"ذا غارديان": أجندة السعودية تفشل بينما تعزز إيران المكاسب

27 ديسمبر 2018
جريمة قتل خاشقجي العنوان الأبرز لفشل بن سلمان (Getty)
+ الخط -
رجّحت صحيفة "ذا غارديان" البريطانية، أن يلاحق الفشل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في عام 2019، بعد سلسلة قراراته التي طبعت العام الحالي، والتي كانت جريمة قتل الصحافي جمال خاشقجي، عنوانها الأبرز، مرجّحة مواصلة إيران تعزيز مكاسبها في المنطقة.

وأشارت الصحيفة، في تقرير، اليوم الخميس، إلى أنّ بن سلمان بدأ من الداخل ما وصفت بأنّها "حزمة إصلاحية طموحة"، لقيت دعماً من الخارج، تلتها "أجندة إقليمية حربية"، وسط علاقة ودية متواصلة "برومانس" مع شخصية أخرى ثلاثينية هي جاريد كوشنر، والذي كان والد زوجته دونالد ترامب قد "بارك" السعودية على اعتبارها "القوة الأبرز" في الشرق الأوسط.

غير أنّ هذا الزخم كله، تذكّر "ذا غارديان"، انهار في سبع دقائق، أي الوقت الذي استغرقته جريمة قتل خاشقجي، داخل قنصلية السعودية في إسطنبول، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

ولفتت إلى أنّ "هذا الاغتيال المروع، قد أدى إلى إعادة النظر في كل جوانب أجندة بن سلمان تقريباً"، مشيرة إلى أنّ "أعمدتها المركزية بدأت تخضع للمراجعة من قبل الحلفاء والمشكّكين الذين كانوا قد تحمّسوا في البداية لولي العهد".


وأضاءت الصحيفة على حقيقة أنّ السنة الجديدة، ستبدأ على وقع سحب مجلس الشيوخ الأميركي الدعم للحملة السعودية العسكرية في اليمن، واتهامه بن سلمان صراحة بأنّه أصدر أمر قتل جمال خاشقجي، وهو ادعاء قيل إنّه بات حجر عثرة أمام ولي العهد في الطريق نحو العرش، والذي بدا وكأنّه كان مؤكداً قبل ثلاثة أشهر.

أما الحصار المفروض على قطر، وهو المشروع الآخر من مشاريع بن سلمان، فيبدو أقل أماناً بالنسبة إلى ولي العهد، وفق الصحيفة، مشيرة كذلك إلى "العداء الثقيل" للسعودية مع كندا، فضلاً عن الإصلاحات الثقافية والاقتصادية المحلية، التي كان من المفترض أن تكون مؤشراً على تأسيس علاقة جديدة بين المواطن والدولة.

ووفق الصحيفة، تبدو حرب اليمن مثيرة للقلق على وجه الخصوص بالنسبة إلى بن سلمان، الذي أدى سعيه وراء ردع إيران عن تأمين موطئ قدم على الجانب الشرقي للسعودية، إلى استنزاف خزائن المملكة، مخلّفاً أعداداً كبيرة من اليمنيين في بلدهم الفقير أصلاً، يواجهون مخاطر سوء التغذية والمرض، من دون أن يحقق شيئاً يُذكر حتى الآن، بمواجهة "العدو اللدود".

وقالت الصحيفة إنّه "إذا استمر وقف إطلاق النار في الحديدة، فسوف تتزايد الضغوط من أجل التوصل إلى تسوية دائمة" في اليمن.

النفوذ الإيراني وتعزيز المكاسب

في المقابل، تشير "ذا غارديان"، إلى أنّ النفوذ الإيراني لا يزال يلوح في الأفق على شرق المملكة، كما هو الحال في لبنان حيث "حزب الله" يتعنّت أمام تشكيل حكومة لا تؤمن لحلفائه تمثيلاً متزايداً، وفي العراق، حيث لا تزال حقيبتا وزارتَي الدفاع والداخلية الأساسيتين شاغرتَين، معتبرة أنّ المواجهة السعودية - الإيرانية، في لعبة تجاذب القوة، يمكن أن تستمر إلى أجل غير مسمى.

وبينما يرجع الفضل لدورها في دعم نظام الأسد المنبوذ دولياً، فقد عززت إيران نفوذها في جميع أنحاء المنطقة. إنها حقيقة تهدف إلى البناء عليها في العام المقبل، بحسب ما تتوقع الصحيفة، مشيرة إلى أنّ الولايات المتحدة تهدف إلى تحويل عام 2019 إلى العام الذي توقِف فيه طهران في مسارها، مع إعادة تشديد العقوبات التي رفعتها إدارة الرئيس باراك أوباما كجزء من الاتفاق النووي.

ولفتت الصحيفة إلى أنّ التحذيرات الأميركية لجميع جيران سورية، بشأن إعادة التجارة عبر الحدود، لا تزال حادة ومستمرة، على غير المتوقع من إدارة ترامب، التي رفعت يديها إلى حد كبير عن المنطقة، باستثناء تركيزها الضيق على دعم بن سلمان، وحماية إسرائيل، ومكافحة ما تبقى من تنظيم "داعش" الإرهابي على الحدود العراقية - السورية.

وذكّرت الصحيفة بأنّ الانسحاب الأميركي من سورية، الذي أعلنه ترامب، على خلاف رغبات وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس، الذي استقال احتجاجاً، أنهى تحالفه مع الأكراد ضد "داعش"، بينما من المتوقع أن يُطلق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قريباً عملية عسكرية لإبعاد المسلحين الأكراد عن حدود تركيا في شرق الفرات.

وهنا أيضاً، فإنّ شبح إيران هو أحد الاعتبارات الدافعة، وفق الصحيفة، مشيرة إلى أنّ منطقة شمال شرق سورية، لا تزال أرضاً خصبة للنفوذ الإيراني بعد "داعش".

ورأت أنّ أنقرة في وضع جيد نسبياً في شمال سورية بالنسبة إلى طهران، وسط علاقة ضعيفة محتملة بين الطرفين في ظل برنامج العقوبات الأميركية، معتبرة أنّ إعطاء تركيا ما تريده في شمال شرقي سورية، مقابل ما تريده واشنطن منها تجاه إيران، هو "حجر الزاوية" في عملية إعادة إرساء العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا، والتي توترت خلال السنوات الثلاث الماضية، مشيرة إلى أنّ أي انفراج أميركي - تركي، على حساب طهران، سيلقى ترحيباً من قبل تل أبيب التي يقلقها الزحف الإيراني الثابت في سورية.


ولفتت الصحيفة إلى أنّ مستقبل أكثر من 2.5 مليون من النازحين السوريين، في محافظة إدلب، على الحدود التركية لا يزال غير مؤكد، مشيرة إلى أنّ الأسد، ومن ورائه روسيا المسانِدة الرئيسية، حاولا تصوير سورية على أنّها باتت مستقرة ومفتوحة للعمل، معتبرة أنّه من غير المرجح أن تتدفق أموال إعادة الإعمار قبل أي نوع من التسوية السياسية.

ولا يزال نصف مواطني البلاد مشردين داخل سورية، أو فروا عبر الحدود، ولم يعد سوى عدد قليل منهم، بينما تقول الأمم المتحدة وجمعيات اللاجئين إنّه من غير المحتمل أن يتغير هذا الوضع في النصف الأول من عام 2019 على الأقل.