وأكدت المبادرة (منظمة مجتمع مدني مصرية)، في تقرير لها صادر اليوم، الثلاثاء، بعنوان "المترو لا يخسر والدولة تُموِّل الاستثمار من جيوب الطبقات الأفقر"، أن الهيئة لا تسجل عجزًا، وغير صحيح أن العجز يتخطى المليارات والخسارة تتخطى الـ600 مليون جنيه، وأن المترو لا يستطيع تغطية تكاليف التشغيل والصيانة.
وشرح التقرير كيفية تمويل التكلفة الاستثمارية وتكلفة التشغيل والصيانة. فضلاً عن حجم القروض التي تلقتها الهيئة العامة للأنفاق في السنوات الأخيرة.
وتحت عنوان فرعي "الاستثمار في الخدمات العامة دور أساسي للدولة وإيرادات المترو تغطي وتفيض عن تكلفة الصيانة والتشغيل"، أكدت المبادرة "شهد العام المالي 2017 /2018 الذي أوشك على الانتهاء في نهاية يونيو/ حزيران المقبل تطبيق سعر 2 جنيه للتذكرة منذ بدايته حتى قبل نهايته بنحو شهرين، بعدما ارتفع السعر من جنيه واحد في مارس/ آذار 2017، وتُظهر تقديرات موازنة العام المالي الجاري، على أثر الزيادة، قفزة كبيرة في الإيرادات الرأسمالية للهيئة العامة للأنفاق، كما تظهر عجزاً بين موارد واستخدامات الهيئة.
وأشار التقرير إلى تصريح المتحدث باسم وزارة النقل، ومن قبله الوزير نفسه، بأن خسائر الهيئة تتجاوز 600 مليون جنيه (34 مليون دولار تقريباً)، وأن هناك عجزاً بالمليارات تموله الخزانة العامة، ويقصد هنا بالعجز الفرق بين إجمالي الاستخدامات وإجمالي الموارد وليس الإيرادات والمصروفات. وتساءل التقرير: فما الفرق؟
وأوضح التقرير، من خلال أرقام الموازنة العامة، كيف أن الإيرادات الرأسمالية تتجاوز بكثير إجمالي المصروفات، وهي إجمالي تكاليف التشغيل والصيانة قبل حساب تكلفة الاستثمارات. وكيف أن تكلفة الاقتراض لتمويل العمليات الرأسمالية تساوي (صفر)، أي أنه لا توجد حاجة إلى الاستدانة لتمويل النفقات الجارية، وإنما يتوجه كل الاقتراض إلى النفقات الاستثمارية.
وأشار التقرير "تتضمن المصروفات الأجور (تتضمن الأجور الأساسية والحوافز والبدلات والمكافآت) وشراء السلع والخدمات (مثل المواد البترولية ومواد التزييت والتشحيم وقطع الغيار ونفقات المطبوعات والصيانة والمياه والكهرباء والنظافة والأمن والتليفون وشبكة الإنترنت)".
وبالأخذ في الاعتبار أن أرقام الموازنة قد تكون غير منضبطة باعتبارها تقديرات مبدئية، فقد صرح الرئيس السابق للنقابة المستقلة للعاملين بمترو الأنفاق في وقت سابق من هذا العام بأن قرار رفع التذكرة إلى 2 جنيه عوّض الشركة عن خسارتها (المفترضة) وارتفعت الإيرادات إلى 700 مليون جنيه ووصل إجمالي الإيرادات إلى 1.4 مليار جنيه سنويّاً، بحسب التقرير.
وتحت عنوان فرعي آخر "تكلفة الاقتراض، الدولة تستبدل بالسياسات الضريبية العادلة الاستدانةَ الخارجيةَ والمواطن يتحمل النتيجة مرتين"، لفت التقرير إلى أنه بالإضافة إلى تكاليف الاستثمار التي أصبح المواطنون مُتلقو الخدمة يتحملونها على ثمن التذكرة منذ قرار الحادي عشر من مايو/ أيار، فإنهم على مر السنوات الماضية كانوا يتحملون تكلفة سداد القروض وفوائدها، فتصبح بذلك الطبقات الأكثر فقراً واحتياجاً إلى خدمة مترو الأنفاق تدفع كلفتين زائدتين على ثمن التذكرة، هما تكلفة الاقتراض وتكلفة الاستثمار.
