"ركوب الموجة": أحزاب وقوى سياسية عراقية تخطط للمشاركة في تظاهرات الجمعة
ناشطون يهددون بالذهاب لمناطق وشوارع أخرى للتظاهر(حيدر حمداني/فرانس برس)
على الجانب الآخر من الاستعدادات التي تجريها مجاميع شبابية وناشطون في بغداد ومدن جنوب ووسط العراق، وأبرزها البصرة، والنجف، وذي قار، والقادسية، وبابل، والمثنى، وواسط، وميسان،
لاستئناف التظاهرات يوم غد الجمعة، تبرز استعدادات لأحزاب وكتل سياسية مختلفة للدخول
على خط تأييد التظاهرات، عبر إشراك أنصارها فيها، وهو ما دفع بعدد من الناشطين إلى التهديد بعزل هؤلاء، عبر الذهاب إلى مناطق وشوارع أخرى للتظاهر.
ومن المرجّح أن تحمل التظاهرات مطالب عدة جديدة، غير تلك التي رفعها المتظاهرون أول مرة في تظاهرات الأول من الشهر الحالي، مثل الوظائف، والقضاء على الفقر، ومحاسبة الفاسدين، حيث أضيف مطلب إسقاط الحكومة، وتعديل الدستور، وتشكيل محكمة لقضايا الفساد، والذهاب إلى انتخابات مبكرة تحت إشراف الأمم المتحدة، وسط تشكيك بنزاهة مفوضية الانتخابات الحالية.
ولم يشفع إعلان نتائج التحقيق بقتل المتظاهرين والانتهاكات التي رافقت عمليات فض التظاهرات بين الأول والثامن من الشهر الحالي، حيث اعتُبر مسيساً ومطعوناً بصدقيته، ولا حتى حزم الإصلاحات التي أعلنها رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، في تهدئة الشارع، إذ ما زالت الاستعدادات جارية على قدم وساق ليوم غد، وسط استعدادات أمنية وانتشار واسع لأفراد الجيش والشرطة، خصوصاً قرب المؤسسات والدوائر الحكومية.
وحتى الآن، أعلن "التيار الصدري" عبر زعيمه مقتدى الصدر تأييده للتظاهرات، فضلاً عن رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، وهو زعيم "ائتلاف النصر" البرلماني، وكذلك "تيار الحكمة" عبر زعيمه عمار الحكيم، عدا عن قيادات في "الحزب الشيوعي العراقي" الذي انضوى تحت عباءة "التيار الصدري"، وباتوا في قرار سياسي واحد.
وقال ناشطون، لـ"العربي الجديد"، إنّهم "يخشون مشاركة الأحزاب السياسية عبر جماهيرها، مثل "التيار الصدري" و"ائتلاف النصر" و"تيار الحكمة"، وأخيراً "الحزب الشيوعي العراقي"، الذي نأى بنفسه عن التظاهرات في أول أيامها، مطلع هذا الشهر، وفي حال شاركت هذه الجماهير بتسميتها السياسية، كأن ترفع صوراً خاصة لزعامات سياسية أو دينية أو شعارات حزبية، فقد يحدث انعزال المحتجين المدنيين إلى ساحات أخرى، ليبقى المحتجون التابعون للأحزاب أبعد عن التظاهر السلمي، الذي دفعه الإحساس بالوطن والمسؤولين والاضطهاد".
وبيّنوا أن "هناك حديثاً في محافظة النجف عن طرد أي متظاهرين يحملون شعارات حزبية، أو من المعروفين بركوب موجة التظاهرات وتحميلها مطالب سياسية".
ويقول علي هاشم، وهو ناشط مدني اعتقلته قوة مسلحة مجهولة في منطقة السعدون بعد ملاحقته على خلفية فض الاحتجاجات بالرصاص الحي، وأفرج عنه عقب أربعة أيام، وقد تعرض للتعذيب والضرب واضطر إلى التوقيع على سلسلة من الأوراق تتعلق بتعهدات مكتوبة بعدم الخروج بتظاهرات واحتجاجات في مدينة بغداد، قال لـ"العربي الجديد": "لن نسمح لأي حزب بركوب موجة الاحتجاجات، فالتظاهرات من الأساس ضدهم جميعاً، ولا نريد أي جهة سياسية أن تحصل على مكتسبات سياسية عبر دماء المتظاهرين الذين يطالبون بحياة كريمة وفرص عمل، سنعمل على عدم الاختلاط بهم وننعزل عنهم، وقد نطردهم من ساحات الاحتجاج، أو نُعلن عن تأجيل التظاهرات"، وفقاً لقوله.
