بالتزامن مع صدور قرار المحكمة الابتدائية في مدينة الرشيدية منذ أيام، بحبس أحمد وايحمان رئيس المرصد المغربي لمناهضة التطبيع مدة شهر، على خلفية احتجاجه ضدّ حضور شركة إسرائيلية في "معرض أرفود للتمور"، تتصاعد الدعوات المندّدة بمشاركة فنانين مغربيين في ما يسمّى "بينالي القدس" الذي يتواصل حتى الثامن والعشرين من الشهر الجاري، بتنظيم من مؤسسات صهيونية في مدينة القدس المحتلة.
المشهد المغربي يكشف عن حراك شعبي مكثّف ومتعدّد الأوجه في مواجهة محاولات الاختراق التي لا تملّ جهات رسمية وأهلية من تكرارها للتعامل مع دولة الاحتلال في مختلف القطاعات، والثقافية منها خاصة، رغم أن المغرب لا يقيم علاقات دبلوماسية مع "إسرائيل".
وقد راكم المجتمع المدني العديد من صيغ المساندة، وظلّ التصدي لمحاولات التطبيع، أحد أشكال المقاومة والدعم، حيث سارعت كل من "الجمعية المغربية للفنون التشكيلية" و"النقابة المغربية للفنانين التشكليين المحترفين" إلى إدانة الفنانين المشاركين في البينالي الذي يسعى منظّموه إلى ترسيخ تداول مدينة القدس كعاصمة للكيان المحتل، من بوابة الفنون، بعدما حاولت تكريسه سياسياً.
وأكدّتا في بيان مشترك أن الفنانين المشاركين "لا يمثلون سوى أنفسهم، وبالتالي لا يحترمون البتة التوجهات الفلسفية والإنسانية لهيئتيهما واللتين كانتا على الدوام الى جانب القضية الفلسطينية والى جانب الشعب الفلسطيني في نضالاته".
كما اعتبرت الهيئتان أنه "مهما كانت الدوافع التي أدت الى قبول هؤلاء الفنانين عرض أعمالهم، سواء كانت مادية أو أخلاقية أو سياسية، فإنهم لم يأخذوا بعين الاعتبار أن مشاركتهم سينظر إليها على أنها مشاركة لبلدهم"، والحال أن "لا المغرب ولا جمعياته منحوا هؤلاء الفنانين تكليفاً من هذا القبيل".
خلصت الهيئتان الى استحالة "تجاهل أنه، وقصد تبييض جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في القدس والمحرومين في غزة أيضاً من مقومات العيش الكريم، تسعى سلطات الاحتلال الى إعطاء نفسها صورة عبارة عن مشهد فني".
واشتملت قائمة المشاركين في البينالي المذكور أسماء عديدة، منها: هشام بن أحود، محمد المرابطي، ومحمد مريد، وأمينة الأزرق، وشامة المشتالي، ومحمد الباز، ومحمد أرجدال، وأنيس أبرجال، وإسماعيل ازيدي، وفاطمة الزهراء سيري.
من جهتها، ندّدت حملة المغربية لمقاطعة إسرائيل (BDS المغرب)، بمشاركة هؤلاء الفنانين، والذين قبلوا الدعوة لعرض أعمالهم في معارض إسرائيلية في القدس المحتلة، ودعت إلى "التصدي لكل محاولات اختراق وتطبيع، على اعتبار أن ّالتطبيع التي تصاعدت وثيرته في المرحلة الأخيرة مع المغرب، هو ممنهج لتصفية القضية الفلسطينية"، لتكريس الاحتلال وطمس حقوق الشعب الفلسطيني".
وأشارت في بيانها إلى أن "مدينة القدس، "تتعرّض لمحاولات محمومة تهدف الى تطهيرها عرقيا وتفريغها من أهلها، من طرف نظام استيطاني احتلالي"، متساءلة: "كيف يشعر الفنانون المغاربة، وأعمالهم الفنية يستغلها هذا النظام للتغطية على عدوانه المستمر". وطالبت هؤلاء الفنانين بالتراجع فوراً وسحب أعمالهم من فخ التلميع الفني للجرائم الصهيونية التي وقعوا فيها.
وقد تذرّع محمد المرابطي، أحد الفنانين المشاركين، بأنه تلقى دعوة من "مغاربة يهود"، وأن مشاركته جاءت الى جانب فنانين مسلمين ويهود في معرض "زيارة: الحكمة المغربية المشتركة"، في استعمال لذريعة التعايش بين الديانات كستارة للتطبيع، كما زعم المرابطي أن جداريته التي اشتغل عليها مستوحاة من العلم الفلسطيني، وأن دعمه للقضية الفلسطينية "لا يقبل المساومة"!