تلاحق شركة "سعودي أوجيه"، ثاني أكبر شركة بناء في المملكة العربية السعودية، أزمة مالية جعلتها تعجز عن سداد رواتب موظفيها، البالغ عددهم 56 ألفاً، منذ حوالى خمسة أشهر، ولا تكشف الشركة عادة عن قيمة الرواتب الشهرية للعاملين فيها، إلا أن مصادر قدرتها بنحو 250 مليون ريال سعودي، أي ما يعادل 66.6 مليون دولار.
ويترأس إدارة شركة "سعودي أوجيه" رئيس الوزراء اللبناني السابق وزعيم تيار المستقبل، سعد الحريري، نجل رفيق الحريري، رئيس الوزراء اللبناني، الذي اغتيل في 14 فبراير/شباط 2005.
ونقلت إذاعة فرنسا الدولية (إير.إف.إيه)، أمس الثلاثاء، عن موظفين فرنسيين قولهم إن مشاكل الشركة تعود إلى عام 2013، محملين الإدارة مسؤولية الوضعية الحالية للشركة.
وكشف الموظفون عن حالة خوف تنتاب الموظفين من فقدان وظائفهم، خاصة بعد أن أغلقت حساباتهم المصرفية ولم تجدد بطاقات إقامة بعضهم.
واستنجد الموظفون الفرنسيون، وفق "إير.إف.إيه"، بسفير بلادهم في الرياض، برتران بيزنسينو، الذي وجه في سبتمبر/أيلول الماضي رسالة إلى الحريري يستعجل فيها إنهاء مشكلة عمال الشركة.
وبعد يومين من رسالة السفير الفرنسي، صرفت الشركة راتب شهر سبتمبر/أيلول فقط.
كما تلقى العمال يوم 16 فبراير/شباط الجاري رسالة من الشركة تعهدت فيها بصرف الرواتب بشكل منتظم، اعتباراً من شهر مارس/آذار المقبل.
ولم يصدر حتى الساعة أي بيان من الشركة بشأن شهادات موظفيها، التي بثتها إذاعة فرنسا الدولية.
وكان رئيس مجلس الغرف السعودية، عبد الرحمن الزامل، قد ناشد، منتصف الشهر الماضي، العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، التدخل لحل مشاكل قطاع المقاولات في البلاد، في ظل تأخر سداد مستحقات الشركات وسط تنامي الضغوط على الاقتصاد مع استمرار هبوط أسعار النفط.
وقال الزامل، في خطاب وجهه إلى العاهل السعودي، إن الشركات والمؤسسات العاملة بقطاع المقاولات تعاني من تأخر صرف مستحقاتها لفترة تجاوزت ستة أشهر.
وأضاف: "نضع بين يدي مقامكم الكريم ما تعانيه شركات ومؤسسات القطاع، المنفذة للمشاريع الحكومية، من تأخير في صرف مستحقاتها المالية خلال الفترة الماضية". وتابع: "ذلك أثر على سير أعمال شركات القطاع وأحدث عجزاً لدى الكثير منها حال دون الوفاء بالتزاماتها التعاقدية التي تقدر بمليارات الريالات".
وتابع: "إذا استمر تأخر صرف المستحقات ستكون هذه الشركات والمؤسسات عرضة للتعثر أو التوقف الكلي.. استنفد المقاولون خلال الأشهر الماضية كافة قدراتهم التمويلية الذاتية، وأصبح الأمر ملحاً لتعزيز وضعهم المالي من خلال صرف كافة مستحقاتهم المتأخرة".
وكانت وزارة المالية قد خفضت الدفعة المقدمة التي تصرفها للشركات في عقود المشاريع المبرمة لصالح الجهات الحكومية، فقد قلصت الحكومة عدد المشروعات التي تنفذها، ويقول مسؤولون في القطاع إن هناك تباطؤاً في صرف مستحقات الشركات التي نفذت مشروعات بالفعل.
ولجأت بعض الشركات في الآونة الأخيرة، لأسباب منها تأخر صرف المستحقات، إلى تأخير صرف رواتب العاملين وتسريح آلاف العمال، وبدأ عدد من الشركات مفاوضات لإعادة جدولة الديون.
وتوقع مسؤولون في قطاع المقاولات وخبراء ماليون سعوديون، في تصريحات سابقة لـ"العربي الجديد"، أن يشهد القطاع ضغوطاً كبيرة خلال العامين المقبلين، بسبب نوايا الحكومة المعلنة بتقليص الإنفاق عبر تأجيل المشاريع غير الضرورية، وتمديد مدة بعض المشاريع القائمة، للحد من تآكل الاحتياطي النقدي للبلاد، في ظل استمرار تراجع أسعار النفط، والتي تمول نحو 93% من موازنة الدولة.
وعلى مدى السنوات الماضية، أنفقت السعودية بسخاء على مشاريع البنية الأساسية والنقل والمرافق الصناعية والرعاية الاجتماعية، ما عزّز أرباح شركات المقاولات. لكن المخاوف من تسجيل عجز قياسي في الموازنة العامة للبلاد تلقي بظلالها على نشاط القطاع.
وكان وزير المالية، إبراهيم العساف، قد قال، في سبتمبر/أيلول الماضي، إن الحكومة بدأت في خفض النفقات غير الضرورية مع الاستمرار في التركيز على مشاريع التنمية الرئيسية.
وبلغ حجم العقود الحكومية في عام 2014 أكثر من 39 مليار دولار، بينما بلغ عدد المقاولين المسجلين في السعودية حتى منتصف العام الجاري نحو 115 ألف مقاول.
وتجاوز الإنفاق الحكومي على قطاع الإنشاءات 300 مليار دولار في السنوات الخمس الماضية، وكانت الحكومة تنوي إنفاق ما يقارب 230 مليار دولار إضافية على هذا القطاع بحلول عام 2025، غير أن تراجع أسعار النفط لأكثر من 70% منذ منتصف العام الماضي أجبرها على تغيير هذه الخطط.
اقرأ أيضاً: الزامل يستنجد بالملك السعودي لإنقاذ قطاع المقاولات