وعدّد التقرير إجمالي عدد القروض التي تلقتها الهيئة في الخمس سنوات الماضية من "وكالة التعاون اليابانية "الجايكا" وبنك الاستثمار الأوروبي، والحكومة الفرنسية، والوكالة الفرنسية للتنمية، والوكالة الفرنسية للتنمية، والبنك الأوروبي ﻹعادة الإعمار والتنمية، والبنك الأوروبي ﻹعادة الإعمار والتنمية، وبنك الاستثمار الأوروبي.
ولفت أيضاً إلى أن وزارة التخطيط المصرية حددت في خطة 2017 /2018 حجم استثمارات قدرها 6.2 مليارات جنيه ممولة من الخزانة العامة للدولة والقروض والمنح ومصادر أخرى لاستكمال المرحلة الثالثة والرابعة والأولى. وبالتالي فإن عائد تطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية على البورصة في عام واحد كان من المتوقع أن يصل إلى 10 مليارات جنيه.
وفي بعض تصريحاته، عقب قرار زيادة أسعار التذاكر، قال وزير النقل هشام عرفات إنه "متعجب من رد فعل الناس في الشوارع"، وإنه "لن يتراجع عن قرار رفع سعر تذاكر المترو"، وإن "أسعار التذاكر القديمة، لا تمثل أي نوع من أنواع العدالة الاجتماعية".
وقالت المبادرة "تكمن القوة في تصريحات الوزير تحديداً في غياب الشفافية ونقص المعلومات، فيستطيع أي مسؤول في الدولة تبرير قراراته المنافية منطقيّاً للعدالة الاجتماعية بأنها أحد أوجه تلك العدالة، مبرراً بذلك حجم الدعم والأجور وغيرها، وهذان البندان تحديداً في تقديرات موازنة العام الجاري يمثلان نسبة تكاد لا تذكر من إجمالي الاستخدامات (إن قِيست على طريقة الحكومة) ونسبة أقل ضآلة إن قِيست من إجمالي المصروفات أو إن قورِنَت بسداد الديون أو الفوائد".
وأضافت المبادرة "لم يعمل الوزير على تحسين شفافية موازنة الهيئة العامة للأنفاق وحساباتها الختامية وإتاحة كل المعلومات بخصوصهم حتى يتمكن المواطنون من التأكد بأنفسهم من صحة التصريحات التي تتردد هنا وهناك عن الخسائر والعجز. كما لم تقدم الوزارة أي شرح لمنطق التسعير وعدد المستخدمين لكل تسعيرة من الثلاث حسب تقسيمة المناطق ومن يتحمل الزيادات الأعلى ولماذا، وما هو متوسط دخولهم الشهرية".
وقالت "حريٌّ بالوزير أن يقدم دراسة واضحة ﻷسباب تلك الخطوة بدلاً من أن يقول: "ضميري مستريح ومبسوط، وكان يجب أخذ هذا القرار من زمان".
وأصدرت المباردة عدة توصيات قبل تأكيد رفضها احتساب تكلفة الاستثمار على أسعار التذاكر، والتأكيد أن الاستثمار في الخدمات العامة دور أساسي للدولة تموله من الخزانة العامة عن طريق سياسات ضريبية عادلة، فضلاً عن أن تلك "تخلق إيرادات إضافية بعد البدء في تشغيلها".
وأوصت المبادرة المصرية بالتوقف عن التوسع في الاستدانة في كافة قطاعات الدولة وهيئاتها الخدمية والاقتصادية، والاستعاضة عن ذلك بضرائب استثنائية مختلفة تُطبق لعام واحد أو أكثر لتمويل الاستثمارات الاستثنائية المختلفة في الخدمات العامة، وبتبني سياسة ضريبية عادلة ومستدامة بشكل عام لتمويل النفقات الجارية والعمل على تحسين الخدمات وتطويرها.
وطالبت المبادرة المصرية بالالتزام بنشر الموازنة التفصيلية لكافة الهيئات الخدمية وحساباتها الختامية وإتاحتها للجمهور، وتوصي بإعلان دراسة واضحة ﻷسباب رفع سعر التذاكر.