"تقرير التعذيب" يعرّض الاستخبارات البريطانية لخطر التحقيق

13 ديسمبر 2014
لم يتطرق ملخص الكونغرس لدور الاستخبارات البريطانية(دان كيت وود/Getty)
+ الخط -

فشلت الحكومة البريطانية في إخفاء دورها بعمليات اعتقال ونقل متهمين وتعذيبهم، والتي كشف عنها تقرير الكونغرس الأميركي قبل أيام، إذ اعترف المتحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، أمس الجمعة، بأن أجهزة الاستخبارات البريطانية طلبت من وكالة الاستخبارات الاميركية "سي أي ايه" حجب فقرات في تقرير الكونغرس تتعلق بدور الجهات الأمنية البريطانية في عمليات التحقيق مع المتهمين بالإرهاب في سجون أجنبية سرية.

وخلا الملخص، الذي نشره الكونغرس في 499 صفحة، تماماً من أي ذكر أو إشارة لأجهزة الاستخبارات البريطانية "ام أي 5" و"ام أي 6" أو لجزيرة "ديغو غارسيا" البريطانية التي عرفت كونها محطة ترانزيت للطائرات التي نقلت المتهمين من أماكن مختلفة نحو العالم باتجاه معتقل غوانتنامو وغيره من السجون الأميركية السرية. إلا أن حجب أجزاء واسعة من التقرير أثار تكهنات مفادها أن ملخص الكونغرس لم يأت على دور حلفاء الولايات المتحدة في عملية تسليم المشتبه فيهم، والتي كانت تقتضي تسليمهم إلى دول أخرى للتحقيق معهم ومحاولة استخلاص المعلومات منهم، باستخدام أساليب عنيفة معهم ومنها التعذيب، وهو ما أثار شكوكاً حول إخفاء دور للاستخبارات البريطانية، وربما تورط بعض الوزراء في غضّ الطرف عن تجاوزات ارتكبها عناصرالـ"سي أي إيه".

وقد أكدت الصحف البريطانية الصادرة أمس الجمعة، وبشكل قاطع، طلب الاستخبارات البريطانية من المسؤولين الأميركيين حجب دورها في العمليات التي ذكرها ملخص تقرير الكونغرس، واستعمال الأجهزة الأمنية البريطانية لأدلة انتزعت بالتعذيب من المتهمين المعتقلين في غوانتنامو، بل أكدت صحيفة "ديلي تلغراف" البريطانية أن "الجهات الاميركية استجابت للطلب البريطاني".

ولم تمضِ ساعات على نشر ملخص تقرير الكونغرس الأميركي، حتى تزايدت الضغوط على الحكومة البريطانية لفتح تحقيق حول دور استخباراتها الخارجية "ام أي 6" في خطف وتعذيب متهمين. وانتقدت صحيفة "الغارديان" البريطانية تواطؤ المملكة المتحدة مع فضيحة التعذيب، مؤكدةً أن تلك الجريمة من شأنها خلق المزيد من الجهاديين. ورأت الصحيفة أنه لا ينبغي السكوت عن تواطؤ بريطانيا في التعذيب الممنهج، الذي قامت به وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية للسجناء. وأضافت الصحيفة "أن الجميع يعلم قضية عبد الحكيم بلحاج وزوجته، اللذين تم اختطافهما من قبل الـ"سي آي إيه" بالاشتراك مع الاستخبارات البريطانية "إم أي 6" وإرسالهما إلى ليبيا حيث تعرضا هناك للتعذيب على يد نظام معمر القذافي".

وسارع نائب رئيس الوزراء البريطاني، نيك كليج، الى محاولة امتصاص الاستياء الإعلامي، الذي قد يؤدي الى تحريض الرأي العام بالإعلان عن تأييده فتح تحقيق في ما إذا كانت الاستخبارات البريطانية قد شاركت في وقائع تعذيب للمشتبه في صلاتهم بالإرهاب قامت بها الـ"سي آي إيه"، إذا فشلت تحقيقات أخرى في كشف الحقيقة.

أما صحيفة "تايمز" البريطانية فشككت في جدية الحكومة البريطانية في التحقيق في تورط مسؤولين ووزراء بـ"غض الطرف" عن الممارسات التعسفية للاستخبارات الأميركية. ونقلت عن مصادر أمنية أن التحقيق البرلماني في دور أجهزة الاستخبارات البريطانية في عمليات التعذيب الأميركية لن يبدأ قبل ستة أشهر على الأقل، أي بعد الانتخابات العامة في مايو/ أيار المقبل.

ويُتهم جهازا الاستخبارات الداخلية (إم.آي 5) والاستخبارات الخارجية (إم.آي 6) في بريطانيا منذ سنوات بالتواطؤ في إساءة معاملة من يشتبه بأنهم متشددون.

وعلى الرغم من تأكيد مسؤولين في الجهازين عدم استخدام التعذيب بتاتاً للحصول على معلومات، ونفي وزراء أيضاً معرفتهم بنقل مشتبه بهم إلى الخارج لتعذيبهم، إلا أن تحقيقاً ترأسه القاضي المتقاعد بيتر جيبسون وأمر به رئيس الوزراء ديفيد كاميرون خلص العام الماضي إلى أن الاستخبارات البريطانية كانت على دراية بإساءة السلطات الأميركية معاملة المشتبه بهم.