"المدرب اللاجئ" لـ"العربي الجديد": لقاء رونالدو؟ كان حدثاً تاريخياً

30 سبتمبر 2015
+ الخط -


سيطر اسم أسامة عبد المحسن، اللاجئ السوري الذي عرقلته المصورة الصحافية المجرية بيترا لازلو، على معظم وسائل الإعلام الرياضية والمهتمة بالشأن السوري، بعدما تحوّلت حياته بفضل هذه اللقطة التي تنم عن عنصرية المصورة الصحافية المجرية، التي انتهى الأمر بفصلها من عملها، إلى الأفضل، وذلك بعد وصوله إلى إسبانيا عبر ألمانيا، من أجل بداية مسيرة تدريبية تحت رعاية المركز الوطني لإعداد المدربين، الأبرز في إسبانيا وأوروبا.

"العربي الجديد" تواصل مع أسامة عبد المحسن، من أجل معرفة المزيد عن حياته وخططه المستقبلية، بعد فترة صعبة واجه فيها الكثير من المخاطر، بين جحيم الحرب ومخاطر رحلة الخروج من البلد وقسوة اللجوء، والبحث عن دولة تفتح له أبواب حياة كريمة.

وأشار أسامة إلى أنه بدأ حياته التدريبية ضمن صفوف نادي الفتوة السوري في عام 2004، وكان يعمل مدربا في مدارس كرة القدم التابعة للنادي في دير الزور، مشيرا إلى أن أجمل الأيام في بداية مسيرته كانت عندما تولى تدريب براعم النادي، وهو ما كان يمثل متعة خاصة بالنسبة له. وبعد ذلك خضع لدورات إعداد خارجية للمدربين، ليواصل مسيرته التدريبية في صفوف الفتوة.

ووجهنا له سؤالا عن سبب رحيله عن الفتوة، بالرغم من أنه ما زال ينافس في الدوري حتى الآن، فأجاب أنه "في الحقيقة، الدوري السوري حاليا هو دوري سياسي وليس بطولة رياضية". فمع اندلاع الحرب اضطر العديد من اللاعبين للهجرة من البلاد، وانهارت العديد من الفرق بسبب ذلك، ومباريات الدوري في الوقت الحالي عبارة عن مجموعة من اللاعبين التابعين لنظام بشار الأسد، ويشاركون في البطولة مقابل الحصول على دعم مادي، حتى يظهر النظام أمام العالم بمظهر أن هناك بطولات رياضية ما زالت جارية في البلاد، وأن الأوضاع في تحسن مستمر".

وعن عرقلة الصحافية المجرية، والتي كانت سببا في خروج قصته إلى النور، وبداية مسيرته الجديدة في إسبانيا، شدد المدرب السوري على أن ما وصل له كان "بفضل الله، وليس بسبب واقعة الصحافية المجرية العنصرية"، وأضاف "أرفض أن يتم وصفها بأنها سبب في ما يحدث لي في الوقت الحالي. خاصة أنها تجرأت على فعل ذلك بسبب التعامل السيئ للسلطات المجرية مع المهاجرين، وقد تكون هذه الواقعة سبباً لي في الظهور والدفاع عن قضية اللاجئين والشعب السوري بشكل عام".

وتابع عبد المحسن "تواصلت معي إدارة الصحيفة، ولكني لم أتقبل أي اعتذار عما حدث. لأن نظرتي للقضية شمولية، وهدفي هو إظهار قضية الشعب السوري بالشكل المطلوب أمام الرأي العام، وقد تجاوزت الأمر حالياً، ولكنني لن أتنازل عن حقي".

وانتقل عبد المحسن للحديث عن بداية رحلته إلى إسبانيا، وتلقيه الدعوة من ريال مدريد لمقابلة لاعبيه وإدارته، وحضور مباراة الفريق أمام غرناطة في الدوري الإسباني لكرة القدم مع نجله زيد، الذي ظهر معه في مقطع فيديو الصحافية المجرية.

وقال عبد المحسن: لقاء رونالدو؟ كان حدثا تاريخيا بالنسبة لابني، وأكد المدرب السوري أن نجله الصغير غمرته السعادة، وتغيرت كل تصرفاته للأفضل بعد مشاهدة البرتغالي كريستيانو رونالدو له، ومصاحبته قبل بداية المباراة، بالرغم من عدم تحدثه الإسبانية، مشيرا إلى أن عشقه للاعب الإسباني زاد، بعدما أهداه النادي قميصاً برقم "صاروخ ماديرا".

