"بصمات مدينة": كورنيش وزحام وطوابع بريدية

18 ابريل 2017
(من أعمال رانيا حمود عطوي المشاركة في المعرض)
+ الخط -

إذا كان لكل شخص نظرته الخاصة لمدينته أو محيطه، فالفنان التشكيلي يمتلك زاوية نظر يستطيع بها أن يرينا مدينته من منظور قادر على مفاجأة المتلقي وهزّ مسلّماته.

المعرض الذي احتضنته "غاليري آرت سبايس" في بيروت مؤخراً وضمّ أعمالاً لثلاثة فنانين، هم رانيا حمود عطوي وميراي مرهج من لبنان، ورياض نعمة من العراق، حول علاقتهم بمدينة بيروت، يجعلك تشعر أنك بإزاء فضاء مألوف لكن بكثير من التفاصيل المجهولة.

رانيا حمود عطوي، مهندسة داخلية، لديها تجارب عدة في الفن التشكيلي، مهتمّة بالطباعة الحريرية والحفر الطباعي، شاركت في عدد من الورش المتخصصة في هولندا وفي مشغلها الخاص في بيروت. في تجربتها تهرب عطوي من زخم المدينة إلى كورنيش بيروت البحري على امتداده وبعض الأحياء القريبة منه. تعتمد الفنانة الشكل البانورامي في الكثير من أعمالها، فتوقف الوقت قليلاً لتروي بعض قصص من اتخذوا من الكورنيش ملاذاً يومياً، كـ"نينا" التي تستعرض رقصها الاستعراضي و"محمود" الذي لا يبارح صخرته مع أركيلته والأغاني الطربية.

الفنانة الثانية في المعرض ميراي مرهج مصممة غرافيك، وفنانة تشكيلية، متخصصة برسم الجداريات وفن الكولاج. تختصر مرهج بيروت بأربع لوحات بمقاسات مختلفة. زحام المدينة والذاكرة عنصران تستخدمهما مرهج لتنتج أعمالها عبر مزيج من الأشياء كالأفلام والإعلانات واللافتات وبعض الشخصيات الفنية التي مرّت على بيروت. تمتلك الفنانة جرأة في توظيف اللون ومعالجة التفاصيل من خلال الخدع البصرية، إذ يعتقد المشاهد للوهلة الأولى أنه أمام عمل "كولاج"، ليكتشف أنها استعملت الأكريليك والمواد المختلفة. المكان في أعمال مرهج ليس مجرد شوارع وأبنية، بل يمكن أن يكون صوراً ولحظات عابرة لها مكانها في الذاكرة.

أما الفنان التشكيلي العراقي المقيم في بيروت رياض نعمة، فينقلنا في "بصمات مدينة" إلى عالم مختلف في شغفه بالمدينة، إذ عمل في لوحاته على طوابع بريدية ضخمة بقياس 70×70 سنتم على قماش، مستبدلاً شخصياتها التاريخية أو السياسية بوجوه عاشت المدينة بكل تفاصيلها، وقد عمل على تقسيمها إلى جزأين، في كل واحد منهما 10 لوحات (أكريليك وطباعة حريرية)؛ المجموعة الحمراء تشير إلى الشغف بالحياة وتعلّق أصحابها بها، والمجموعة السوداء تمثّل وجوهاً غادرت المدينة، من أطفال شوارعها إلى تلاميذها وعمّالها. حتى أنه استعار بعضاً من ذاكرة حربها وحركاتها المطلبية، ليضعها في طوابعه، كأنما يريد أن يبعث ببعض الرسائل عن بيروت وربما إليها تحديداً.

المساهمون