"المدينة الفاضلة": تفكير جماعي في "الرواق"

24 فبراير 2020
فاسيلي كاندنسكي/ روسيا
+ الخط -

تحضر في المدوّنتين الفلسفية والأدبية على مدى التاريخ البشري مدن كثيرة متخيّلة، بعضها قام على أفكار مثالية تعبّر عن محاولة جدّية لرسم واقع بديل، ومن أشهر التسميات التي أُطلقت على هذه المدن ما عُرف في الأدبيات اليونانية والعربية القديمة بالمدينة الفاضلة، قبل أن يتبلور نفس التوجّه التخييلي- الفكري في مصطلح اليوتوبيا في العصور الحديثة.

"المدينة الفاضلة في تاريخ الفلسفة" عنوان أمسية فكرية تُقام في "مكتبة مصر الجديدة" بالقاهرة غداً الثلاثاء، بداية من الساعة السادسة مساءً، ضمن أنشطة "الرواق"، وهي مبادرة تحاول اقتراح نماذج مبتكرة في ممارسة الفلسفة؛ حيث لا تعتمد على ذلك اللقاء بين محاضر ومتخصّصين بل على نقاش أفقي بين حاضرين لا يجمعهم الاختصاص بل أفكار يتبادلونها حول أحد المواضيع.

في حديث إلى "العربي الجديد"، يشير المشرف على "الرواق"، عماد العادلي، إلى أن "تجسيد الفكرة بدأ منذ سنة ونصف، وكانت نشاطاته الأولى عبارة عن تمهيد لتاريخ الفلسفة بشكل عام، ثم بدأنا نعتمد مواضيع بعينها، ومن هذه المواضيع التي تطرّقنا إليها: الحاكم الفيلسوف، وعلاقة الفلسفة بالتأويل، وفلسفة التاريخ. هذه المرّة وقع اختيارنا على موضوع المدينة الفاضلة بما يمكن أن يثير من نقاش وأسئلة".

وحول كيفية اختيار مواضيع اللقاءات، يشير العادلي إلى أنها تنطلق من ترشيحات الجمهور الذي يحضر فعاليات "الرواق"، ومن ثمّ تجري بلورتها في مقترحات، ونقدّم ما نجد أن أكبر نسبة من الحاضرين ميّالة إلى مناقشته. يرى العادلي أن هدف مثل هذه اللقاءات هو "قبل كل شيء تبسيط المفاهيم والأفكار الفسلفية لجميع الحاضرين الذين يمثّلون شرائح اجتماعية متنوعة، أي تسهيل التعامل مع الفلسفة لغير المتخصّص وجعل التفلسف فعلاً مستساغاً، لأن كثيرين لديهم الرغبة وحتى القدرة على التفلسف، ولكن لا يجدون الفضاء أو المفاتيح المناسبة لذلك". يضيف: "في الحقيقة نجد تجاوباً كبيراً مع هذا التوجّه، ومن تجربتي أجد أنه يوجد الكثير من محبّي الفسلفة، لكن جزءا كبيراً منهم ينفّر منها بسبب اصطدامه مع مفاهيم أو نظريات صعبة".

يتابع العادلي بحديثه إلى "العربي الجديد": "كنا حرصاء من البداية على أن نوجّه الخطاب الفلسفي إلى جمهور غير متخصّص، لأن الفلسفة عادة ما توجّه من قبل متخصّصين إلى جمهور متخصّص، كما هو الحال في الجامعات أو في الندوات العلمية، ولكننا نعتبر أن الفلسفة خطاب يمكن أن يصل إلى الجميع". يضيف: "بهذه التوجّهات، نحاول أن نكسر قناعة تقول بأن الفلسفة هرم من الغموض، وأن نتجاوز تلك التخوفات التي يقول بعضها بأن الفلسفة بابٌ يفضي للإلحاد، ويراها الآخر باباً يفضي إلى الجنون".

يشير العادلي أخيراً إلى أن الفلسفة كحقل معرفي تختلف عن مجالات أخرى لا يمكن تناولها بعيداً عن الفضاء المدرسي أو الجامعي، حيث إن كل كائن بشري تمكنه ممارسة الفلسفة ولا يحتاج سوى أن تتوفّر له المفاتيح الضرورية.

المساهمون