"داعش" ورقة ابتزاز سياسي في العراق تتجاذبها مختلف الأطراف

08 ديسمبر 2018
يستخدم الحشد ورقة "داعش" للبقاء بالمدن(أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -

رغم الهجمات المحدودة لتنظيم "داعش" أو ما تبقى من جيوب وخلايا متناثرة له في مناطق غرب وشمال العراق، إلا أن قوى سياسية عراقية عدة حرصت، خلال الأيام الماضية، على تضخيم خطر التنظيم، حتى وصل الأمر إلى التحذير من سيناريو سقوط المدن مرة أخرى. وتشترك مختلف القوى بهذا الأمر، بحسب ما تقتضي مصلحتها، وغذت ذلك وسائل إعلام عراقية مملوكة لتلك القوى والأحزاب التي خصص بعضها برامج حوارية حول "داعش" وإعادة تجمعه مجدداً وخطره، ما خلق حالة من عدم الاستقرار والقلق بين المواطنين في شمال العراق وغربه.

وباتت القوى السياسية السنية العربية تستخدم ورقة التنظيم في التحذير من أنه سيكون لأي غبن سياسي جديد تبعات على الملف الأمني، فيما تستخدم مليشيات "الحشد الشعبي" وقوى موالية لإيران ورقة "جيوب داعش" كغطاء لتبرير بقاء عشرات الآلاف من عناصر المليشيات داخل المدن والقصبات السنية، في شمال العراق وغربه ووسطه وفي حزام بغداد. وفي المقابل تحذر أربيل من أن التنظيم سيعود بشكل أقوى إذا لم تعد قواتها إلى كركوك وسنجار وباقي المناطق المتنازع عليها، وهو ما يظهر في تصريح الرئيس السابق لإقليم كردستان، مسعود البارزاني، الذي اعتبر، الأسبوع الماضي، أن القضاء على "داعش" في العراق غير حقيقي وما زال التنظيم قوياً.

وفي هذا الإطار، أكد مسؤولون عسكريون في وزارة الدفاع العراقية ببغداد أن جميع التصريحات التي أطلقتها قوى سنية وشيعية وكردية، والتي تتحدث عن دور "داعش" وفاعليته هي إما للابتزاز السياسي أو للإبقاء على وضع غير قانوني أو للحصول على مكاسب من نوع محدد. وقال جنرال بارز في قيادة العمليات العراقية المشتركة في ديوان وزارة الدفاع في بغداد، لـ"العربي الجديد"، إن المدن المحررة، شمال العراق وغربه تحوي حالياً نحو نصف مليون جندي وعنصر أمن، يتوزعون على الجيش العراقي والشرطة الاتحادية وقوات الشرطة المحلية وجهاز مكافحة الإرهاب وألوية التدخل السريع، وأفواج الطوارئ، بالإضافة إلى مليشيات "الحشد الشعبي" بمختلف فصائلها وقوات العشائر. وأوضح أن "آخر التقارير تحدثت عن أن ما بين 500 إلى 600 عنصر فعلي من داعش يتفاعلون أو ينشطون في عمليات إرهابية في كل مدن شمال وغرب العراق، وهذا العدد لا يشكل أي خطورة كما يجري التضخيم له من قبل الساسة العراقيين". وشدد على أن "نشاط عناصر التنظيم في المدن حالياً ضعيف للغاية، وهم بشكل عام منشغلون بتأمين قياداتهم والبحث عن مقرات أو نقاط آمنة لهم، بعد تهاوي عدد من الزعامات أخيراً، جراء الاعتقال أو القتل، في سورية والعراق". بدوره، قال قائد عمليات نينوى اللواء الركن نجم الجبوري، لـ"العربي الجديد"، إن الحديث عن خطر "داعش" وتهديده للمدن غير واقعي، مبيناً أن "الجيش العراقي يمسك بزمام الأمور في نينوى، والعمليات الاستخبارية مستمرة، ونجحنا بتفكيك خلايا إرهابية كثيرة، ولا خوف من أي تهديدات على أمن المواطنين".



وكان البارزاني قد قال في مؤتمر صحافي الأسبوع الماضي، إن "داعش لم ينته وقد عاد إلى عدد من مناطق بشكل أسوأ من قبل، وخطره أكبر من السابق". واعتبر أن "المعركة الآن معه أصعب، وقد عاد إلى مناطق في نينوى وصلاح الدين وديالى بشكل علني". وأضاف أن التنظيم "عاد بقوة، لأن الأسباب التي أدت إلى ظهور داعش والقاعدة لم تعالج". وفي المقابل، فسرت تصريحات رئيس الحكومة، عادل عبد المهدي، من أن "داعش" عاد لينشط مجدداً على الحدود السورية العراقية، وأنه خطر على أمن نينوى، على أنها ورقة ضغط سياسية على الكتل للإسراع بالاتفاق على تسمية وزيري الداخلية والدفاع، فيما دعا رئيس لجنة الأمن والدفاع السابق والقيادي في التيار الصدري، حاكم الزاملي، إلى الحذر من خطر "داعش"، معتبراً، في تصريحات لوسائل إعلام محلية، بأن خطر التنظيم ما زال قائماً.

في هذه الأثناء، تحرص قوى سياسية سنية على التحذير من خطر عودة التنظيم في كل مناسبة، عازية ذلك إلى استمرار الانتهاكات بمجال حقوق الإنسان والحيف الذي يلاقيه سكان تلك المدن واستمرار سياسة التهميش والإقصاء. وقال عضو التيار المدني العراقي، صفاء العلي، إن "القوى الطائفية العراقية هي فقط من تستخدم ورقة داعش، سواء السنية منها أو الشيعية وحتى الكردية، لتحقيق مكاسب، رغم أنها متورطة في صناعة التطرف بشكل أو آخر". وأضاف العلي، لـ"العربي الجديد"، أن "وجود أجندة لكل طرف من الأطراف السياسية يجعلها تستخدم ورقة داعش بما يخدم مصالحها، لكن الحقيقة أن التنظيم انتهى في نفوس سكان المدن الشمالية والغربية قبل أن ينتهي عسكرياً، بعد أن اكتشفوا زيف ادعاءاته". واعتبر أن "النفوذ الإيراني في المدن الشمالية والغربية، واستفزازات المليشيات وتنصل الحكومة من وعود إعمار وتأهيل المدن المحررة، هي الخطر الوحيد على السكان واستقرارهم بالوقت الحالي".