لُقّب الفيلسوف اليوناني أرسطو بـ"المشّاء"؛ حيث نسب تلاميذ إليه، في بعض المرويات التاريخية، إلقائه المحاضرات أثناء سيره داخل أروقة مدرسة "ليسيوم"، وهي عادة اتبعها الفلاسفة من قبله ومن بعده في أثناء تأملهم الكون.
تعمّق المفهوم في مرحلة لاحقة حين اقترن المشي بصناعة المدينة وحدودها، بعد أن كانت ترمز إلى خلق الأفكار وإبداعها، وباتت المدن تحمل في أحد تعريفاتها الحديثة أنها المكان الذي يمكنك المشي فيه من بيتك إلى المدرسة، ومن بيتك إلى العمل، ومن بيتك إلى السوق.
"إزاحة التسكع: تاريخ عالمي في المشي في المدينة الحديثة المبكرة" عنوان المؤتمر الذي ينطلق عند الخامسة من مساء بعد غدٍ الجمعة في "منتدى ساكلر للبحوث، معهد كورتول للفنون" في لندن ويتواصل ليومين، بمشاركة عدد من الباحثين في حقول التاريخ والأنثربولوجيا والتخطيط الحضري وغيرها.
يوضّح بيان المنظّمين أن الأفكار المتعلقة بـ"التسكع" تم تأصيلها في باريس، في إشارة إلى كتابات العديد من الفلاسفة، مثل جان جاك روسو وميشال دي سارتو، والتي تمحورت بشكل أساسي حول ارتباط فكرة التسكّع بالحداثة والمدينة الأوروبية.
يهدف المؤتمر إلى "تفكيك هذا المفهوم وتوسيع نطاق النقد حوله، من خلال تحديده وتحليل أشكال مراقبة المشاة في الفترة الحديثة المبكرة، مع التأكيد على أن التنزه والتفرّج والمشاهدة عبر المشي في المدينة قد ظهر قبل أوروبا بوقت طويل، فهناك العديد من التجارب الحضرية في القرن التاسع عشر في مدن مثل إسطنبول وأصفهان ودلهي وبكين.
من بين الأوراق المشاركة: "طرائق التجربة الحضرية وقاموس الرؤية: مشاهدة المشي في وقت مبكر في إسطنبول الحديثة" لـ سيدام كافيسي أوغلو، و"رجل أرمني عثماني في إسطنبول الحديثة المبكرة: إريميا تشيلبي كومورجيان يؤطر العاصمة العثمانية في القرن السابع عشر" لـ أصلان أكسوي شيريدان، و"أرصفة وحركة المشاة في مدينتين عصر النهضة (البندقية وروما)" لـ ديفيد كارمون.
إلى جانب ورقة بعنوان "المشي في مدينة يزد: التاريخانية والتخطيط الحضري والاتصال الإمبراطوري" لـ بيفاند فيروز، و"التنقل المكاني في مدينة ديو الاستعمارية الحديثة المبكرة" لـ نونو غرانشو، و"دليل للمشي في يوشيوارا عام 1678: تسكّع هيشيكاوا مورونوبو" لـ ماريكا تاكانيشي نولز، و"استكشاف الفضاء الحضري الحديث في وقت مبكر من خلال أفكار إيدو ميشو زو" لـ ماري ياسوناغا.