في السنوات الأخيرة، جسد، محمد رمضان، ظاهرة حقيقية في السينما والتلفزيون بمصر، وحقق ذروة نجاحه في رمضان 2016 مع مسلسل "الأسطورة"، حين وصل الأمر إلى إذاعة المسلسل في المقاهي وتجمع الجماهير لمشاهدته، في ظاهرة لم تحدث لأي مسلسل أو نجم آخر.
رمضان دومًا كـ "بلطجي شعبي"
ولكن ما حدث بعد ذلك، أنّ رمضان قرَّر المغامرة والخروج عن الأدوار المعتادة التي حقق فيها ذروة نجاحاته كشخصٍ خارج عن القانون من طبقةٍ شعبيّةٍ، ليفشلَ أوَّلاً مع فيلمه الكوميدي "آخر ديك في مصر"، قبل أن يُحقِّق نجاحاً أقلّ كثيراً من المتوقع لفيلمه الجديد "جواب اعتقال"، والذي يجسد فيه دور "إرهابي" وقائد الجناح العسكري في إحدى الجماعات المتطرفة، ليكون السؤال، هل المستوى المتواضع للفيلم هو السبب في عدم إقبال الناس عليه بالكثافة المتوقعة، وفقدانه صدارة ووصافة الأفلام في عيد الفطر أمام أحمد السقا وتامر حسني؟ أم أن الأمر في صورته الأبعد له علاقة بعدم رغبة الجمهور في رؤية رمضان بعيداً عن دور "البلطجي الشعبي"؟ يبدأ الفيلم بعملية إرهابية تستهدف الشرطة والداخلية المصرية، قائد العملية هو "خالد الدجوى"، قائد الجناح العسكري بالجماعة، والذي يعاني خلال الفيلم من 4 معضلات: الأولى، ملاحقته من الداخلية من قبل ضابط الشرطة "محمد" (إياد نصار)، والثانية، رغبة أخيه "أحمد" (محمد عادل) في الانضمام للجهاد في الجماعة بينما يرفض "خالد" ذلك، والثالثة، حبه لـ"فاطمة" (دينا الشربيني) ابنة عمه التي ترفض الزواج منه بسبب نشاطه الإرهابي وقسوته المفرطة، وأخيراً، مع قادة الجماعة أنفسهم (سيد رجب وصبري فواز).
حوارات ساذجة
وتتعقَّد الحبكة حين يقرر ضابط الشرطة الاستعانة بابنة عم خالد من أجل الإيقاع به وبالجماعة، وباستمرار الأخ في سعيه لتنفيذ عمليات إرهابية. هناك العديد من الكوارث الفنية في هذا الفيلم، على رأسها، ربما، الصورة الكاريكاتيرية التي يتم تقديم "الإرهاب" بها، والتي لا تبتعد أبداً عن أفلام نادية الجندي القديمة، وتقتصر على كون الإرهابيين هم "شياطين ذوي لحى"، يقتبسون آيات قرآنية في كل جملة حوار، يتجادلون ببلاهة ودموية حول القتل والعمليات القادمة، دون أي تعمق أو محاولة لخلق صورة أكثر قرباً من شخص "الإرهابي" (مثلما فعل عادل إمام ولينين الرملي مثلاً في الفيلم الذي حمل نفس الاسم عام 1993). فمن ثاني مشهد، نرى "خالد" وهو يطلب "أموال العملية التي قام بها"، ومبكراً يخلق الفيلم صورة "تجار الدين"، دون أن يفصل محمد سامي "رأيه الشخصي في الإرهاب"، وهو مسطح جداً بالمناسبة، عن "محاولة تقديم شخصية حقيقية في عالم درامي"، ليتحوَّل الفيلمُ كاملاً إلى تجريدٍ كاملٍ من السياق الزمني، وشخصيات كاريكاتيرية تتحدَّث على هوى المخرج وتكاد تنطقُ أنَّها شريرة، وحوارات ساذجة تصل إلى أكثر حالاتها كوميدية في خطبة "خالد" لقائد الجماعة في أواخر الفيلم، والتي يتحدث فيها عن أن لا علاقة بين الإسلام والإرهاب، وتنتهي بقوله "ربنا بريء مني ومنك ومن أمثالنا". لتتحدث الشخصية بصورة كاملة بلسان المخرج والبطل، بعيداً عن أي دراما!
