"المستريح" والشرطة المصرية.. المليونير ليس في السجن

09 مايو 2017
(في القاهرة، تصوير: جون وريفورد)
+ الخط -
كثيرًا ما يتم اختزال مشكلة الشرطة المصرية في أنها أداة بيد الحاكم لقمع معارضيه وإرهاب الشعب. ورغم وجاهة هذه النظرة ورواجها، إلا أنها تظلّ قاصرة عن إدراك طبيعة هذا الجهاز الضخم وأوجه الخلل فيه. لدينا هنا قصّة تروي وجهًا آخر من وجوه هذا الخلل الذي لا يحظى باهتمام كبير.


هروب "المستريح"
بعد 7 أشهر تقريبًا من إيداع جويلي "المستريح" في سجن النهضة - لقب يطلق على مَن جمعوا ثروتهم عبر النصب على الناس- ليمضي عقوبة السجن 10 سنوات بعدما أدين في قضايا نصب وشيكات بدون رصيد بـ 125 مليون جنيه، تقدّم مواطن ببلاغ إلى النيابة العامة يتهم فيه المليونير السجين بالنصب عليه، فقرّرت النيابة استدعاء "المستريح" للتحقيق معه، وهنا ظهرت المفاجأة؛ "المستريح" ليس في سجن النهضة ولا في أي سجن آخر.

قرّرت النيابة فتح تحقيق في أمر اختفاء المليونير من السجن، وهنا ظهرت المفاجأة الثانية؛ "المستريح" لم يدخل السجن أصلًا، ووجوده مقتصر على دفاتر السجن وقسم مصر الجديدة الذي رُحِل منه، أما الوجود المادي فلا أحد يعلم أين.

اكتشفت النيابة أن ضابط الترحيلات (ملازم أول) المسؤول عن إيصال "المستريح" إلى سجن النهضة، هَرّب السجين مقابل الحصول على رشوة مالية كبيرة قدرها 2 مليون جنيه، كما تبيّن من التحريّات والتحقيقات أن نائب مأمور قسم شرطة مصر الجديدة (مقدّم)، ومعاون ضبط القسم (رائد)، متورّطون فى القضيّة، وكانا يعلمان بأمر تهريب المتهم.

تمكّنت الشرطة من القبض على "المستريح" أثناء اختبائه في فيلا بمنطقة العجمي بالإسكندرية وتم اقتياده إلى سجن تابع لمديرية أمن القاهرة، لكن التحقيقات لازالت مستمرة ومن المتوقّع أن تكشف عن تورّط مسؤولين آخرين.


سوابق أخرى
اتهمت نيابة النزهة، مطلع نيسان/ أبريل الماضي، ضابطا ورقيب شرطة بمساعدة متّهم فلسطيني على الهرب مقابل حصولهما على رشوة منه. وأشارت التحقيقات إلى أن المتّهم عنصر إجرامي خطير، مطلوب في 150 حكمًا قضائيًا، واتفق الضابط المتّهم مع رقيب شرطة على مساعدة الفلسطيني في الهروب أثناء عرضه على المحكمة.

قبل عام تقريبًا، كشفت تحقيقات النيابة عن تورّط 15 ضابطًا عاملًا بمديرية أمن محافظة القليوبية- بينهم ضابط برتبة لواء-، في التعاون مع مافيا "الدكش" المتخصّصة في تجارة المخدّرات، واتهم الضباط بتقاضي مبالغ مالية كبيرة من المافيا، مقابل غضّ الطرف عن أعمال البلطجة وصفقات المخدّرات وﻹخبارها بمواعيد الحملات الأمنية التي تستهدفها.


الخلل المركب
الخلل في جهاز الشرطة مركب إذن ولا يمكن قصره على تبعية الحاكم فقط، بل يشمل الفساد في مختلف مستويات القيادة وقطاعات الوزارة، هذا الفساد الذي يمكن ردّ أصوله إلى عملية اختيار المنضمّين إلى كلية الشرطة التي تتمّ عبر الوساطة والمحسوبية والرشوة.

اختزال مشكلة الشرطة المصرية في أنها أداة قمعية بيد الحاكم خطاب نخبوي وغير مفهوم للعامة، أما الحديث عن أوجه أخرى ملموسة للخلل الموجود في الجهاز ويعاني منها المواطنون بشكل مباشر فهو خطاب أكثر قربًا من الشارع وربما يكون أكثر تأثيرًا.

المساهمون