"العربي الجديد" تنشر ملفات فساد رئيس الوزراء المصري الحالي

20 مارس 2014
+ الخط -

أقام رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات المصري المستشار هشام جنينة دعوى قضائية ضد إبراهيم محلب أمام مجلس الدولة يتهمه فيها بإهدار ما يقارب خمسة مليارات جنيه من أموال الدولة؛ بالتواطؤ مع وزير العدل السابق؛ وعدد من المسؤولين.
تستند الدعوى إلى تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات، حيث أعدت إدارة مراقبة حسابات التخطيط العمراني والمجتمعات الجديدة بالجهاز تقريرها التفصيلي عن أعمال تخصيص بعض الأراضي في مدينة الشيخ زايد، الذي انتهى إلى ثبوت عدة مخالفات لقوانين البناء وقانون المناقصات والمزايدات واللائحة العقارية لهيئة المجتمعات العمرانية ترتب عليها إضرار بالمال العام بلغ قدره 4 مليارات و193 مليوناً و800 ألف جنيه.

"العربي الجديد" تنفرد بنشر ملف "الجرائم الجنائية، وفقاً لنص القانون"؛ وتقدم أولًا إضاءة موجزة حول شخصية المتهم.

إبراهيم رشيدي محلب محمد، الشهير بـ"إبراهيم محلب"، ثاني رئيس للوزراء في الحكومة المؤقتة في عهد الرئيس المؤقت المستشار عدلي منصور، ارتبط اسمه بنظام الرئيس المخلوع حسني مبارك، فهو أحد أبرز رجال أعمال الحزب الوطني المنحل، كان عضواً بلجنة السياسات في الحزب، وعيّنه مبارك بالاختيار عضواً بمجلس الشورى عام 2005.

عقب عودة "محلب" من رحلة الهروب إلى الخارج، بسبب تورطه في قضية فساد تخص عائلة "مبارك"، وهي القضية المعروفة إعلامياً بقضية "قصور الرئاسة"، وتوليه وزارة الإسكان، منذ 3 يوليو/تموز 2013 وحتى توليه رئاسة الوزراء في 1 مارس/آذار الجاري، ظهر له ملف فساد "خطير"، حيث إنه متهم رسمياً من المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات بإهدار نحو 5 مليارات جنيه خلال تلك الفترة.

ووفقاً للمستندات التي حصل عليها "العربي الجديد"، فقد أقام المستشار "هشام جنينة" دعوى قضائية ضد "محلب" أمام مجلس الدولة يتهمه فيها بإهدار المبلغ المذكور،مستنداً إلى تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات، حيث أعدت إدارة مراقبة حسابات التخطيط العمراني والمجتمعات الجديدة بالجهاز تقريرها التفصيلي عن أعمال تخصيص بعض الأراضي في مدينة الشيخ زايد، الذي انتهى إلى ثبوت عدة مخالفات لقوانين البناء وقانون المناقصات والمزايدات واللائحة العقارية لهيئة المجتمعات العمرانية ترتب عليها إضرار بالمال العام بلغ قدره 4 مليارات و193 مليوناً و800 ألف جنيه.

وقد تمثل جانب كبير من المبلغ المذكور في غرامات مخالفات مبان ثبتت في ذمة المخالفين للقوانين، وغدت حقاً من حقوق الدولة وفي ذمتهم، فضلًا عن فروق أسعار بيع بعض قطع الأراضي المتميزة بالأمر المباشر دون اتباع الإجراءات المنصوص عليها في قانون المناقصات والمزايدات ولائحة هيئة المجتمعات العمرانية، وهي وفقاً لنصوص القانون "جرائم تستوجب المساءلة الجنائية"؛ فضلاً عن علامات الاستفهام الكثيرة حول شبكة المستفيدين من تلك المخالفات؛ إذ تتضمن أسماء سياسيين ورجال أعمال كبار بالدولة.

ووفقاً لما جاء في تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات، فإن: "إبراهيم محلب تقاعس بصفته وزيراً للإسكان وقتها، بالتواطؤ مع كل من رئيس هيئة المجتمعات العمرانية ورئيس جهاز مدينة الشيخ زايد؛ عن إلزام المخالفين بسداد الغرامات وفروق الأسعار المذكورة والثابتة في ذمتهم، وأصدروا ونفذوا قرارات بتخفيض هذه الغرامات أو الإعفاء من جزء منها على غير سند صحيح من القانون".

وأوضح التقرير أن: "إبراهيم محلب أعفى بشكل مباشر المخالفين من الغرامات المستحقة عليهم دون أي سند قانوني لهذا الإعفاء، كما تقاعس المذكورون الثلاثة عن إبلاغ جهات القضاء الجنائي المختص بشأن هذه المخالفات توطئة للحكم جنائياً بها".