من جهته، قال عضو في البرلمان العراقي لـ"العربي الجديد"، اليوم الخميس، إنّ "دخول تيارات أو كتل سياسية على خط التظاهرات، أمر قد يخرجها من صفة الشعبية إلى غيرها"، وأضاف طالباً عدم ذكر اسمه، أنّ هناك معلومات تتحدث عن أن جماهير "تيار الحكمة"، بزعامة عمار الحكيم، سترتدي الملابس الزرقاء، وهو اللون الخاص بشعار "تيار الحكمة"، أما جماهير العبادي فستسعى إلى الظهور عبر وسائل الإعلام كمتحدثين وممثلين عن المتظاهرين".
وقال عضو "الحزب الشيوعي العراقي" جهاد جليل، إنّ "مشاركة الأحزاب في احتجاجات يوم الجمعة ستؤثر على عفوية التظاهرات، مع العلم أن من حق أي مواطن أن يعبر عن رأيه، ولكن الكتل السياسية تمتلك أدواتها الخاصة في التعامل مع الأزمات، من خلال تمثيلها البرلماني والحكومي، وليس مزاحمة المواطن الذي لا يمتلك صوتاً أو حزباً أو وسيلة إعلام".
وبيّن لـ"العربي الجديد"، اليوم الخميس، أنّ "مشاركة الأحزاب تعني تشويشاً وإرباكاً للعمل الاحتجاجي، وهو نوع من أنواع دعم الحكومة، لأن هذه الكيانات، لو كانت جادة في محاسبة الحكومة، لجمعت التواقيع وأقالتها"، لافتاً إلى أن مشاركة الأحزاب ستدفع الحكومة إلى اتهام التظاهرات بأنها سياسية، وأنها لا تعبر عن رأي الشارع وستلجأ الحكومة في النهاية إلى الحوار مع الأحزاب التي دعت جماهيرها للتظاهر وينتهي الاحتجاج عبر ترضية الأحزاب بالمكاسب والمناصب.
أما المراقب للشأن العراقي علي الحياني، فرأى بدوره، أن "هناك مخاوف على الحراك الجماهيري، والتظاهرات التي ستنطلق غداً الجمعة، لا سيما استمرارها بعفويتها"، مشيراً إلى أن "حركة زعيم "التيار الصدري" مقتدى الصدر بشأن تبني التظاهرات، تعتبر طوق نجاة للحكومة، وقد حدث أن دخل على خط التظاهرات، ولم يحصل المحتجون على مرادهم، فيما حصل الصدر على مكاسب سياسية، وإن الجهات السياسية التي دعمت المحتجين تُعتبر من أركان الفساد في العراق والدمار والخراب".
وأوضح، في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ "هناك عدة أحزاب تسعى لركوب موجة التظاهرات، ولكن الوعي السياسي الكبير والحاضر لدى المتظاهرين المدنيين، سيدفع إلى إبعاد المتحزبين عن الساحات"، مشيراً إلى أن "أحزاباً كثيرة تسعى لركوب الموجة، أهمها "التيار الصدري" و"تيار الحكمة" و"الحزب الشيوعي" وحيدر العبادي، الذي يقدم نفسه كبديل عن الحكومة الحالية، فيما فشل هو بتلبية مطالب المتظاهرين سابقاً (يقصد تظاهرات البصرة في العام الماضي)".
في المقابل، وسّع ناشطون من تعليقهم على وسم بعنوان "لا تركب الموجة"، أُطلق عبر منصات "تويتر" و"فيسبوك" للاعتراض على عزم قوى سياسية المشاركة في التظاهرات. ويقول كرار علي، "أين كان مقتدى عندما تعرض المتظاهرون إلى القتل والضرب، ثم إنك جزء من المشكلة، ومشارك بالعملية السياسية وبفسادها #لا_تركب_الموجة".
بدوره، قال سند الحمداني" "ما أقبح الراكبين موجة تظاهرات فقراء الشيعة المظلومين المحرومين! وهم أسباب هذا البلاء زعامات وسياسيين".