"التوك توك" يغزو الشوارع الراقية في القاهرة

31 أكتوبر 2014
توك توك في أحد شوارع القاهرة (خالد دسوقي/AFP/Getty)
+ الخط -
"حسّيت إحساس غريب معرفش مالي.. ما بَقِتش عارف يميني من شمالي"، كلمات غنائية تنطلق في أحيان كثيرة من مشغّل صوت درّاجة بخارية، ذات ثلاث عجلات، تشاهدها في عدد كبير من شوارع مصر، تحت اسم "التوك توك"، الذي ظهر في نهاية تسعينيّات القرن الماضي.

كلمات يصاحبها إيقاع عالٍ صاخب، تجدها في تجمّعات لمركبات "التوك توك" بالعاصمة.

مثل حيّ إمبابة، غربي القاهرة، الذي لا يخلو طريق أو ساحة انتظار فيه منها. ويقدّر عددها بنحو مليوني مركبة في مصر، بحسب إحصاءات غير رسمية. هي التي انتزعت اعترافاً قانونياً بها في يوليو/تموز الماضي، بعد سنوات طويلة من التّجاهل والمنع.

عمِّ سيِّد هو عجوز خمسيني، من سكان منطقة الشرابية شرق القاهرة، علّق على أغنيات "التوك توك" ضاحكاً: "حيث تجد صوتاً عالياً وكلاماً شعبياً فأنت تستمع إلى أغنيات التوك التوك".

ورغم انتقاد عمّ سيد هذا اللون الشعبي من الغناء، كما يعرفه سائقو "التوك توك"، إلا أنّه يعترف بالاستماع إليه مضطرّاً بحكم تواجده في حيّ شعبي يستخدم معظم أبنائه هذه الدرّاجة كوسيلة مواصلات، في غياب النقل العمومي. 

في مدينة 6 أكتوبر غرب القاهرة، ينتشر أيضاً "التوك توك" الذي يستوعب على الأكثر ثلاثة ركّاب، غير السائق. وتنتشر معه أغنياته الشعبية. أحد سكّان المدينة حازم محمد يتبرّم بها، لأنّه يفضّل الموسيقى الهادئة: "قلتُ مرّة للسائق بحدّة: وطي شويّة (أخفض الصوت قليلاً)، لكنّهم لا يستجيبون فيزعجون الركّاب، ومنهم من يفتعل مشاجرة مع السائق كي يوقف تلك المهزلة"، يروي لوكالة "الأناضول".

أغاني "التوك توك" بحسب الناقدة الفنية ماجدة موريس "تعبّر عن سياق اجتماعي فيه الكثير من الانفلات". وتقول في حديث لـ"الأناضول": "التجاوب مع أغاني التوك التوك في مناطق ورفضها في أخرى مرتبط بوجدان شعبي يعتمد الإيقاع السريع العالي والحماسي والتفاعلي"، مستدركة: "لكن ليس معنى انتشارها أن تكون متعمّقة في وجدان المصريين، فهناك شرائح كاملة لا تسمعها ولا تغنيها وإنّ سمعتها فتكون مضطرّة". 


أيضاً يحفل "التوك توك" بـ"الحِكَم" والمواعظ على واجهاتها الخلفية. أحد مالكي "التوك توك"، وهو شاب ثلاثينيّ رفض ذكر اسمه، كان يقف بمركبته على مدخل كوبري أحمد عرابي في منطقة المهندسين ينتظر ركابه، ويشرح سبب وضع "الحِكَم للتّزيين (التجميل)، ولإبعاد الحسد، أو جذب تعاطف المواطنين".

أيضاً نجد على جنبات "التوك توك" صور فنّانين مصريين وعبارات شهيرة لهم، منها مقولة الممثّل المصري الشاب محمد رمضان، في أحد أفلامه: "أصل الطيّب في الزمن ده (هذا) مالهوش (ليس) مكان"، في إشارة إلى الظلم الذي يتعرّض له الصالحون على أيدي الأشرار. أو: "الرجولة مواقف والندالة دروس".

الجديد امتداد "التوك توك" إلى مناطق راقية، منها حيّ المعادي في القاهرة، وأحياء ذات بعد اجتماعي متميّز مثل حدائق الأهرام والمهندسين ومدينة نصر.
 

تيم أحمد هو أحد سكّان حيّ حدائق الأهرام، قال لـ"الأناضول" إنّ "عدم وجود مواصلات متوفرة للتنقّل داخل الحيّ سبب لقبول وجود التوك توك رغم التضرّر من سلوكيات سائقيه الشعبية، سواء في نوعية الأغنيات التي يبثّها أو في السلوكيات الشعبية المرفوضة التي تميز أغلب سائقيه".

المساهمون