وتحدث المدير الفني عن لحظة تلقي زيد للقميص، ورفضه توقيع أي لاعب عليه سوى رونالدو الذي يعتبره مثله الأعلى، ودائما ما يصف نفسه "برونالدو السوري"، وهو ما أثار حفيظة بعض اللاعبين، بينما تعامل الجانب الآخر مع الموقف بالضحك.

وأضاف أسامة "زادت رغبة زيد في ممارسة كرة القدم منذ وصوله إلى إسبانيا، وأعطانا نادي خيتافي وعودا بضمه لفرق الأطفال لتنمية مواهبه في الفترة المقبلة، وذلك بالإضافة إلى اختبار شقيقيه في أكثر من ناد إسباني وعلى رأسها ريال مدريد".

وعن باقي أبنائه أكد عبد المحسن أن ابنه الأكبر كان يمارس كرة القدم في سورية، وكان يلعب ضمن صفوف المنتخب السوري للشباب، قبل أن يبتعد عن التدريبات بشكل كامل بسبب اندلاع الحرب، وتابع قائلا "يتواجد ابني حاليا في تركيا، ولكن سيتم استقدامه خلال الفترة المقبلة من أجل خضوعه لاختبارات هنا، وخضوعه لتدريبات في أحد الأندية من أجل صقل موهبته".

وعن المبادرة الإسبانية لاستقدامه وتوليه تدريب أحد الفرق في الفترة المقبلة، أعرب أسامة عن سعادته الغامرة بالتقدير الذي حظي به منذ وصوله إلى مدريد، متوجها بالشكر إلى ميغيل
غالان، رئيس المجلس الوطني لإعداد المدربين (سينافي)، والذي قرر التواصل معه عن طريق المغربي محمد لابروزي، أحد العاملين في المركز ولاعب كرة هاو، والذي يتولى مهمة الترجمة لأسامة.

وسألنا "المدرب اللاجئ" عن خططه المستقبلية في إسبانيا، فأوضح أنه بدأ بالفعل في دراسة اللغة الإسبانية بمساعدة مدرسة مغربية، لتسهيل الأمور أمامه بشكل أكبر، وتذليل عقبة اللغة، والتي ستفتح أمامه فرصة أكبر لمتابعة الفرق والتأقلم على الأجواء، قبل أن يتم تعيينه لإدارة أحد الفرق.

وأشار عبد المحسن إلى أنه تلقى عروضاً أوروبية لتولي تدريب فرق فور وصوله إلى ألمانيا، ولكنه فضل الرحيل إلى إسبانيا فور معرفته بالمبادرة، ولكنه أكد عدم تلقيه لأي عروض عربية مشابهة حتى بعد انتشار قصته.

وفي نفس الإطار تواصلنا مع ميغيل غالان، المرشح لرئاسة الاتحاد الإسباني، وصاحب مبادرة استقدام المدرب السوري عبد المحسن إلى إسبانيا، والعمل على تأهيله لمواصلة مسيرته التدريبية هناك، وتحدث عن بداية قصة أسامة وعن كأس العالم 2022 في قطر.

وغالان هو مرشح لرئاسة الاتحاد الإسباني لكرة القدم ورئيس المركز الوطني لإعداد المدربين في إسبانيا (سينافي)، وهو المركز الأكبر في أوروبا، وعمله يركز على تجهيز المدربين بدورات تدريبية ومعايشة في أندية من أجل الحصول على التصريح للعمل كمدربين في إسبانيا وحول العالم. وطبيعة عمله كانت السبب الرئيسي للاهتمام بحالة أسامة.

وعن بداية معرفته بقصة أسامة، قال "بدأ الأمر بشكل عادي، حيث كنت أتابع الأخبار في منزلي، وشاهدت الصور التي انتشرت في كل العالم، لعرقلة الصحافية المجرية، ولفت نظري الأمر وعلقت هذه الصور بذهني، وبعد أيام كنت أتصفح الإنترنت وشاهدت مقابلة لصحافي إسباني يدعى مارتن موتشا مع نجل أسامة في تركيا، أشار فيها إلى أن والده كان مدربا لفريق الفتوة في سورية".