وكشف التقرير الصادر عن الجهاز، أن أبرز وقائع إهدار المال العام تخص وزير العدل السابق المستشار عادل عبدالحميد، بالتواطؤ المباشر مع "محلب" الذي كان وزيراً معه في حكومة "الببلاوي" لمجاملته، حيث إنه في 8 مارس/آذار 2006 تم تخصيص قطعة الأرض رقم 127 الكائنة بالمجاورة رقم 6 الحي 13 بمدينة الشيخ زايد لوزير العدل السابق المستشار عادل عبدالحميد.

وتم ذلك بالأمر المباشر بالمخالفة لقانون المناقصات والمزايدات ولأحكام لائحة هيئة المجتمعات العمرانية، وبسعر 462 جنيهاً للمتر، رغم أن الهيئة قد باعت المتر في نفس المكان بالقرعة العلنية – وبعد 9 أشهر فقط من هذا التخصيص المباشر – بمبلغ 820 جنيهاً للمتر، مما ضيع على الدولة حقوقاً مالية بلغت لهذه القطعة فقط مبلغ 437 ألفاً و930 جنيهاً.

وفضلا عن ذلك فقد تم البناء على هذه القطعة بمعرفة وزير العدل السابق، بطريقة مخالفة لقوانين البناء ومخالفة للترخيص الصادر عن رئيس جهاز مدينة الشيخ زايد، وللرسوم والتصميمات الهندسية المقدمة من عادل عبدالحميد، وهو ما أقر به رئيس جهاز مدينة الشيخ زايد في كتابه رقم 1813 بتاريخ 26 أغسطس/آب 2013، الموجه لنائب رئيس هيئة المجتمعات العمرانية لقطاع التخطيط والمشروعات، والموضح فيه أن قيمة الغرامات المستحقة على مالك هذه القطعة تبلغ 2 مليون و47 ألفاً و937 جنيهاً في حالة عدم المضاعفة.

ورغم ذلك "قام إبراهيم محلب بإصدار قرار بتاريخ 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2013 – أي خلال فترة توليه وزارة الإسكان – بإعفاء "عادل عبدالحميد" من أغلب المبالغ المستحقة عليه كغرامات مخالفات البناء، والممثلة في 5 مخالفات، وهي أولاً غرامة ارتفاع منسوب سقف البدروم بمقدار 25 سنتيمتراً عن المسموح به، ومقداره 26 ألفاً و500 جنيه، وثانياً غرامة مسطح غرف السطح عن المسموح به ومقدارها 98 ألفاً و856 جنيهاً، ومجموع المخالفتين يبلغ 125 ألفاً و356 جنيهاً، خفضها "محلب" إلى مبلغ 91 ألفاً و700 جنيه، معفياً عادل عبدالحميد من مبلغ 33 ألفاً و666 جنيها".

المخالفة الثالثة - وفقاً لنص لائحة الدعوى - غرامة البناء بالردود الجانبية زيادة على النسبة البنائية، ومقدارها 124 ألفاً و968 جنيهاً، وقام "محلب" بإعفاء "عادل" من هذه الغرامة بكاملها، أما المخالفة الرابعة فهي غرامة البناء بالردود الخلفي زيادة على النسبة البنائية، وقدرها 326 ألفاً و177 جنيهاً، وأعفى محلب المخالفة أيضاً بالكامل.

أما المخالفة الخامسة فهي مخالفة البناء بالزيادة على النسبة البنائية المسموحة، وقدرها مليون و465 ألفاً و235 جنيهاً، وأعفى محلب المخالفة أيضاً بكاملها لصالح عادل عبدالحميد.

وبذلك يكون مجموع الغرامات المستحقة على عادل عبدالحميد، ما يساوي مليونين و47 ألفاً و937 جنيهاً، لم يسدد منها سوى مبلغ 91 ألفاً و700 جنيه، ويبقى في ذمته مبلغ 1مليون و956 ألفاً و237 جنيهاً، مستحقة للخزانة العامة للدولة، فضلاً عن الفوائد القانونية المستحقة عليها.

وأوضح تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات أن: "محلب لا يملك سلطة تعطيل نص المادة 104 من قانون البناء رقم 118 لسنة 2008، وسائر النصوص العقابية الواردة في هذا القانون، وذلك بإعفاء المخالفين من سداد الغرامات المقررة للمخالفات التي ارتكبوها أو تقليل قيمتها، وبذلك فإن القرار الصادر عن محلب بصفته وزير الإسكان وقتها، بإعفاء المخالفين أو تغريمهم يمثّل إهداراً للمال العام للدولة بمبلغ وقدره نحو 5 مليارات جنيه، وأنه يتحمل مسؤوليتها القانونية".

وأوضح مصدر في الجهاز المركزي للمحاسبات، أن هناك تقريراً يعدّ بخصوص شركة المقاولون العرب خلال فترة تولي "محلب" رئاسة مجلس إدارتها، يتعلق بـ"عمولات" حصل عليها من مناقصات أسندت لشركة المقاولين العرب بالأمر المباشر، وقيامه مقابل ذلك بفتح الشركة ملكية خاصة لمبارك ووزرائه ورجاله في الدولة، وتسهيل استيلائهم على أموال الدولة، بحكم أن شركة المقاولون العرب هي شركة حكومية تابعة للدولة.

 

المساهمون