حصل "العربي الجديد" على تسجيل فيديو يوضح استمرار عمليات حفر الخنادق في مدن عراقية عدة، تحت إشراف مليشيات "الحشد الشعبي" وقوات نظامية عراقية مختلفة، في الوقت الذي أكدت فيه مصادر محلية عراقية، أن عمليات حفر الخنادق جرفت حتى الآن نحو ألف بستان وحقل زراعي في مدن عراقية عدة، فضلاً عن الاستيلاء على آلاف الكيلو مترات وضمها لمدن أخرى من خلال تلك الخنادق، التي تسببت أيضاً في تجريف منازل مواطنين ومنشآت صناعية وتجارية.
ويجري ذلك وسط صمت مطبق من رئيس الحكومة العراقية، حيدر العبادي، ومجلس القضاء الأعلى، على الرغم من اعتراضات وطعون قانونية، تقدم بها ناشطون وحقوقيون ومنظمات عدة، اعتبرت ما يجري انتهاكاً للقانون ولحقوق الإنسان، وترسيخا لفكرة تقسيم العراق على أساس طائفي، وتوسيع جرائم التغيير الديموغرافي التي تنفذها مليشيات الحشد الشعبي.
وأعلنت مليشيا "العباس"، إحدى فصائل "الحشد الشعبي"، اليوم، عن استمرار عمليات حفر الخنادق في مناطق عدة من البلاد، من بينها مدينة بلد (80 كيلومترا شمال بغداد)، تحت مزاعم حماية مرقد ديني هناك، ومنع تسلل الإرهابيين إليها.
وبحسب بيان صادر عن المليشيا نفسها، فإن أعمال الحفر شارفت على الانتهاء.
وأكدت مصادر محلية في المدينة، لـ"العربي الجديد"، أن المليشيا جرفت بساتين ومنازل السكان القاطنين حول المدينة بالقوة، وأجبرت ملاك الحفارات على العمل بالسخرة بدون مقابل.
وحصل "العربي الجديد" على تسجيل فيديو يوضح عمليات الحفر حول مدينة بلد، والتي تقع ضمن محافظة صلاح الدين، يؤكد الدمار الواسع في المناطق الزراعية التي خلفتها تلك الخنادق.
وتجري عمليات حفر الخنادق تلك في محافظات الجنوب والوسط. وتفصل هذه المحافظات عن محافظات الشمال والغرب.
وكان مسؤول عراقي رفيع قد أكد أن الخنادق التي حفرت حول المدن أو التي يتم حفرها، تخالف عددا من مواد الدستور العراقي، التي تنص على أن "لكل عراقي الحق في الإقامة والتنقل في أي مكان داخل العراق".
وأضاف المسؤول لـ"العربي الجديد"، أن "دوافع طائفية وأخرى انفصالية عرقية تقف وراء تلك الخنادق". وبيّن أن "القائمين على مشاريع الخنادق تلك، وغالبيتهم من مليشيات (الحشد) وأحزاب دينية معروفة بولائها لإيران، تمكنوا من استقطاع أراض من محافظات ومدن ذات غالبية سنية وضمتها إليها، مستغلة حالة اللا أمن واللا حكومة في تلك المناطق وتمت بقوة السلاح".
وقال القيادي في تحالف القوى العراقية، رعد الدهلكي، لـ"العربي الجديد"، إن "الخنادق خطوة إضافية لتقسيم العراق". وأضاف الدهلكي "إن كانت من جانب أمني فهي بدائية، وإن دلت فإنما تدل على ضعف الجيش والأجهزة الأمنية، وإن كانت لفصل محافظة عن أخرى فهي مرفوضة، وهي خطوة أخرى نحو تقسيم البلاد".
وتابع أن "هذا ما بتنا نخاف منه، وقرعنا قبل أيام ناقوس الخطر، من أن تكون خنادق المليشيات والجيش تلك ترسيم حدود لتقسيم العراق على أساس طائفي وعرقي".
من جهته، رأى عضو البرلمان العراقي، طلال الزوبعي، أنّ "الأمن لا يتحقق بوسائل تعود للقرون الوسطى".
وقال الزوبعي، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، إنّ "إصرار الحكومة على الاستمرار في حفر الخنادق سيؤدي إلى زيادة النزاعات الطائفيّة والعرقيّة، ويجعل من العراقيين سجناء داخل هذه الخنادق، فضلاً عن أنّه لا يسهم في تحقيق الأمن". وأشار إلى أنّ "هذه الخنادق تعكس عقليّة حكام العراق"، مضيفاً أنّ "هذا التفكير يضع المحافظات داخل كانتونات، لنجد أنفسنا أمام حدود دوليّة بين محافظات متنازعة مستقبلا".