"داعش" يحبس مياه الفرات بسورية ويهدّد العراق بالجفاف



19 اغسطس 2015
يخوض "داعش" حرب مياه ضد الحكومة العراقية(أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -

كشف مسؤولون عراقيون، أنّ تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) احتجز كميات كبيرة من المياه في سد الطبقة بمدينة الرقة السورية، بعدما كانت تركيا قد أطلقتها للعراق، بناءً على طلب من الحكومة في بغداد، لتلافي جفاف بحيرات الجنوب وانخفاض منسوب الفرات إلى أدنى مستوياته.

وتأتي خطوة "داعش" ضمن حرب المياه التي يتبعها التنظيم مع الحكومة العراقية، والتي كبّدت البلاد خسائر مالية كبيرة فضلاً عن المعاناة الإنسانية لملايين العراقيين في وسط وجنوب البلاد.

اقرأ أيضاً: الأمن المائي العربي[1/ 6]..إيران وداعش يدمران مياه العراق

وأوضح مسؤول عراقي في وزارة الموارد المائية في بغداد، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ وفداً عراقياً، هو الثاني من نوعه في غضون أسبوعين، يتواجد منذ يوم الأحد الماضي في دمشق لتدارك مشكلة حبس تنظيم "داعش" لمياه الفرات في سد الطبقة بمدينة الرقة السورية.

ولفت المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، إلى أنّ "العراق دخل مفاوضات مع تركيا حول زيادة إطلاق مياه الفرات المتوجهة إلى العراق بعد جفاف البحيرات والأهوار جنوب ووسط البلاد، بفعل ارتفاع درجات الحرارة وتلاعب داعش ببرنامج انسيابية الفرات عبر السدود في الأنبار غرب البلاد، والتي يسيطر على ثلاثة منها، وهي سد الفلوجة والثرثار والورار. وهو ما يهدد بخروج ثلاث محطات لتوليد الكهرباء بفعل انخفاض مستوى الفرات".

ووفقاً للمسؤول نفسه، فإن أنقرة وافقت على ذلك وأطلقت كميات كبيرة من مياه الفرات، لكن "داعش" قام بحبسها داخل سد الطبقة و"حوّلها إلى مساحات فراغية كبيرة مجاورة وامتنع عن السماح بعبورها باتجاه العراق".

وأوضح المصدر أنّ "الوفود العراقية التي تتوجه إلى دمشق تأتي لبحث سبل إطلاق مياه الفرات، ولا سيما أنّ موظفي السد، هم مهندسون وموظفون يتبعون للنظام السوري ويتلقون مرتباتهم منه، لكنهم يعملون تحت أنظار داعش". ووافق التنظيم على هذا الإجراء في ما يتعلق بموظفي السد بسبب عدم درايته في كيفية إدارة السد ونظامه الإلكتروني مقابل مكاسب أخرى للنظام السوري، بحسب المسؤول.

ويرتبط تنظيم "داعش" مع النظام السوري بجملة تفاهمات مختلفة تتعلق ببعض حقول النفط وأبراج الطاقة وتوريد مشتقات نفطية وأنبوب الغاز المغذي لمحطة دمشق الحرارية الخاصة بتوليد الكهرباء وإدارة سد الطبقة.

وكان وفد عراقي أول قد زار دمشق في الثامن والعشرين من الشهر الماضي تبعه وفد آخر جديد وصل دمشق الأحد للهدف نفسه. لكن هناك شكوكا كبيرة بنجاح الوفد في مهمته، ولا سيما أن النظام السوري لا يملك أي سلطة فعلية على السد أو محيطه باستثناء الموظفين الذين يدفع مرتباتهم منذ نحو عامين ضمن اتفاق مسبق مع تنظيم "داعش" بهذا الخصوص.

وفي حال استمر حبس مياه الفرات من قبل تنظيم "داعش"، فإن العراق معرّض لخسائر كبيرة تصل إلى 5 ملايين دولار شهرياً، إذ ستتوقف ثلاث محطات كهربائية عن توليد الطاقة فضلاً عن قطع المياه عن أكثر من مليون وحدة سكنية جنوب العراق. ويضاف إلى ذلك نفوق وشيك للثروة السمكية في بحيرات ومسطحات مائية جديدة في جنوب البلاد.

ويعدّ نهرا دجلة والفرات من المصادر المائية الأساسية لدى العراق، إذ يعتمد عليهما في تأمين المياه بشكل أساسي على النهرين وروافدهما، والتي تنبع جميعها من تركيا وإيران، وتلتقي قرب مدينة البصرة جنوباً، لتشكل شطّ العرب الذي يصب في الخليج العربي.

في غضون ذلك، أفاد محمد حسين، عضو الوفد المفاوض عن وزارة الموارد المائية العراقية مع الجانب التركي، لـ"العربي الجديد"، بأنّ المسؤولين الأتراك وافقوا على طلب العراق رفع نسبة إطلاق مياه الفرات من 270 مترا مكعبا بالثانية إلى 500 متر مكعب بالثانية لمعالجة الجفاف ونقص مياه الفرات وتعويض كميات كبيرة من المياه التي قام "داعش" بتحويلها إلى بحيرات في الأنبار، فيما كان من المفترض أن تصل إلى الجنوب والوسط العراقي.

ولفت حسين إلى أنّ "الكميات الجديدة لم تصل للعراق، ولدى الاستفسار من الجانب التركي أكد أنه نفذ الاتفاق، لنكتشف بعد يوم أنّ داعش أغلق بوابات سد الطبقة وحوّل مجرى المياه الإضافية إلى مساحات وتجويفات تصل لأكثر من 40 كيلومترا مربعا جنوب وغرب السد". ووفقاً لحسين، فإن "المسؤولين الأتراك، بعد علمهم بالموضوع، ألغوا الاتفاق وعادوا إلى الرقم القديم وهو 270 مترا مكعبا في الثانية الواحدة". واعتبر حسين أن ما يجري عبارة عن "حرب جديدة يشنّها داعش على العراق، وعلى ما يبدو فإن النظام السوري يعارض أي عمل عسكري جوي في السد ومحيطه ضد داعش لأسباب نجهلها حتى الآن".

اقرأ أيضاً: نقص المياه يهدد زراعة العراق