رفع الشريحة الأخيرة من دعم المحروقات لوقت يتلاءم مع الأوضاع الاجتماعية وتراجع الأسعار نسبياً، بعد تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز وتقليل فاتورة الاستيراد، إلا أن الحكومة تصر على التخلص من الدعم، من دون النظر إلى أي مطالب أخرى.