"النهضة" التونسية تحتفل بالذكرى 38 لتأسيسها: مراجعات وطموحات

08 يونيو 2019
الحركة تتكيف مع التحولات والأوضاع السياسية (العربي الجديد)
+ الخط -
أحيت حركة "النهضة" التونسية، اليوم السبت، الذكرى 38 لتأسيسها، إذ تم استحضار المحطات التاريخية التي مرت بها الحركة والنضالات التي خاضها أنصارها وقياديوها، والمحاكمات التي تعرضوا لها، وكيف خرجت بعد سنوات من السرية إلى العلن معلنة عن تكوين أول حزب سياسي ذي مرجعية إسلامية في تونس.


وأكد القيادي في الحركة، وزير الداخلية السابق علي لعريض، أن "النهضة تعتبر حركة ناضجة بعد 50 سنة من العمل والنشاط من بينها 40 سنة من النضال السياسي ضد الاستبداد، فضلا على النضال الأخلاقي والتربوي و8 سنوات من المشاركة في الحكم بين تشريعية وحكومية".

وأضاف: "النهضة نضجت الآن وأصبحت حركة وطنية مسؤولة تدرك تعقد مشاكل التونسيين ولا تسقط في الانحرافات ولها من الواقعية ما يمكنها من طرح الحلول العملية".

وأكد أن الحركة "صارت قادرة على طمأنة التونسيين على مستقبلهم"، مشيراً إلى أنها في شوط متقدم من الاستعداد للانتخابات التشريعية وإعداد قوائمها.

وفي ما يتعلق بالانتخابات الرئاسية، أوضح لعريض أن "النهضة ستنظر في إمكانية ترشيح مرشح من داخلها أو البحث عن مرشح من بين الأفضل".

وبين أن "النهضة" من بين الحركات القليلة التي تجري كل 10 سنوات تقييما لأعمالها وتاريخها، مضيفا أنه في 1983 حصل تقييم للحركة وبعد الثورة أيضا صدرت لوائح تقييمية متضمنة إخفاقاتها ونجاحاتها.

وقال: "بناء على ذلك يتم تحديد توجهاتها المستقبلية وفي كل مناسبة يحصل تقييم لتعديل التوجهات والاستفادة من الأعمال وكلما تم التوغل في قضايا الناس يتم تبين حجم القصور في البرامج والرؤى الفكرية وجلها مراحل ضرورية".

وأشار إلى أن العلاقة حاليا مع بقية الأحزاب هي علاقة منافسة مع قرب الاستعداد للانتخابات الرئاسية والتشريعية.

من جهته، قال القيادي في "النهضة"، عبد الحميد الجلاصي لـ"العربي الجديد" إن "حركة النهضة تحتفل بذكرى الإعلان الرسمي لتأسيسها في 6 يونيو/حزيران 1981 ولكن النشأة الحقيقية للحركة انطلقت منذ 1969 وبالتالي فالعمر الحقيقي للحركة هو 50 عاماً وهي تقريبا من اقدم الحركات السياسية في تونس".

واعتبر أن "نصف قرن للحركة مليء بالرموز والشهداء والقضايا والملفات والسجون والمنافي والحكم، وبالتالي فهذه التجربة تجعل الحركة فخورة بمسيرتها"، مشيرا إلى أنها "تأمل أن تكون تجربتها موضوع تأمل وبحث وليس فقط احتفالا وتعدادا للمكاسب".

وأوضح أنه بعد الثورة أصبح هناك فضاء سياسي للتغيير ولذلك تقوم الحركة بمراجعات كبيرة وتعديلات هامة قد يكون نسقها وعمقها غير متوازن وبالكيفية المطلوبة ولكن هذا يتطلب مجهودات أكبر"، معتبراً أن "لحظات التأسيس تحيلهم إلى لحظات الاستبداد والنضال وقد تم دفع الثمن ولكنهم محظوظون وناضلوا وآمنوا بحلم وجاءت الثورة لتؤكد أن الحلم تحول إلى حقيقية، وهي أمانة لاختبار الأحلام واقعيا".

وقال الجلاصي إن "التاريخ في الوقت نفسه قد يتحول إلى عبء والمعركة في النهضة هي كيفية تحويل الماضي إلى مستقبل ومجاراة نسق التطور"، مضيفاً أنه "لا بد من أن تكون الحركة أقرب لتطلعات التونسيين في وضوح الخطاب السياسي وترسيخ قيم التعايش والديمقراطية والتشاركية وهي مبادئ يتم تكريسها والعمل على ترسيخها أكثر فأكثر".

واعتبر أن المؤتمر العاشر للحركة كان فرصة للقيام بمراجعات كبيرة، فكرية وسياسية، ورغم أن التنزيل في الواقع قد لا يكون أحيانا بالنسق المطلوب، موضحاً أن "الانطلاق كان المرجعية الإسلامية ولكن بعد الثورة أصبحت الرؤية أوضح فرغم أن التباينات في النهضة هي اختلافات قديمة ولكنها بعد الثورة أصبحت علنية وهي مسائل إيجابية".

وأكد أن "الموضوع الأهم كان الحياة الداخلية لحركة النهضة وكان التساؤل دائما هل هي حركة لها رئيس أو رئيس له حركة؟ وماذا عن قضايا التنظيم والتأطير والتواصل والشورى ونمط الحكم في حركة النهضة، وهي من ضمن القضايا التي حصل حولها خلاف ومنها التداول على الحركة". لكنه شدد على أن "هذا الموضوع محسوم إذ نوقش منذ المؤتمر السابع والثامن للنهضة، وقانونياً لرئيس الحركة دورتان فقط، وبالتالي تُعدّ هذه الدورة آخر دورة لراشد الغنوشي في رئاسة النهضة، وفي المؤتمر 11 أي بعد حوالي سنة، فإن الحركة مقبلة على تغيير هام".

إلى ذلك، أكد القيادي في حركة "النهضة" والنائب السابق في المجلس التأسيسي، نجيب مراد لـ"العربي الجديد" أن "حركة الاتجاه الإسلامي التي ظهرت في 1981 تعتبر تأسيسا لتيار سياسي ذي مرجعية إسلامية وكان لها دور كبير في مقاومة الدكتاتورية والاستبداد".

وأضاف أن "حضورها كان أقدم من ذلك في ترسيخ قيم الحرية والديمقراطية في المجتمع من خلال نضالات شخصيات عديدة من المجتمع المدني والسياسي ومنصاري الحركة"، لافتا إلى أن "الحركة تعرضت إلى قمع كبير وتعرض مناصروها إلى محاكمات في 1961 وفي 1983 وفي 1987 والحملة الأشد والأقصى كانت في التسعينيات عندما حوكم نحو 35 ألفا من قيادييها وأنصارها".

واعتبر مراد أنه رغم ذلك يعتبر ظهور "النهضة" ظاهرة مجتمعية ومحاولة لترسيخ مبادئ ومفاهيم جديدة، مشيرا إلى أنه "ككل حركة سياسية لها أخطاؤها وإيجابياتها وسلبياتها والعمل السياسي عمل بشري فيه نقائص والمراجعات التي حصلت ضرورية، ورغم الخطأ في بعض الخيارات التي لم تكن في مكانها فإن الفترة الطويلة أكسبت الحركة نضجا وخبرة ميدانية وخاصة بعد الثورة".

المساهمون