"هيومن رايتس ووتش": الإمارات تحتجز سجناء بعد انتهاء أحكامهم

09 يوليو 2019
دعوة للإفراج الفوري عمن أنهوا محكومياتهم(كريم محسن شبيب/فرانس برس)
+ الخط -

أعلنت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، اليوم الثلاثاء، أن السلطات الإماراتية تحتجز خمسة سجناء إماراتيين على الأقل رغم أنهم أنهوا محكومياتهم منذ مدد تتراوح بين سنة وثلاث سنوات، ناقلة عن نشطاء إماراتيين أن الرجال لا يزالون وراء القضبان لـ "المناصحة" دون أساس قانوني واضح.

وأوضحت المنظمة في تقرير نشرته اليوم أن ثلاثة من المحتجزين حكم عليهم بالسجن سنتين وثلاث سنوات وخمس سنوات بتهم تتعلّق بأمن الدولة، في أعقاب ما يبدو أنها محاكمات جائرة عامي 2014 و2016، وهم الناشطون الرقميون أسامة النجار وخليفة ربيعة وعثمان الشحي. وأشارت إلى أن ربيعة والشحي عضوان في "جمعية الإصلاح"، وهي حركة سياسية إسلامية غير عنيفة مسجلة قانوناً، حظرتها الإمارات عام 2014 على أنها "إرهابية" رداً على الاضطرابات في تونس ومصر وأماكن أخرى؛ بالإضافة إلى بدري البحري وأحمد الملا، وهما ناشطان لهما صلات بالجمعية.

قال نائب مديرة قسم الشرق الأوسط في "هيومن رايتس ووتش"، مايكل بَيج: "حرمان المعتقلين من الحرية لسنوات طويلة بعد انتهاء أحكامهم يُظهر ازدراءً صارخاً لسيادة القانون. لهؤلاء الرجال جميعهم حياة وعائلات ليعودوا إليها، وينبغي ألا يواجهوا احتمال الاحتجاز إلى أجل غير مسمى، وهو أمر قاسٍ وغير قانوني".

وسبق للمنظمة أن وثقت مزاعم خطيرة بانتهاك الإجراءات القانونية وضمانات المحاكمة العادلة في الإمارات، وخاصة في القضايا المتعلقة بأمن الدولة. يشمل ذلك الاعتقالات والاحتجازات التعسفية، وكذلك مزاعم التعذيب وسوء المعاملة في مراكز أمن الدولة.

وأوضح التقرير أن النجار استخدم "تويتر" في حملة لإطلاق سراح والده وغيره من المعتقلين السياسيين في أبوظبي، وانتقاد إدانة 69 مواطناً إماراتياً في يوليو/ تموز 2013 في محاكمة جماعية للنشطاء الذين طالبوا بالإصلاحات السياسية. واعتقلت قوات الأمن النجار في مارس/آذار 2014 واحتجزته دون تهمة لأكثر من 6 أشهر. في نوفمبر/ تشرين الثاني 2014، حكمت عليه محكمة أمن الدولة في المحكمة العليا الاتحادية بالسجن ثلاث سنوات بموجب قانون الجرائم الإلكترونية شديد التقييد، بتهم فضفاضة منها "الإضرار بالمؤسسات" و"التواصل مع منظمات خارجية لتقديم معلومات مضللة". كان من المقرر إطلاق سراح النجار في مارس/ آذار 2017.


في مارس/ آذار 2014، حكمت محكمة أمن الدولة في المحكمة العليا الاتحادية على ربيعة والشيحي بالسجن خمس سنوات بسبب تعليقاتهما على "تويتر" لدعم عشرات المعارضين السياسيين الذين اعتُقلوا عام 2012، وكثير منهم حوكموا جماعياً في يوليو/ تموز 2013. قُبض على الرجلين في يوليو/ تموز 2013 واحتُجزا انفرادياً في أماكن غير معلنة لعدة أشهر قبل محاكمتهما.

وأدين الناشطان بموجب قانون الجرائم الإلكترونية وقانون العقوبات بتهمة الانضمام إلى "التنظيم السري" - في إشارة على ما يبدو إلى جمعية الإصلاح - و"إنشاء وإدارة حسابات على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، ونشر الأخبار والأفكار التي تحرّض على الكراهية وتعكر النظام العام". ورفضت المحكمة إصدار أمر بالتحقيق في مزاعم الرجلين بأنهما تعرضا للتعذيب وسوء المعاملة أثناء الاحتجاز، وكان من المقرر إطلاق سراحهما في يوليو/ تموز 2018.

