يذهب صاحب "الديمقراطية المستحيلة" في مقدّمة الكتاب إلى التعريف بمشروع دراسة مِخيال المجتمع المحلِّي تحت سيطرة داعش في العراق تحديداً، وتنقد التصوُّرات عن المجتمع المحلِّي بتوصيفه حاضنة لهذا التنظيم، فهذا التصور مغلوط بتوصيفه مفهوماً يشخِّص الواقع الفعلي في المجتمعات المحلية، ومغلوط بسبب تجزئته في تحليل الظاهرة.
في الفصل الأول، "الدولة الفاشلة - اختلال بناء الأمة وتعدد الهويات والنزاع"، يرى المؤلّف أن الدولة الفاشلة في العراق هي أساس نمو الحركات التكفيرية واستشرائها، فلولاها لبقي التيار التكفيري محض تيار اجتماعي صغير، محافظ، ومبغوض، محذراً من الخلط بين صعود الإسلام السياسي عموماً، وهيمنة التيار التكفيري عسكرياً وسياسياً على العراق.
يقارب عبد الجبار في الفصل الثاني "الخلافة والأيديولوجيا: التاريخ اللاتاريخي" تحوّل التيار التكفيري إلى التطبيق الفوري لشعار "الخلافة الآن"، حيث الخلافة في الفكر الإسلامي المعاصر رمز تاريخ تليد مَضِيع، ويوتوبيا بناء تاريخ مجيد مقبل.
يحلل الفصل الثالث "الأيديولوجيا والرموز"، عقيدة الدولة الإسلامية وسبب إحيائها خلافة بقيت مضمرة فترات طويلة، أما الرابع "مخيال المجتمع المحلي قبل وبعد الصورة الذاتية وتقلّبات المخيال"، يواصل الباحث دراسة الرموز وعلاقتها بالأيديولوجيا التكفيرية، محللاً مخيال المجتمع المحلِّي السُّني قبل غزو الدولة الإسلامية المدن السنِّية الكبرى وبعده.
في الفصل الخامس "البحث عن مُخَلِّص؟" يتناول عبد الجبار مخيال المجتمع المحلِّي إزاء الدولة الفاشلة، أو دولة اللادولة، منذ عام 2012 الذي يُعَد عام تحوُّل ونكوص، ويعتمد في السادس "مستعمرة العقاب - الحياة اليومية في مجتمع الخلافة" على تلخيص مكثف لمقابلات مباشرة أو تلفونية، فردية وجماعية، وشهادات صوتية أو مدوّنة، عن الحياة اليومية من أناس يؤيدون الدولة الإسلامية جزئياً، وآخرين يرفضونها، أو يخشونها، وكانوا يأملون الفكاك من الدولة الاتحادية، لا لشيء إلا ليقعوا في حمى دولة جزافية.
يرى عبد الجبار في الفصل السابع "الخلافة الريعية والمجتمع المحلِّي - المال المقدَّس والمال المدنَّس" أن دولة الخلافة دولة ريعية ريعها من النفط تحديداً، ودولة مخصَّصات، فهي مُهرِّب للنفط، ومتَلَقٍّ لأعطيات ومعونات من منابع خارجية، حكومية وخاصة.
يبحث الفصل الثامن "مصائر رجال أعمال الطبقات الوسطى" في أوضاع رجال الأعمال بفئاتهم المختلفة في مناطق سيطرة داعش، قبل هذه السيطرة وبعدها، فيما يخلص الفصل التاسع "شيوخ وعشائر - دولة الخلافة والمجتمع التقليدي" إلى أن التصادم بين نثار الشبكات القبَلية والدولة الإسلامية في العراق أنتج حركة الصحوات المضادة للسلفية التكفيرية، وهو تصادم المجتمع المحلي مع هذه الدويلة.
أما في الفصل العاشر "الولاء والاستتابة وإعادة التثقيف"، فيورد المؤلف شهادات أخرى تروي كيف صار التوجه إلى الشباب مادةً للتربية الجديدة والتجنيد، والتعليمات الداعشية بخصوص وسائل الاتصال، ومشكلة الإباحية والتسجيلات الغنائية والخوف والتلقين الجديد في المدارس والرقابة المشددة في مدارس البنات.
في خاتمة الكتاب عرض مكثف لتحولات المخيال المحلي في إطار الحرب الدولية على الإرهاب التي استجرَّت إلى الصراع على أرض العراق قوة دولية عظمى هي الولايات المتحدة؛ وقوة إقليمية كبرى هي إيران؛ وقوة إقليمية أخرى هي تركيا. فعلى الرغم من أن الحرب على الإرهاب اجتذبت قوًى كبرى؛ روسيا وفرنسا، فإن هذه القوى لم تندرج بعد في مخيال المجتمع المحلي، على الرغم مما قد تكتسبه من أهمية في مجمل الصراع الدائر.