"الخطاب السياسي العربي: إكراهات الترجمة والمصطلحيّة" عنوان الكتاب الجماعي الذي صدر مؤخراً عن "المنشورات الجامعية - نانسي" في فرنسا، وهو عمل تطلّع المشاركون فيه إلى دراسة ظواهر لغوية عدة تخترق المجال السياسي العربي في سبيل الخروج بخلاصات لا تقتصر على المنظور اللساني بل تمتدّ إلى ما هو أشمل اجتماعياً وثقافياً.
أشرف على العمل كلٌّ من الباحث التونسي نجم الدين خلف الله، والباحثة اللبنانية هالة النجّار، وقد أشارا في مقدمة الكتاب إلى أن بناء المؤسسات السياسية الحديثة للدولة العربية قد اقتضى تجديداً في المصطلحات والتعابير المعتمدة. كما أشارا إلى أن أداتين قد أتاحتا هذا التجديد، وهما: التوليد المعجمي والترجمة، وبناء على ذلك جرى تقسيم الأبحاث التي يتضمّنها الكتاب إلى جزءين.
في الجزء الأول الذي حمل عنوان "التوليد المعجمي العربي"، نقرأ دراسة يتناول فيها الباحث الفرنسي جان كلود رولان "بعض المصطلحات السياسية في العربية الحديثة"، من ذلك يدرس مصطلحات: الاستقلال، النزاع، الإرهاب، الهيمنة (...). فيما درست الباحثة اللبنانية ريما اللبان المعجم السياسي العربي من منظور تعاقبي حيث تبرز تأثر تطوّره بالسياقات التاريخية والاجتماعية وخط سير الأحداث السياسية. أما الباحثة المغربية نادية بن لازمية فقد اقترحت ورقة عن التوليد المعجمي في الخطاب السياسي العربي باعتباره شكلاً من أشكال الابتكار.
وفي ورقته، يدرس نجم الدين خلف الله نموذجين من التوليد اللغوي (تكفير، تكفيري) حيث يشير إلى التطوّرات التي شهدها المصطلحان صلب اللغة العربية وصولاً إلى استقراره ضمن المعنى المستعمل اليوم، حيث يتقصّى التعريفات في أنواع متعددة من القواميس، وصولاً إلى وضعه ضمن نصوص قانونية واستعمالاته المؤدلجة بعد 2011. ويدرس الباحث المغربي محمد ناوي استعمالات كلمتي "النكبة" و"النكسة"، بينما تتناول الباحثة التونسية سنية مبارك "التوافق في الخطاب السياسي التونسي منذ ثورة 2011".
من جهتها تدرس الباحثة التونسية أنس الطرابسي تمظهرات المعجم السياسي عبر الأشكال الفنّية مشيرة إلى انتقال من حالة الغياب إلى ما يشبه "الغزو". فيما تناول شفيق أيوب "الهوية السمنتيقية للدولة والحريات في مصر"، وانكبّت نيفين ثروت على محاولة فهم العلاقة بين "الثورات العربية وابتداع التوليدات المعجمية".
الجزء الثاني من الكتاب حمل عنوان: "الترجمة السياسية"، وضمنه نقرأ بحثاً لهالة النجار بعنوان "الرسالة الانتخابية وإكراهات الترجمة"، فيما درست كارلا سرحان "تمثلات العلاقات اللبنانية السورية في التصريحات الوزارية اللبنانية" في الفترة بين 1970 و2016. واعتماداً على مدونة مختلفة اشتغلت ماريا نصر على ترجمة الرسالة السياسية من خلال الرسوم الكاركاتيرية لبيير صادق.
من جانبها، قدّمت ران نصار ورقة بعنوان "ترجمة الصيغ البلاغية في خطابات حسن نصر الله"، أما الباحثة الجزائرية صبرينا تجموعيت فقد كانت ورقتها بعنوان "البرهنة والتوجيه" وقد وضعت تحت الدرس الخطاب السياسي في الجزائر، فيما ختمت هناء بلأجرد الكتاب بورقة بعنوان "ترجمة الديمقراطية إلى العربية".