"الشاطر حسن" يودّع ساحرته المستديرة إلى الأبد

26 اغسطس 2014
حسن مع معشوقته كرة القدم (العربي الجديد)
+ الخط -

بات عاشق الكرة، الشاب السعودي حسن البقشي (23 سنة) أخيراً بطل حكاية حزينة أبكت عيون أهالي قريته الوادعة "الجبيل الزراعية"، الواقعة شرقي السعودية.
أيقنت القرية أن ابنها الخلوق، قد قضى بالفعل، ليس بعيداً منها، في ملعب رياضي مجاور، بالسكتة القلبية، وهو يطارد محبوبته المستديرة بعد أن كفّ عن مطاردة أحلامه.
تفتّح وعي حسن مبكراً في بيت جدّه، حيث كان يقيم مع والديه وإخوته وسط عائلة شبابها متيّم بلعبة كرة القدم، من أعمام وأبناء أعمام وأخوال، قريبين منه في السن، كما يشرح قريبه محمد لـ"العربي الجديد".
لم يغرّد حسن، الفتى الهادئ والمرح والرزين، خارج هذا السّرب. فمن يحيطون به جميعاً هم مجموعة من هواة لعب الكرة، يسهرون ليلاً على مشاهدة المباريات، ويقضون أوقات فراغهم في ممارستها. لم يكمل حسن دراسته مع أن معدّله كان مرتفعاً، واكتفى بشهادة الثانوية ليتسنى له الانخراط سريعاً في العمل في إحدى الشركات والمساعدة في إعالة والدته وأخواته ووالده المريض، فحسن هو الصبي الثاني في أسرة مكونة من فتيات عدة.
كان يوم حسن الأخير عبارة عن حفل وداع. ففي ذلك اليوم الذي هو يوم إجازته الأسبوعية في العمل، أقام جدّه وليمة حضرها أقارب حسن وأهل قريته. كان الشاب يتنقل بين الضيوف بخفة مسروراً، وكأنه أراد من دون أن يعي توديع الوجوه كافة.
وفي ذلك اليوم أيضاً، تواعد حسن، كما جرت العادة، مع أعضاء فريقه العشرة من الأقارب أن يقضوا فترة المساء في لعب كرة القدم. وكما كانت لحسن لحظات وداع مع الجميع، كانت له أيضا قصة وداع خاصة مع والدته التي كانت تضع عليه الكثير من الآمال والطموحات وتحلم أن تزفّه عريساً، بعد أن زفّت أخاه الأكبر.
تفقدت الأم الفرن لتجهز الطعام قبل أن تنصرف لخطوبة كانت مدعوّة إليها. وعندما أدركت أن قنينة الغاز قد فرغت هبّ حسن مبادراً إلى حمل القنينة الفارغة والتوجه الى محل بيع وتعبئة قناني الغاز، فخرجت الأم للمناسبة المفرحة مطمئنة ولم يدر ببالها أن الثكل كان على موعد معها. كانت لحظاتهما الأخيرة سويّاً.
في غمرة انشغال الأصدقاء بلعب الكرة خيّل لبعضهم أن عيني حسن لمعتا وعلت وجهه ابتسامة، سرعان ما سقط بعدها على الأرض. ولأنه لا ممرض ولا فريق طبيّ في الملعب، حمل الرفاق صديقهم وركضوا به إلى المستوصف القريب لكنهم وصلوا متأخرين.
وربما، لو كان في ملاعبنا أو لنواح قريبة منها ممرضون أو فرق طوارئ تهبّ بسرعة لكانت حياة حسن قد أنقذت وعاد إلى أهله ومعشوقته.
المساهمون