شخصيّات بلا روح
وعلى قدرٍ موازٍ من الرداءة، يقرَّر الفيلم أن يكون منشوراً تابعاً لوزارة الداخلية، والتي تدور خطتها حول "تصوير الجماعة من الداخل" من أجل مواجهة الرأي العام! وفي الوقت الذي تمتلئ فيه الساحات القضائية بأحكام إعدام واعتقالات واختفاءات مستمرة من قبل الشرطة والسلطة المصرية الانقلابيَّة في "الحرب على الإرهاب"، فإن الفيلم يتحدث عن عالمٍ موازٍ وضباط شرطة أقرب للملائكة؛ يعرفون أن "خالد" قائد للجناح العسكري، ويعرفون قادة الجماعة الباقين ولكنهم ينتظرون وجود "دليل مصور"، في واحدة من أضعف الحبكات التي قدمت في السينما المصرية منذ وقت طويل.
خفوت نجوميّة الممثلين
على المستوى الدرامي أيضاً يعاني الفيلم منذ العشر دقائق الأولى دراماً، إذ يدرِكُ المشاهد أن تحوُّل الأخ الأصغر إلى الجانب الجهادي سيكون محور الحبكة، ليسير كلُّ شيء تبعاً للنمط المرسوم، وهو نمطٌ مرتبطٌ أيضاً بالممثّل محمد رمضان نفسه الذي يتحول مع نهاية الفيلم إلى "إرهابي يحارب الجماعة الإرهابية" انتقاماً لأخيه، وهي صورة ختامية (أيقونية لرمضان) يسير الفيلم ناحيتها بتعسف منذ اللحظة الأولى، وفي المقابل، جعلته رتيباً ومتوقعاً وممتلئاً بالـ"كليشيهات". فيما كانت علاقته بـ"فاطمة" وعلاقتها في المقابل بضباط الداخلية شديدة السذاجة والقدم، لدرجة أنَّ محورها الرئيسي هو زرع كاميرات في ملابس "خالد" من أجل تصويره مع قادته! لتكون النتيجة الدرامية النهائية مُفكَّكة جداً. وأمام كل تلك الكاريكاتيرية في كتابة الفيلم فإن أداءات الممثلين لم تبتعد عن ذلك، حتى أن مواهب بقيمة إياد نصار وسيد رجب ودينا الشربيني قدموا حضوراً باهتاً جداً، كأنهم ينتهون من واجب ثقيل مع شخصيات بلا روح ولا عمق، فيما كان محمد رمضان مقتنعاً أن الوجه المتجهم والصياح الدائم كافيان لجعله "إرهابياً"، ليقرر الجمهور في تلك المرة ألا يجعله "رقم واحد" كما يتغنى دائماً، بل جعله ثالثاً في صراع إيرادات العيد، في إشارة تحذيرية ثانية لخفوت النجومية.
اقــرأ أيضاً
رمضان دومًا كـ "بلطجي شعبي"
ولكن ما حدث بعد ذلك، أنّ رمضان قرَّر المغامرة والخروج عن الأدوار المعتادة التي حقق فيها ذروة نجاحاته كشخصٍ خارج عن القانون من طبقةٍ شعبيّةٍ، ليفشلَ أوَّلاً مع فيلمه الكوميدي "آخر ديك في مصر"، قبل أن يُحقِّق نجاحاً أقلّ كثيراً من المتوقع لفيلمه الجديد "جواب اعتقال"، والذي يجسد فيه دور "إرهابي" وقائد الجناح العسكري في إحدى الجماعات المتطرفة، ليكون السؤال، هل المستوى المتواضع للفيلم هو السبب في عدم إقبال الناس عليه بالكثافة المتوقعة، وفقدانه صدارة ووصافة الأفلام في عيد الفطر أمام أحمد السقا وتامر حسني؟ أم أن الأمر في صورته الأبعد له علاقة بعدم رغبة الجمهور في رؤية رمضان بعيداً عن دور "البلطجي الشعبي"؟ يبدأ الفيلم بعملية إرهابية تستهدف الشرطة والداخلية المصرية، قائد العملية هو "خالد الدجوى"، قائد الجناح العسكري بالجماعة، والذي يعاني خلال الفيلم من 4 معضلات: الأولى، ملاحقته من الداخلية من قبل ضابط الشرطة "محمد" (إياد نصار)، والثانية، رغبة أخيه "أحمد" (محمد عادل) في الانضمام للجهاد في الجماعة بينما يرفض "خالد" ذلك، والثالثة، حبه لـ"فاطمة" (دينا الشربيني) ابنة عمه التي ترفض الزواج منه بسبب نشاطه الإرهابي وقسوته المفرطة، وأخيراً، مع قادة الجماعة أنفسهم (سيد رجب وصبري فواز).
