في صيف عام 1997، أسّس الزوجان الكاتب العراقي صموئيل شمعون والناشرة البريطانية مارغريت أوبانك مجلة "بانيبال" ليصدرا العدد الأول في شباط/ فبراير من السنة التالية في لندن، في محاولة للردّ على تهميش الكتّاب العرب نتيجة الشحّ في ترجمة نصوصهم إلى اللغة الإنكليزية.
وخلال أكثر من عقدين، كرّست المطبوعة أعدادها من أجل لفت الأنظار إلى القضايا والظواهر والموضوعات التي تشغل الثقافة العربية المعاصرة، واطلاع المتلقي في العالم الأنغلوفوني على تجارب لمبدعين من اثنين وعشرين بلداً عربياً وفي المهجر، واليوم تتوجه إلى قرّاء الإسبانية في عدد أول لربيع عام 2020 فيما أعلنت المجلة عن صدور العدد الثاني (عدد الصيف) قبل أيام قليلة.
وكان العدد "صفر" قد صدر السنة الماضية، وضمّ ملفاً عن الشاعر العراقي سركون بولص (1944 – 2007)، ومراجعات نقدية لكتب العربية مثل "قارب إلى ليسبوس" للشاعر السوري نوري الجراح، و"في غرفة العنكبوت" للكاتب المصري محمد عبد النبي، وترجمات نصوص قصصية للكاتبيْن العراقي محسن الرملي، والتونسي حسونة المصباحي وآخرين، وثلاث قصائد للشاعر المصري ياسر عبد اللطيف، وقصيدتين للشاعر اللبناني شوقي بزيع وغيرها.
المجلّة التي تأخذ اسمها من الإمبراطور الآشوري أشوربانيبال (668-627 قبل الميلاد)، مؤسّس أول مكتبة في العالم، تشير أوبانك في افتتاحيتها إلى أن أسباب صدورها تكمن بأن "الأدب العربي جزء أساسي من الثقافة العالمية والحضارة الإنسانية، وأنه يعمل على تعميق الحوار بين الثقافات، وذلك الفرح والعاطفة اللذان تنتجهما قراءة قصيدة جميلة ونص إبداعي".
أعلنت بانيبال عن صدور عددها الثاني بالإسبانية قبل أيام
أعيد نشر بعض المواد التي تضمّنها العدد صفر، منها عشرون قصيدة لسركون بولص، لكننا نجد نصوصاً أخرى منها فصل من رواية "عراقي في باريس" (2005) لصموئيل شمعون التي يتكئ فيها على سيرته الذاتية منذ ترك العراق نهاية سبعينيات القرن الماضي وخروجه إلى سورية فلبنان ثم إلى أوروبا، بترجمة إيغانسيو غوتييريز دي تيران.
يحتوي العدد أيضاً مقالاً للكاتبة الأردنية كفى الزعبي تحدّثت فيه عن علاقتها المبكرة بالأدب وتأثيراته الرئيسية على حياتها وكتابتها، وتقول فيه: "أعتقد أن الأدب، فوق الصحافة، ووسائل الإعلام وحتى الواقع نفسه، هو أداة المعرفة التي جعلتني أفهم حياة الشعب الروسي"، في إشارة إلى دراستها الجامعية في موسكو حيث شكّلت الروسية لغتها الثانية، ونصاً بعنوان "شاربا مردخاي وقطط زوجته" للقاص الفلسطيني محمود شقير يكشف عن سخرية سوداء تميّز كتاباته حول ضابط في جيش الاحتلال الإسرائيلي يقف عند حاجز التفتيش.
إلى جانب قصة "الجثة" للكاتبة العراقية سالمة صالح صاحبة رواية "زهرة الأنبياء - طفولة في مدينة عراقية" (1994) التي حملت نبوءتها بزوال المدينة القديمة في الموصل، وكان ذلك بعد خمسة وعشرين عاماً، وهي تسرد طفولتها التي عاشتها فيها.
كما تنشر إلى جانب قصائد للشاعرة السورية رشا عمران بعنوان "المرأة التي سكنت البيت قبلي" بترجمة بيلار غاريدو كليمنته، وقصة قصيرة للكاتب المغربي الهولندي عبد القادر بن علي، بعنوان "انظر إلى المريخ من مراكش" التي ترجمها عن الهولندية غييرمو بريث، وقصة أخرى بعنوان "طريق العجائب" للكاتبة التونسية رشيدة الشارني بترجمة ألبارو أبيّا فيّار.
هل من الممكن فهم الفلسفة من خلال التصوير الفوتوغرافي أو العكس؟ سؤال يطرحه الكاتب الكندي اللبناني راوي حاج في مقال بعنوان "الكلاب الضالّة" يتأمل فيه كلا الموضوعين، وترجمه عن الإنكليزية لإيستير هرنانديز، بالإضافة إلى فصل من رواية "الخِصر والوطن" للكاتبة المغربية حنان درقاوي بترجمة كريمة حجاج، وسبع قصائد للشاعر العُماني سيف الرحبي بترجمة ماريا لويسا بييرتو وأحمد يماني. وقد نفّذ رسوم الغلاف الفنان العراقي الإسباني أبو زيدون حنوش (1958).