تؤكد مصادر قبلية مطلعة في مدينة الموصل شمالي العراق لـ "العربي الجديد" أن تنظيم "الدولة الإسلامية" يسعى إلى عقد صفقة مع الحكومة العراقية، تقضي بإطلاقه سراح المئات من عناصر الجيش والشرطة والمسؤولين المحليين الذين يحتجزهم منذ أشهر في مناطق مختلفة من البلاد، في مقابل الإفراج عن معتقلين بارزين في تنظيم "داعش"، اعتقلتهم القوات العراقية خلال الفترة الماضية.
ويقول شيخ قبلي بارز في مدينة الموصل لـ "العربي الجديد" إن تنظيم "الدولة الإسلامية" يحتجز المئات من قوات الأمن والجيش، فضلاً عن مسؤولين محليين وموظفين في سجون سرّية منذ أشهر. ويوضح أن "داعش أوقف عمليات قتل الأسرى منذ أيام، بالتزامن مع تسريبات تشير إلى سعي التنظيم إلى مقايضة المختطفين لديه بمعتقلين من عناصره بينهم قيادات بارزة". ويلفت الشيخ إلى أن "نحو 21 عالما ورجل دين محتجزين أيضاً لدى التنظيم، بسبب رفضهم مبايعة التنظيم والترويج له، فضلاً عن قيادات معروفة وكوادر متقدمة في الحزب الإسلامي العراقي (جناح الإخوان المسلمين في العراق) وشيوخ عشائر".
ووفقاً للمصدر، يتحفظ "داعش" على المعتقلين لديه في كل من الموصل والفلوجة وتكريت. كما أنه نقل قسماً من المعتقلين البارزين لديه إلى سورية قبل أيام. ويوضح أنّ "المعلومات المتوفرة تشير إلى نيّة التنظيم إيجاد آلية لمقايضتهم بعناصر بارزة لديه في سجون الحكومة العراقية".
وعلى الرغم من وجود نص قانوني يمنع رئيس الحكومة العراقية من التفاوض مع الجماعات الإرهابية، إلا أن التنظيم أوقف عمليات الإعدام الجماعية للذين يتم اختطافهم في انتظار التوصل إلى اتفاق على مبادلتهم.
ويقول المحلل السياسي العراقي، فؤاد علي، لـ "العربي الجديد" إنّ "إقدام داعش على تلك الخطوة في حال صحت، فإنها تؤشر إلى مأزق كبير لديه في عمليات التجنيد وإضافة دماء جديدة للتنظيم، ولا سيما على مستوى القياديين بعد نجاح التحالف الدولي في تسديد ضربات موجعة للتنظيم" خلال الفترة الماضية بعد استهدافه بعدد من الغارات تسببت في مقتل عدد من قيادته.
ويرجح علي أن "تكون خطوة داعش محاولة لمحاكاة صفقة راهبات معلولا" التي تمّت قبل أشهر بين النظام السوري من جهة، وجبهة النصرة من جهة ثانية.
من جهة ثانية، وزّع تنظيم "داعش" أمس الأربعاء منشورات في مدينة الموصل عرض فيها ما وصفه منهجيته الشرعية في البقاء والتوسع. وبحسب مواطنين من سكان الموصل، فإنّ التنظيم "اعتبر نزيف الدماء اليومي للمدنيين والمقاتلين التابعين له ضريبة دولة الخلافة"، مشيراً إلى أنّ "الاستمرار فيها سيؤدي في النهاية إلى اعتراف الجميع بالخلافة في سورية والعراق".
ومما جاء في المنشور الذي وزعته عناصر التنظيم في أسواق الموصل "سترون قريباً الجميع يتهافت إلى دولة الخلافة لفتح سفارات وممثليات، وسترون كيف سيكون الإسلام عزيزاً بتلك الدماء والتضحيات التي تراق اليوم".
وتوعّد التنظيم في بيانه من وصفهم بـ "الصليبين والعرب المرتدين بعقاب قاسٍ على يد جنود الخلافة"، فيما صنّف المليشيات المساندة للجيش العراقي بالعدو الأول، معتبراً أن "قتلهم أشهى من قتل عشرة أميركيين". كما توعد "مليشيا حزب الله وأبو الفضل العباس وبدر والعصائب بهجمات مرعبة تطير منها العقول قبل الرؤوس، ومن حيث لم يحتسبوا وفي عقر دارهم".
وتتسم بيانات تنظيم "داعش" في الفترة الأخيرة بالتشنج والإكثار من التهديد والوعيد وتوسيع رقعة تلك التهديدات لتشمل دولا إسلامية وعربية مجاورة للعراق.
ويعزو خبراء في شؤون الجماعات المتطرفة في العراق ذلك إلى سلسلة هجمات مؤثرة وناجحة، نفذتها قوات التحالف في العراق وسورية أفقدت التنظيم الكثير من قدراته العسكرية واللوجستية.