قوى عراقية تتمسك بـ"الاستحقاق الانتخابي": غطاء التحاصص بحكومة الكاظمي المرتقبة

16 ابريل 2020
ضغوط سياسية تمارس على الكاظمي(فيسبوك)
+ الخط -
يبدو أنّ الدعم الذي منحته القوى السياسية العراقية لرئيس الوزراء المكلّف مصطفى الكاظمي لم يكن كاملاً، إذ إنّه وبعد يوم واحد من إعلانه عن إكمال كابينته الوزارية، وقرب عرضها على الكتل السياسية قبل تقديمها إلى البرلمان رسمياً، تؤكد مصادر سياسية عدة في بغداد، تمسك قوى وجهات سياسية بما تسميه أهمية المحافظة على "الاستحقاق الانتخابي"، المصطلح البديل لحكومة "المحاصصة الطائفية"، أو "المكونات السياسية" التي أثقلت تقدم العراق بمختلف جوانب الحياة ورسخت الفساد المالي والإداري والانقسام المجتمعي.

الكاظمي الذي أكد، في حديث لوسائل إعلام محلية، أمس الأربعاء، أنه يستعد لمناقشة كابينته الوزارية مع الكتل السياسية قبل عرضها على البرلمان للتصويت عليها، دون أن ينسى التذكير بأنه "لا يملك عصا سحرية وأنه رئيس وزراء أزمة"، قاطعته مصادر سياسية في بغداد، مؤكدة أنّ غالبية الوزراء بحكومته سيمرون من باب الكتل السياسية.

وأوضحت المصادر، لـ"العربي الجديد"، اليوم الخميس، أنّ الأمر سيطبق وفقاً لما يعرف بـ"الاستحقاق الانتخابي"، بمعنى أنّ لكل كتلة أو تحالف سياسي عدداً من الوزارات والمناصب وفقاً لعدد مقاعدها في البرلمان. وبما أنّ الكتل ذاتها تقدم نفسها على أنّها ممثلة لمكونات طائفية وعرقية، فإن الحكومة بطبيعة الحال لن تختلف عن الحكومات السابقة في المحاصصة الطائفية.

واليوم الخميس، أعلن عضو البرلمان حسن فدعم، في بيان، أنّ رئيس الوزراء شكل وفداً سياسياً للتفاوض مع جميع الكتل السياسية بشأن حكومته، مضيفاً أنّ "الكتل السياسية الشيعية على الرغم من امتلاكها الأغلبية في تمرير حكومة الكاظمي داخل مجلس النواب، إلا أنها تريد أن يكون التوازن المكوناتي حاضراً في الحكومة الجديدة". وأشار إلى أنّ "الاجتماع الأخير الذي عقد بين رئيس الوزراء المكلّف وزعماء الكتل الشيعية، أكد على ضرورة التفاوض مع القوى الكردستانية والسنية، ومراعاة التوازن في التشكيلة الحكومية الجديدة".

ووفقاً لعضو بارز في تحالف "النصر" بزعامة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، فإنّ "القوى السياسية المختلفة تتفاوض على مستوى زعماء الكتل وبشكل مغلق مع الكاظمي، لذا لا يمكن اعتبار حديث أي نائب أو شخصية سياسية غير قيادية، على أنها معلومات صحيحة أو مسلّم بها"، مبيناً، لـ"العربي الجديد"، أنّ "رؤساء الكتل يتفقون مع الكاظمي على أسماء محددة وهو من يختار منها لوزارته، والأزمة الآن بين الكتل السياسية في المكون الواحد نفسه كما في المكون السني والكردي، إذ إنّ كل كتلة أو طرف يدعي أنه الممثل الأول أو الأكبر سياسياً للمكون، وهذا دليل عل أنّ الحكومة في جوهرها عبارة عن حكومة محاصصة".
وأكد أنّ الأمر نفسه "داخل القوى السياسية الشيعية وحتى التيار الصدري لم يرفض آلية وتحركات الكاظمي بشأن المناصب الوزارية"، في إشارة إلى قبوله بها.

وأقرّ أعضاء في البرلمان بوجود ضغوط على الكاظمي في اختيار كابينته الوزارية. وقال النائب غايب العميري لوكالة الأنباء العراقية (واع)، إنّ "بعض القوى السياسية من مكونات مختلفة ما زالت مصرة على قضية الاستحقاق الانتخابي ضمن حكومة الكاظمي". وأضاف أنّ "الكاظمي سيواجه صعوبة في كابينته الوزارية بين التكنوقراط وإرضاء الكتل السياسية التي تطالب بالاستحقاق الانتخابي".

تحالف "الفتح"، الجهة السياسية الممثلة لـ"الحشد الشعبي"، وهو أكبر الكتل الداعمة للكاظمي، لم يستبعد إمكانية سحب الكتل الدعم من المكلف.

وقال النائب عن التحالف أحمد الكناني، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الكاظمي جاء عن طريق التوافق بين الكتل، لكن تخلّي الكتل الداعمة له أمر وارد، لا سيما أن هناك صراعات داخل المكون الواحد، بشأن الحصول على الوزارات ومن يحصل على هذه الوزارة أو تلك، وقد تم تقسيم الوزارات على درجات، وزارة من الدرجة الأولى وأخرى من الدرجة الثانية والثالثة".

وأضاف أنّ "النظام السياسي في العراق مبني على التوافق أو المحاصصة، ومبدأ التوازن نص عليه الدستور العراقي بشكل صريح"، معتبراً أنّ "نجاح الوزير لا يتعلق باستقلاليته أو انتمائه الحزبي، وأن وزراء حزبيين أثبتوا نجاحاً في حكومتي عادل عبد المهدي وحيدر العبادي".

وينتقد سياسيون ما يسمى بـ"تخويل" الكتل السياسية للكاظمي باختيار الوزراء، وأكد نائب رئيس الحكومة الأسبق، بهاء الأعرجي في تغريدة له على "تويتر"، "لقد خوّلت جميع قيادات مكونات الكتلة الكبرى، رئيس الوزراء المُكلّف باختيار كابينته الوزارية، وأنها بعد الاجتماع معه، عادت غالبية هذه القيادات وأرسلت مُمثلين عنها للمُكلّف وطالبته بوزارات معينة مع تسميتهم لوزيرها"، مبدياً استغرابه "من هذا التخويل".

المساهمون