"داعش" يقنص أهالي جنوب دمشق ويسرق محاصيلهم

18 يونيو 2015
"داعش" يشارك النظام في تجويع الأهالي (رامي السيد/فرانس برس)
+ الخط -

منذ أكثر من عامين، تعاني العديد من مناطق العاصمة السورية دمشق وريفها من سياسة تجويع ممنهج من قوات النظام السوري، التي تحاصرها بهدف إرضاخها، وقد تكون منطقة جنوب دمشق الأسوأ حالاً بينها، بعدما سجلت أكثر من 160 حالة وفاة بسبب الجوع، بينهم أطفال ومسنون. واليوم، يأتي تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) ليزيد من مأساة أهالي جنوب دمشق عبر حرمانهم من محصول أراضيهم الزراعية في بلدة يلدا.

ويشكو أصحاب تلك الأراضي الملاصقة لدمشق، من قيام التنظيم بمنعهم من دخول أراضيهم وقنصهم من مقاتليه، ما يشكل تهديداً لهم بخسارة محاصيلهم من قمح وخضراوات، يأملون أن تعينهم على الصمود تحت الحصار وتبعد عنهم شبح الموت جوعاً.     

ويقول الناشط الإعلامي في جنوب دمشق رائد الدمشقي، لـ"العربي الجديد"، إن "تنظيم داعش المتمركز في حي ‏الحجر ‏الأسود، يشارك النظام في تضييق الحصار المفروض على المنطقة الجنوبية من دمشق، حيث يحرق محصول القمح في بساتين يلدا، ويقنص الفلاحين الذين يزرعون أرضهم ويمنعهم من سقايتها. واستُشهد، أخيراً، أبو علي البقاعي، وأُصيب شخص آخر بإصابة بليغة في رأسه نقل على إثرها الى المشفى الميداني، وهم من أهالي المنطقة".

اقرأ أيضاً: مقتلة أهل اليرموك: حصار مزدوج من النظام و"داعش" وتجويع 

وأضاف الدمشقي أن "التنظيم يمنع أي شخص من دخول البساتين، حيث يتمركز قناصته في أبنية الحجر الأسود المطلة عليها". موضحاً أن "هذه الأراضي الزراعية هي منطقة مكشوفة وتعتبر منطقة فصل بين "داعش" من جهة، والفصائل المسلحة المعارضة التي تسيطر على جنوب دمشق، من جهة ثانية".

وذكر الناشط الإعلامي بأن "الفصائل المعارضة مرابطة على خط الجبهة من التضامن الى نهاية البساتين من جهة حجيرة وكتيبة الدفاع الجوي التي تتمركز فيها المليشيات الموالية للنظام ومجموعات من القوات النظامية". مضيفاً "ورغم أنهم حققوا تقدماً قبل أسابيع عدة من جهة حي الزين في الحجر الأسود، وسيطروا على مجموعة من الأبنية كانت تقنص مزارع عدة في يلدا، غير أن الوضع مازال سيئاً والمساحات الأكبر مازالت تحت مرمى نيرانهم، ولقد زاد الوضع سوءاً أن القوات النظامية حرقت كذلك أراضي زراعية وشجر زيتون من جهة بساتين حجيرة وكتيبة الدفاع الجوي". 

ورأى الدمشقي أن "داعش يحاول قدر الإمكان الاستفادة من القمح من أجل حصده وسرقة المحصول من الفلاحين". وأضاف "عشرات آلاف المدنيين محاصرين في جنوب دمشق على مرأى العالم العاجز عن إدخال المواد الغذائية".

وتعاني مناطق جنوب دمشق من حصار شديد، ما يجعل المواد الغذائية قليلة، في حين تتوفر، حالياً، كميات محدودة من الخضراوات والخبز عبر المناطق التي أبرمت هدنة مع النظام. ولكن المشكلة أن هذه المواد تباع بأسعار مرتفعة جداً، في وقت يعاني سكان المنطقة من فقر مدقع مع ارتفاع نسبة العاطلين عن العمل، ويبقى النازحون من مناطق ريف دمشق مثل البويضة وحجيرة وعقربا والسبينة والذيابية وغيرها الأسوأ حالاً، وهم مهجرون منذ نحو سنة ونصف السنة ويعيشون في أوضاع مزرية للغاية.

ودفع ذلك العائلات في المنطقة إلى الاعتماد على المساعدات التي تأتيها من ذويها في خارج المناطق المحاصرة، ولكن الغالبية، خصوصاً المهجرة، تنتظر أمام المطابخ الخيرية كي تحصل على وجبة تسد بها رمقها، وفي معظم الأحيان تكون مكونة من بعض الحشائش، إن وجدت، والقليل من الرز والبرغل والعدس، وباتت هذه المطابخ تجهز في هذه الأيام لحملة إفطار صائم، وهي تعاني من نقص التمويل من أجل شراء المواد الأولية.

تجدر الإشارة إلى أن مناطق جنوب دمشق، الممتدة على أحياء القدم والعسالي ومخيم اليرموك والتضامن ويلدا وببيلا وبيت سحم والحجر الأسود، محاصرة منذ نهاية عام 2012، عقب سيطرة فصائل المعارضة عليها. قبل أن يظهر تنظيم "داعش" فيها منذ أكثر من عام وهم مجموعة من مسلحي المنطقة يقدر عددهم بمئات عدة، ويتمركزون في الحجر الأسود، في حين سبق أن حدثت مواجهات عدة، بينهم وبين الفصائل الأخرى، كان آخرها في مخيم اليرموك مع كتائب "أكناف بيت المقدس"، والتي حسمت لصالح داعش، ما دفع عدداً من الفصائل إلى تشكيل غرفة عمليات لقتال التنظيم، جرى إثرها حدوث بعض الاشتباكات قبل أن تعود الأمور وتستقر على حالها.

المساهمون