حوارات ساذجة
وتتعقَّد الحبكة حين يقرر ضابط الشرطة الاستعانة بابنة عم خالد من أجل الإيقاع به وبالجماعة، وباستمرار الأخ في سعيه لتنفيذ عمليات إرهابية. هناك العديد من الكوارث الفنية في هذا الفيلم، على رأسها، ربما، الصورة الكاريكاتيرية التي يتم تقديم "الإرهاب" بها، والتي لا تبتعد أبداً عن أفلام نادية الجندي القديمة، وتقتصر على كون الإرهابيين هم "شياطين ذوي لحى"، يقتبسون آيات قرآنية في كل جملة حوار، يتجادلون ببلاهة ودموية حول القتل والعمليات القادمة، دون أي تعمق أو محاولة لخلق صورة أكثر قرباً من شخص "الإرهابي" (مثلما فعل عادل إمام ولينين الرملي مثلاً في الفيلم الذي حمل نفس الاسم عام 1993). فمن ثاني مشهد، نرى "خالد" وهو يطلب "أموال العملية التي قام بها"، ومبكراً يخلق الفيلم صورة "تجار الدين"، دون أن يفصل محمد سامي "رأيه الشخصي في الإرهاب"، وهو مسطح جداً بالمناسبة، عن "محاولة تقديم شخصية حقيقية في عالم درامي"، ليتحوَّل الفيلمُ كاملاً إلى تجريدٍ كاملٍ من السياق الزمني، وشخصيات كاريكاتيرية تتحدَّث على هوى المخرج وتكاد تنطقُ أنَّها شريرة، وحوارات ساذجة تصل إلى أكثر حالاتها كوميدية في خطبة "خالد" لقائد الجماعة في أواخر الفيلم، والتي يتحدث فيها عن أن لا علاقة بين الإسلام والإرهاب، وتنتهي بقوله "ربنا بريء مني ومنك ومن أمثالنا". لتتحدث الشخصية بصورة كاملة بلسان المخرج والبطل، بعيداً عن أي دراما!
شخصيّات بلا روح
وعلى قدرٍ موازٍ من الرداءة، يقرَّر الفيلم أن يكون منشوراً تابعاً لوزارة الداخلية، والتي تدور خطتها حول "تصوير الجماعة من الداخل" من أجل مواجهة الرأي العام! وفي الوقت الذي تمتلئ فيه الساحات القضائية بأحكام إعدام واعتقالات واختفاءات مستمرة من قبل الشرطة والسلطة المصرية الانقلابيَّة في "الحرب على الإرهاب"، فإن الفيلم يتحدث عن عالمٍ موازٍ وضباط شرطة أقرب للملائكة؛ يعرفون أن "خالد" قائد للجناح العسكري، ويعرفون قادة الجماعة الباقين ولكنهم ينتظرون وجود "دليل مصور"، في واحدة من أضعف الحبكات التي قدمت في السينما المصرية منذ وقت طويل.
خفوت نجوميّة الممثلين
على المستوى الدرامي أيضاً يعاني الفيلم منذ العشر دقائق الأولى دراماً، إذ يدرِكُ المشاهد أن تحوُّل الأخ الأصغر إلى الجانب الجهادي سيكون محور الحبكة، ليسير كلُّ شيء تبعاً للنمط المرسوم، وهو نمطٌ مرتبطٌ أيضاً بالممثّل محمد رمضان نفسه الذي يتحول مع نهاية الفيلم إلى "إرهابي يحارب الجماعة الإرهابية" انتقاماً لأخيه، وهي صورة ختامية (أيقونية لرمضان) يسير الفيلم ناحيتها بتعسف منذ اللحظة الأولى، وفي المقابل، جعلته رتيباً ومتوقعاً وممتلئاً بالـ"كليشيهات". فيما كانت علاقته بـ"فاطمة" وعلاقتها في المقابل بضباط الداخلية شديدة السذاجة والقدم، لدرجة أنَّ محورها الرئيسي هو زرع كاميرات في ملابس "خالد" من أجل تصويره مع قادته! لتكون النتيجة الدرامية النهائية مُفكَّكة جداً. وأمام كل تلك الكاريكاتيرية في كتابة الفيلم فإن أداءات الممثلين لم تبتعد عن ذلك، حتى أن مواهب بقيمة إياد نصار وسيد رجب ودينا الشربيني قدموا حضوراً باهتاً جداً، كأنهم ينتهون من واجب ثقيل مع شخصيات بلا روح ولا عمق، فيما كان محمد رمضان مقتنعاً أن الوجه المتجهم والصياح الدائم كافيان لجعله "إرهابياً"، ليقرر الجمهور في تلك المرة ألا يجعله "رقم واحد" كما يتغنى دائماً، بل جعله ثالثاً في صراع إيرادات العيد، في إشارة تحذيرية ثانية لخفوت النجومية.