كذلك اعتقلت قوات الأمن الإماراتية البحري والملا في إبريل/ نيسان 2014. وفي يونيو/حزيران 2016، حكمت عليهما محكمة أمن الدولة في المحكمة العليا الاتحادية بالسجن ثلاث سنوات بتهمة الانضمام إلى "التنظيم السري"، وكان من المقرر إطلاق سراحهما في إبريل/نيسان 2017.

ونقل التقرير عن نشطاء إماراتيين قولهم إن الرجال الخمسة، رغم أنهم أنهوا الأحكام الصادرة بحقهم، موجودون في سجن الرزين بتهمة أنهم توافرت لديهم "الخطورة الإرهابية"، والتي بموجب قانون مكافحة الإرهاب القمعي الإماراتي لعام 2014 يبدو أنه يسمح بالاحتجاز إلى أجل غير مسمى.

وتنص المادة 40 (1) من قانون مكافحة الإرهاب على أنه "تتوفر الخطورة الإرهابية في الشخص إذا كان متبنياً للفكر المتطرف أو الإرهابي بحيث يُخشى من قيامه بارتكاب جريمة إرهابية". توضح المادة 40 (2) أنه يمكن إيداع من يُنظر إليهم على أنه تتوافر لديهم الخطورة الإرهابية بأمر من المحكمة بناء على طلب من نيابة أمن الدولة، في مراكز الاستشارة أو "المناصحة"، والتي تعرفها المادة 1 بأنها "وحدات إدارية تهدف إلى هداية وإصلاح من توافرت فيهم الخطورة الإرهابية أو المحكوم عليهم في الجرائم الإرهابية".

كذلك تنصّ المادة 41 على أنه يجوز للمحكمة إخضاع شخص يُعتبر أنه يشكل خطورة إرهابية لواحد أو أكثر من التدابير خلال المدة التي تقررها المحكمة، بما فيها المنع من السفر أو المراقبة أو حظر الإقامة في مكان معين أو منطقة محددة، وحظر ارتياد أماكن أو محال معينة، ومنع الاتصال بأشخاص معينين.

بموجب المادة 48 من قانون مكافحة الإرهاب، يجوز للمدعي العام وضع شخص مدان بجريمة إرهابية في "برنامج المناصحة" الذي سينفذ في السجن حيث يقضي فيه المحكوم عليه العقوبة، ويتم تنفيذ البرنامج تحت إشراف مركز المناصحة.

وبيّن التقرير أنه في قضيتي البحري والملا، أفادت صحيفة "الاتحاد" الإماراتية في أكتوبر/تشرين الأول 2017 أن المحكمة العليا الاتحادية أيّدت إدانة سابقة تقضي بوضعهما لستة أشهر في مركز للمناصحة، وإخضاعهما للمراقبة، ومنعهما من السفر للفترة ذاتها. قال نشطاء إماراتيون إنه رغم انتهاء مدة العقوبة، لا يزال البحري والملا في سجن الرزين بأبوظبي.

وقال نشطاء إن النجار وربيعة والشحي موجودون أيضاً في سجن الرزين بعد انتهاء الأحكام السابقة بذريعة توافر "الخطورة الإرهابية".

ودعت المنظمة السلطات الإماراتية للتوضيح فوراً ما إذا كان الرجال الخمسة المحتجزون خارج نطاق الأحكام الأصلية يواجهون تهماً بسبب نشاط إجرامي معروف. إذا كان الأمر كذلك، فيجب توجيه تهم إليهم وتقديمهم إلى المحاكمة في أسرع وقت ممكن. إذا لم يكن الأمر كذلك، على السلطات إطلاق سراحهم فورا.

وقال بيج: "بينما تعلن الإمارات للعالم أنها تقود الحرب ضد الإرهاب، مكنّت محاكمها من الأمر بالاحتجاز المستمر لأجل غير مسمى بحق المعارضين والمنتقدين على أسس قانونية واهية. تبدو سلطات الإمارات ملتزمة تماما بسحق جميع أشكال المعارضة السلمية، سواء تم التعبير عنها اليوم أو في الماضي".
المساهمون