"حرب من دون شهود" في مناطق سيطرة المتطرفين

13 أكتوبر 2014
الفائزون بجائزة بايو- كالفادوس للمراسلين الحربيين (Getty)
+ الخط -
باتت المناطق التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) في سورية والعراق التي تحفل بعمليات الخطف والإعدامات وكراهية الصحافيين الغربيين، مناطق يسودها تعتيم إعلامي يوقع المراسلين في حيرة من أمرهم.
وقال جان-بيار بيران، كبير مراسلي صحيفة ليبيراسيون الفرنسية "لا نعرف ماذا يحصل في الفلوجة (500 ألف نسمة) والرمادي والموصل (مليونا نسمة)، وهي مدن كبيرة وفق التصنيف الفرنسي".
وأضاف بيران في تصريح لوكالة "فرانس برس"، على هامش تسلمه جائزة بايو-كالفادوس (فرنسا) للمراسلين الحربيين التي منحت السبت، "أنها حرب من دون شهود. التاريخ يتعرض للتزوير. والشهادات التي ستتوفر لاحقاً لن تكون لها القيمة ذاتها (للنقل المباشر الحيني). فالذاكرة تغير كل شيء".
وحتى المصور البلجيكي المستقل، لوران فان در ستوك، الذي حصل مراراً على جوائز لتحقيقاته في سورية في 2012 و2013، والمعروف بشبكات علاقاته الميدانية، "لن يذهب" الى منطقة يسيطر عليها تنظيم "الدولة الاسلامية".
وأقر جان-فيليب ريمي الصحافي في "لوموند" الذي أنجز تحقيق 2013 في سورية مع لوران فان در ستوك، بـ"فشل" التغطية. وأضاف "عندما يتحول الصحافي طريدة أو يستخدم في آلة دعاية، يصبح الأمر بالغ التعقيد".
ومنذ آب/أغسطس، قطع تنظيم الدولة الاسلامية رؤوس أربع رهائن غربيين، منهم صحافيان أميركيان.
وقال كريستوف ديلوار، الأمين العام لمنظمة "مراسلون بلا حدود" إن "تنظيم الدولة الإسلامية يبني قسماً من أسطورته على العنف الذي يمارسه على الصحافيين، والتعتيم على ما يحصل في الداخل". وأضاف "للأسف لم يعد ممكناً تغطية النزاع إلا من خلال مصادر غير مباشرة".
واعترف رئيس لجنة تحكيم جائزة بايو 2014 الصحافي الأميركي، جون راندال، الذي كان مراسلاً حربيّاً لصحيفة واشنطن بوست طوال ثلاثين عاماً، بأنه "يشعر بالتشاؤم الشديد".
وقال "لا يقتصر الأمر على عدم قدرتنا على الذهاب الى أرض المعركة، بل إن هذه المجموعات المتطرفة باتت تتحكم في جميع وسائل الإعلام الحديثة وشبكات التواصل الاجتماعي".
من ذلك أن "ريبورتاجا" أنجز في "الخلافة" التي أعلنها التنظيم المتطرف في سورية والعراق، بثّ على موقع "فايس نيوز" الإخباري في نيويورك. لكن هذا الشريط الوثائقي الذي أنجزه الصحافي البريطاني-الفلسطيني مدين ديرية أثار جدلاً.
وأكد لوران فان در ستوك "أنه شريط دعائي". وأضاف أن الشريط يجعلنا "أحيانا نشعر أن تنظيم الدولة الاسلامية نفسه هو الذي يصور المشاهد"، و"هذا يعني أنه لم يسمح إلا لصحافيين يشاطرونه عدداً من القيم بدءا بالدين بالذهاب معه الى الميدان لتصوير الشريط".
ومن اريتريا الى منطقة بلوشستان في باكستان مروراً بأفغانستان التي يتعذر الوصول إلى بعض مناطقها إلا بعد شهر من المشي، لا يعتبر "التعتيم الإعلامي" مسألة جديدة، كما تقول منظمة "مراسلون بلا حدود". لكن "ثمة تحول أيديولوجي" كما يقول جان-بيار بيرين الذي نقل وقائع الحرب في أفغانستان منذ فترة الاحتلال السوفييتي.
وأوضح أن "التنقل مع مجاهدين لم يكن ينطوي على مخاطر تزيد عن تلك الملازمة للحرب كأن يقتلك الجيش السوفييتي أو ينفجر لغم تحت قدميك أو تسقط ضحية عمليات قصف. لكنه لم يكن يعني بالضرورة أن تتعرض للخطف والضرب والتعذيب والإعدام. لم يكن الصحافي يعتبر عدواً".
ولاحظ جان-فيليب ريمي الظاهرة في الصومال. وقال "مررنا بمرحلة أولى كانت تنطوي على كثير من المخاطر، لكنها مخاطر مقبولة من نوع زعماء حرب أشرار يطلقون النار لسبب أو من دونه. لكن عندما ظهر البعد الأيديولوجي وبدأت حركة الشباب الإسلامية في التمدد، قالوا "لم نعد نريد التحدث إلا مع صحافيين من الأفضل أن يكونوا صوماليين، مسلمين، ونعرفهم منذ فترة طويلة". إذاك انتهى كل شيء. ولهذا السبب، اختفت المقالات العميقة القيمة الجديرة بالقراءة".

 

المساهمون