استطرد قائلا "وبعدها تواصلت مع الصحافي موتشا من أجل الوصول إلى نجل أسامة، ومن ثم التواصل مع والده الذي كان قد وصل إلى ألمانيا، لعرض فكرة انتقاله إلى إسبانيا من أجل بداية مسيرة تدريبية جديدة هناك، وتحدثت مع أحد العاملين معي، والذي يتحدث العربية وهو محمد لابروزي، من أجل التواصل مع المدرب السابق، الذي وافق على الفور على العرض، ليسافر محمد ويستقدم أسامة ونجله زيد".

وعن حظوظه في مسيرته التدريبية الجديدة بإسبانيا أكد غالان أن الأمر سيكون متعلقا بسرعة تعلمه للإسبانية، حيث سيخضع لاختبارات تكتيكية في المركز الوطني لمعرفة مستواه التدريبي، وهو ما سيحدد إن كان سيخضع لفترات إعداد أم سيتم الدفع به لقيادة أحد الفريق بشكل مباشر، مشيرا إلى أن إدارة "سينافي" تعمل حاليا على تخفيض فترة الإعداد وتعلم الإسبانية التي سيخضع لها إلى أقل من ستة أشهر (الفترة المعتادة)، حتى يتسنى له بداية حياة مهنية جديدة في أقرب فرصة.

وشدد رئيس المركز الوطني على أنه مستعد للقيام بالأمر نفسه مع أي مدرب اضطرته الظروف للرحيل عن بلاده، قائلا "حاليا نبحث عن أي مدرب اضطرته الظروف للرحيل عن بلاده واللجوء لدولة أوروبية، من أجل استقدامه، وهذه هي أحد أهداف مركزنا على الصعيد العالمي. وفي الوقت الحالي نعمل على استقدام نجل أسامة من تركيا لمواصلة مسيرته كلاعب كرة في إسبانيا بعد خضوعه لاختبارات، خاصة أنه قد أكد في أكثر من مناسبة أنه كان لاعباً في المنتخب السوري قبل الرحيل عن بلاده".

وبعيدا عن قصة أسامة عبد المحسن، كان ميغيل غالان هو السبب الرئيسي في إيقاف الأسطورة الفرنسي زين الدين زيدان، في مستهل مسيرته التدريبية مع شباب ريال مدريد، وهو الأمر الذي لم يؤثر على علاقته بالمدرب الشاب أو إدارة النادي الإسباني.

وقال ميغيل "علاقتي بريال مدريد وزيدان جيدة للغاية، وتواجدت في ملعب سانتياغو برنابيو مع أسامة، وقابلت فلورنتينو بيريز، وتحدثنا عن ترشحي لانتخابات رئاسة الاتحاد الإسباني لكرة القدم، وكانت الأمور على ما يرام، وأكدوا دعمهم لترشحي للانتخابات".

وتابع "وما حدث مع زيدان لم يكن أمراً شخصياً، ولكن بصفتي مسؤولا عن تأهيل المدربين في إسبانيا، كان عليّ أن أقوم بعملي بشكل احترافي من دون النظر إلى أي علاقات شخصية، خاصة أن زيدان كان يدرب فريق الشباب بريال مدريد من دون تصريح؛ ولذلك تم إيقافه".

وعن فرصة للفوز برئاسة الاتحاد الإسباني لكرة القدم أكد المرشح، أنه أمام فرصة ذهبية للفوز بالانتخابات الرئاسية المقبلة في الاتحاد، خاصة أنه يسعى لتحسين الكرة الإسبانية بكل فئاتها، وعلى رأسها دوريات الهواة والدرجات الدنيا، متوقعا فوزه على أنخل ماريا بيار (رئيس الاتحاد منذ 1988).

وتحدث غالان عن كأس العالم 2022 المقررة إقامتها في قطر، قائلا "في الحقيقة إنني أعشق العالم العربي بشكل عام، وأتمنى زيارة الدوحة في القريب العاجل؛ لأنني أدعم فكرة إقامة المونديال في قطر؛ فهي المرة الأولى التي تستضيف فيه دولة عربية البطولة، وستكون فرصة رائعة لدعم كرة القدم في المنطقة العربية، وأرى البلاد مستعدة لاستضافة هذا الحدث العالمي، ولو كانت أمامي فرصة التصويت لقطر لاستضافة المونديال، لكنت قمت بذلك من دون تفكير"، معربا عن آماله في أن تنال البطولة النجاح المنتظر.

المساهمون