حضرت "سينما الصحراء" في "الملتقى السينمائي"، الذي عُقد للمرة الأولى في مسقط واختتم أول أمس، من خلال عروض أفلام "أصيل" العُماني، و"الهائمون" التونسي، و"دروب" الأسترالي، و"باب البحر" المغربي.
الافتتاح كان مع فيلم المخرج العماني خالد الزدجالي "أصيل"، الذي يتناول العلاقة بين طفل وجَمله، وحلمه أن يفوز بسباق الجمال وتجربة الفقدان التي يعيشها على أكثر من مستوى. تلا العرض قراءة نقدية قدّمها الأكاديمي عبد الكريم جواد، إذ اعتبر أن هناك نقاط ضعف في الفيلم؛ من بينها أن الحدث الدرامي الحقيقي لا يبدأ إلا بعد مضي عشرين دقيقة، الأمر الذي لا يستقيم وتقاليد الفيلم الروائي الطويل بحسب جواد، لافتاً إلى أن موسيقى الفيلم "بدت وكأنها موسيقى خلفية تجميلية لا موسيقى من لحمة العمل الفني، ولا تستقيم مع أجواء البادية ولا مع الأحداث".
أما "الهائمون" للتونسي ناصر خمير، فهو قديم نسبياً، إذ أنتج عام 1986، لكنه يعتبر من أميز أفلام سينما الصحراء. زاد من جمالية العمل الخلفية التشكيلية للمخرج، إذ تبدو القرية النائية التي صوّر فيها وكأنها تموج بالحنين إلى زمن أندلسي مع إيقاع الربابة والموشحات.
عقّبت على "الهائمون"، الباحثة التونسية منيرة حجيج، ورأت أنه يدور بين الحنين إلى الزمن الأندلسي، ومأساة المهاجرين من شمال أفريقيا إلى الضفة الأخرى، وأنه بقدر ما يدوّن حكاية قرية في الصحراء فإنه يبحث في تاريخ الأندلس الغارب، من خلال توظيف مخطوط محمد بن الخطاط القرطبي، إضافة إلى اعتماد موسيقى الفيلم على الموشح الأندلسي.
ومن الصحراء الأفريقية إلى تلك الأسترالية في فيلم "دروب" لمخرجه جون كوران، حيث يعود من خلال بطلته التي قررت خوض رحلة عبر الصحراء، إلى قصة حقيقية لـ روبين دافيدسون، التي قطعت ألفيّ ميل في صحراء أستراليا عام 1977.
الكاتب عبد الله خميس رأى أن "دروب" عكس جانباً واسعاً من ملامح الصحراء الأسترالية وسكانها في القرى المتناثرة، وقدّم صورة لمعاناة العيش فيها. وتطرّق إلى ثيمات الصحراء في هذه السينما من "أرض للصراع بين "الرجل الأبيض" والسكان الأصليين، إلى مأوى للهاربين من العدالة والخارجين عن القانون، وخلفية لأفلام رعب يختطف فيها مجرمون السياحَ الأجانب، وواحة للعزلة خارج المدينة".
أمّا فيلم الاختتام، فكان مع "باب البحر" وقد عُرض بحضور مخرجه المغربي داوود أولاد السيد. العمل يتطرق إلى قصة فتاة تحلم بالهجرة إلى إسبانيا في رحلة محفوفة بالمخاطر في زمن الهجرة السرية.
وعن ظروف تصويره قال أولاد السيد إنه "وبدلاً من التصوير في شمال المغرب لقربه من إسبانيا، فضّلت التصوير في الجنوب (طرفايه) لجماليات الصحراء"، مضيفاً "اخترنا المكان قصداً لوجود الكثبان الرملية العالية والمناسبة لفكرة الفيلم، إلا أن الجهات الرسمية قامت بإزالة الكثبان العالية وتنظيف المكان بحسن نية، ممّا أخّر التصوير شهرين لإعادة تكونّها كما كانت".