تُشكّل مرتبات أعضاء المليشيات العراقية الشهرية التي تدفعها الحكومة أو تلك التي تقدمها إيران، عاملاً رئيسياً في استمرارية تغوّل سلطة المليشيات في البلاد، وتزايد أعداد المنضمين لها وتكاثر فصائلها، إذ بلغت، مطلع الشهر الجاري، وفقا لأرقام حكومية عراقية، 74 مليشيا مسلّحة، بواقع 122 ألف عنصر، غالبيتهم العظمى يدينون بالولاء لإيران.
وكشف مسؤول حكومي عراقي بارز في بغداد لـ"العربي الجديد"، عن ارتفاع أجور أفراد المليشيات لتبلغ مليونا و162 ألف دينار عراقي، أي ما يعادل نحو 1000 دولار أميركي، وهو أجر يزيد عن مرتب أساتذة الجامعات الذين بدؤوا رحلة هجرة جديدة من العراق، بحثاً عن دولة عمل أو إقامة تضمن لهم الأمن والعيش الكريم.
وسلّمت الحكومة العراقية، وفقا للمسؤول ذاته، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، مرتبات مليشيات البصرة وبغداد في اليومين الماضيين، قبل أن تبدأ بتوزيع مرتبات المليشيات المتواجدة في الأنبار ونينوى وديالى وصلاح الدين، وباقي مناطق العراق، التي تُعرف بمصطلح المناطق الساخنة، بينما تم تسليم مرتبات أفراد المليشيات التي توجهت إلى سورية للقتال لدعم نظام الأسد لذويهم.
وتتجنب الحكومة العراقية تأخير مرتبات المليشيات أو التلكؤ في توزيعها، حيث تسبب آخر تلكؤ لها، في فبراير/شباط الماضي، في ارتفاع معدلات السرقة والجريمة والسطو المسلح.
وقال القيادي في التيار المدني العراقي في بغداد، حسام عيسى، إنّ على الحكومة النظر في مرتبات الكفاءات العلمية، فمن غير المعقول أن يتساوى الأمي الجاهل مع الدكتور والأستاذ الجامعي، وأضاف "هناك شعور بأن العراق تديره المليشيات، ولا قانون يحكم سبب ببدء هجرة الكفاءات العراقية".
وبيّن، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ الحكومة مجبرة على دفع مرتبات عالية للمليشيات، لأنها تخشاهم، لكنها تدمر البلاد بذلك.
وأعلن رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، قبل أيام، عن رفع مخصصات مليشيات "الحشد الشعبي" في العراق، بعد تحسن طفيف طرأ على أسعار النفط. وأوضح، في مؤتمر صحافي، أن مخصصات أفراد "الحشد الشعبي"، ستزداد اعتبارا من هذا الشهر.
بدوره، علّق الدكتور أحمد حسن، أستاذ فسلجة الحيوان بجامعة بغداد، ساخرا: "أفكر في ترك التدريس وشراء بندقية كلاشنكوف والانضمام إلى إحدى المليشيات، فمرتبي سيكون أكبر، كما أنني سأكون مرتاح البال من أنه لن يعتدي علينا أو يسرقنا أحد".
وأضاف لـ"العربي الجديد"، مع الأسف، لم يبق لنا مُقام في بلد يجوع فيه العالِم، ويتنعم الجاهل.
من جهته، اعتبر القيادي في مليشيات الحشد، الشيخ فاضل الحسني، أن مرتبات أفراد الحشد "استحقاق لمن يقدّم دمه على كفه لقتال الإرهاب" وفقا لقوله.
وأضاف لـ"العربي الجديد"، أن "الضجة الحالية حول مرتبات الحشد مفتعلة من جهات لها أجندات ولا تريد الخير للعراق، ويمكن القول إن عناصر الحشد أفضل شريحة في المجتمع الآن ولا يساويهم في الفضل أحد، وسنقطع لسان من يتطاول عليهم، سواء في الإعلام أو من على منصات ما تُعرف بالتيارات المدنية والعلمانية" وفقا لزعمه.
يشار إلى أن البرلمان العراقي صوّت، نهاية العام الماضي، على قرار يعتبر فيه مليشيات الحشد، قوات تابعة للحكومة، وألزمها برفع مرتبات أفرادها ودعمها عسكرياً، وهو ما خلق أزمة في البلاد، حيث تعارض كتل سياسية عدة هذا القانون، وتعتبره تشريعا للمليشيات ومحاولة لخلق قوات حرس ثوري بنسخة عراقية.