"داعش" يعيد تنظيم صفوفه على جبهة مطار دير الزور

16 ديسمبر 2014
يستميت النظام للدفاع عن مطار دير الزور العسكري(فرانس برس)
+ الخط -
يعمل تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، بعد أسبوعين على فتح معركته في مطار دير الزور العسكري، على إعادة ترتيب صفوفه على تلك الجبهة، حيث استماتت قوات النظام السوري في الدفاع عنه، ما حال من دون تقدّم التنظيم، حتى اليوم، وسيطرته فقط على خط الدفاع الأول في الجهة الشرقية من المطار، على الرغم من محاولات الاقتحام المتكررة، والتي تخلّلها استخدام ثلاث مفخخات وعدد كبير من العناصر مدعومين بالأسلحة الثقيلة.

وليس مستبعداً أن يكون استخدام قوات النظام لغاز الكلور في مواجهة تقدّم عناصر "داعش" الميداني، هو سبب استعصاء تلك الجبهة على التنظيم، الذي استهدف قبل 3 أيام، مستخدماً عربة مفخّخة بقيادة مهاجر ليبي، نقطة "البناء الأبيض"، ليقتحم عناصره المكان. لكنّ النظام ردّ باستخدام غاز الكلور بكثافة عالية إلى جانب الأسلحة الثقيلة، ما أجبر عناصر "داعش" على التراجع، بعد إيقاع عشرات الإصابات في صفوفهم.

ويقول أحد الضباط المقاتلين في صفوف "التنظيم" على تلك الجبهة المشتعلة، لـ"العربي الجديد"، إنّ "التنظيم اليوم بصدد تغيير الجهة الشرقية التي يحاول اقتحام المطار من خلالها، خصوصاً بعد تحصينها من النظام بشكل كبير"، متوقعاً "نقل المعركة إلى الجهة الغربية من المطار، حيث يحاول جيش الخلافة بقيادة، أبو عمر الشيشاني، إنهاء ما تبقّى من قرية الجفرة للوصول إلى الجهة الغربيّة، إضافة إلى إشغال النظام من نقاط أخرى في محيط المطار".

ويعمل تنظيم "داعش"، وفق المصدر ذاته، على تغيير جهة الاقتحام، وإعداد كميات كبيرة من المفخّخات والانغماسيين، مؤكداً أنّ "المعركة لن تتوقّف، خصوصاً من جانب التنظيم، وهذا ما لمسناه في الاجتماع الأخير مع بعض القادة المهاجرين في التنظيم".
وتبدو المعركة على جبهة المطار أشبه بـ"صراع وجود" بالنسبة إلى الطرفين، ذلك أنّ خسارة النظام في مطار دير الزور، ستكون قاصمة له على المستوى السياسي والعسكري والإعلامي، أما بالنسبة للتنظيم، فهو فيحاول اليوم بذل قصارى جهده لكسب المعركة، التي إذا انتهت بخسارة سيكون وقعها عليه أشدّ من النظام. ويعمل التنظيم، وفق المصدر، للحفاظ على "صورة الجيش الذي لا يقهر، ويحاول قدر الإمكان تعميمها، بل وتفسيرها من ناحية إلهية، فحتّى صموده على جبهة كوباني، أتت لمصلحة دعم هذه الفكرة، مع اعتبار كثيرين صموده أمام المقاتلين الأكراد وفصائل الجيش الحر وطائرات التحالف، وتقاسمه المدينة لمدة 3 أشهر صموداً كبيراً". لذلك يحاول التنظيم اليوم عدم خسارة أي معركة في سبيل هذه الفكرة، وخصوصاً مطار دير الزور العسكري لما له من أهمية على كل المستويات.
من جهة أخرى، تترافق استعدادات "داعش" مع إجراءات أمنيّة مشدّدة، مردّها ربّما إلى طبيعة المعركة أولاً، وطبيعة المنطقة التي يقاتل فيها التنظيم ثانيّاً. فالريف الشرقي أُخضع على يد التنظيم، بعد معارك استمرت 6 أشهر، ولا يزال حتّى اليوم، يخشى غدر بعض الفصائل التي بايعته "بيعة المجبر"، أو بيعة "المتغلب"، كما يصفها التنظيم.

ويقول المصدر إنّ "التنظيم يتخذ في هذه الفترة إجراءات أمنيّة مشدّدة، إذ صادر كل أجهزة الإنترنت والبثّ الموجودة في القرى الملاصقة للمطار والخاضعة له"، موضحاً أنّ "هذه الحالة ليست جديدة على من يقاتل في صفوف التنظيم، ومن المعروف أن الحالة الأمنية أهم من المعركة ذاتها في عرف "داعش"، الذي يحاول الحدّ من كم المعلومات والتسريبات التي تخرج عبر الناس، إضافة إلى الخوف من غدر بعض الفصائل في المنطقة".

وكان "داعش" قد حقق تقدماً كبيراً، في الأسبوعين الماضيين، بسيطرته على الجزء الأكبر من قرية الجفرة المتداخلة مع المطار، مُحكِماً بذلك قبضته على الجهة الشمالية الشرقية منه، حيث بدأ بتحصين النقاط التي سيطر عليها، والتي تُعتبر خط الدفاع الأول عن المطار، علماً أنّه بات يبعد 150 متراً عن أسوار الجهة الشرقيّة للمطار.

في المقابل، تتوزع مناطق سيطرة النظام، بدءاً من داخل المطار، الذي يحتوي على ألفي عنصر، بحسب تقديرات "داعش"، وعلى سرب طائرات "ميغ 21، وميغ 23"، ومدرجين بطول 3.1 كيلومترات، وأكثر من ست مروحيات، يؤكد مقاتلون مرابطون حول المطار أنّ نصفها قد جرى إعطابه في مرابضها.
ويُعتبر مطار دير الزور العسكري، الواقع جنوب شرقي مدينة دير الزور، صمّام أمان للنظام في المحافظة، ويهدّد فقدان السيطرة عليه، بخسارة المحافظة بأكملها. في المقابل، يختلف المطار جغرافيّاً عن مطار الطبقة العسكري، إذ يعتبر أكثر تعقيداً، لتداخله مع مجموعة من الألوية والقطع العسكريّة التابعة للنظام، والممتدة مع المطار في اتجاه الغرب، وهي "لواء التأمين" للجاهزيّة والإمداد، و"الفوج 119" دفاع جوي، إضافة إلى "اللواء 137" مشاة.

وتتمركز داخل المطار كتيبة للمدفعية الثقيلة وسرية للهاون وكتيبة للصواريخ، بالإضافة إلى العديد من الدبّابات والعربات المجنزرة والشيلكا ومدافع الـ23 وأسلحة خفيفة أخرى، ويُعد العميد، بسام حيدر، المسؤول الأول وقائد العمليات داخل المطار.

المساهمون