"الائتلاف الوطني السوري"... ثبات على المبادئ أم أداء باهت؟

11 يوليو 2020
انتخب الحريري رئيساً للائتلاف (فايز نور الدين/فرانس برس)
+ الخط -

رغم مرور أكثر من 7 سنوات على تشكيله، لم يستطع "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية" الحصول على الثقة الكاملة للشارع السوري المعارض، بل إن قطاعا واسعا منه يعتبر الائتلاف بتركيبته الراهنة كياناً معطّلاً للعمل الثوري بسبب الأداء السياسي الباهت والخلافات بين مكوناته المختلفة الرؤى والأهداف، ما أسهم في فقدانه الكثير من وزنه السياسي في المشهد السوري المضطرب. 
وإزاء ذلك يصر أعضاء "الائتلاف" على أنه لم يقدم أي تنازلات في المفاوضات مع نظام بشار الأسد تمس ثوابت الثورة السورية، وهو ما دفع أطرافا إقليمية ودولية إلى محاولة تقليص دوره بل تهميشه من خلال خلق منصات سياسية مرتبطة بأجندات تخدم مصالح الدول التي تدعمها. 
وما زال "الائتلاف الوطني السوري" يحاول استعادة دوره السياسي من خلال تجديد هيئته الرئاسية والسياسية، حيث بدأت اليوم السبت أعمال الدورة 51 لـ "الهيئة العامة للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية" في مدينة إسطنبول التركية، التي تم خلالها انتخاب رئيس وهيئة سياسية جديدة.
كما أنه من المقرر "عقد سلسلة اجتماعات على مدى يومين لمناقشة الوضع الداخلي والتحديات التي تواجه الثورة"، وفق مصادر في "الائتلاف"، رفضت الكشف عن هويتها، أشارت إلى أنه "سيجري استعراض تقارير من هيئة التفاوض ومن الحكومة السورية المؤقتة ووحدة تنسيق الدعم". 
وانتخبت "الهيئة العامة" الرئيس السابق لهيئة التفاوض، نصر الحريري، رئيسا للائتلاف عقب انتهاء تكليف أنس العبدة بالمنصب، الذي تولاه لسنة. وتبادل الحريري والعبدة الأدوار حيث اختارت هيئة التفاوض الأخير رئيسا جديدا لها مؤخرا.


كما اختارت الهيئة العامة للائتلاف 19 عضوا للهيئة السياسية، و3 نواب للرئيس هم ربا حبوش وعبد الحكيم بشار وعقاب يحيى، بينما احتفظ العميد عبد الباسط عبد اللطيف بمنصبه أمينا عاما. 
ومنذ تأسيسه في نوفمبر/ تشرين الثاني 2012 في العاصمة القطرية الدوحة في غمرة الحراك الثوري في سورية، من تحالف يضم قوى الثورة والمعارضة السورية، مر الائتلاف بالعديد من المنعرجات السياسية الهامة التي ألقت بظلالها على الثورة السورية. 
ونال الائتلاف اعترافا وترحيبا إقليميا ودوليا، ولكنه مع مرور السنوات فقد الكثير من بريقه السياسي، وخاصة مع ظهور منصات سياسية أخرى بدفع إقليمي ودولي وذلك من أجل تشتيت التمثيل السياسي لقوى الثورة والمعارضة السورية. 


ولم يستثمر الائتلاف الوطني السوري الكثير من الفرص التي لاحت له من أجل ترسيخ وجوده في الداخل السوري، حيث لم ينقل مقره من إسطنبول في عام 2013 رغم أن فصائل المعارضة سيطرت في بداية ذلك العام على مساحات كبيرة من الجغرافية السورية أبرزها مدينة الرقة شرقاً. 
كما دخلت مكونات الائتلاف الوطني المتعددة والمتباينة الرؤى والأهداف السياسية بخلافات بيّنية في الوقت الذي كانت فيه قوات النظام والمليشيات الإيرانية والطيران الروسي يفتك بالسوريين، وهو ما هدم كل جسور الثقة بين الائتلاف والشارع المعارض.

ما زال "الائتلاف الوطني السوري" يحاول استعادة دوره السياسي من خلال تجديد هيئته الرئاسية والسياسية

لكن مصدرا في الائتلاف أشار في حديث مع "العربي الجديد" إلى أنه رغم وجود الكثير من السلبيات التي تكتنف أداءه إلا أنه لم يتنازل عن ثوابت الثورة ولم يقدم تنازلات في مفاوضات جنيف الأممية من شأنها إعادة إنتاج النظام.
وأضاف المصدر، الذي رفض الإفصاح عن هويته، أن "الائتلاف تعرض لكثير من الضغوط الإقليمية والدولية طيلة سنوات، ولكنه ما يزال يرفض التساهل مع مطالب السوريين بالتغيير العميق تحت ذريعة الواقعية السياسية التي تروّج لها منصات أخرى".

من جانبه، يرى الباحث السياسي السوري، حمزة مصطفى، أن "الائتلاف نشأ كمظلة جامعة لقوى الثورة والمعارضة السورية في مرحلة مختلفة من تاريخ الشعب السوري عندما كانت الثورة في أوج قوتها"، موضحا في تصريح لـ "العربي الجديد" أن "النخب السورية بشكل عام والسياسية خاصة لم تع اللحظة التاريخية للثورة والتي كانت تفترض أدوات عمل جديدة تتجاوز أساليب العمل القديمة والحسابات التقليدية التي أسقطتها قوى المعارضة السياسية على عملها". 
وتابع مصطفى قائلا: "ذلك أحدث فارقا ما بين العمل الثوري الميداني والعمل السياسي على الأرض، وخلق ثنائية الداخل والخارج التي كانت في بعض الأوقات مقتلاً للثورة، وبهذا المعنى لم يقدم الائتلاف السوري الكثير وسادت فيها التنافسية السياسية البينية على النضال السياسي لإسقاط الاستبداد وبناء الدولة الوطنية". 

وأعرب مصطفى عن اعتقاده بأن المعارضة السورية "لا تتحمل كل المسؤولية فالمثالب (النواقص) السابقة موجودة في مختلف الدول بما فيها المتقدمة، ما يفرض النظر إلى عوامل أخرى وخاصة العوامل الدولية". وأضاف: "كان التذرع بانقسام المعارضة وعدم وحدتها حجة تبريرية استخدمتها القوى الدولية، خاصة الفاعلة في الأزمة السورية كتبرير أخلاقي عن التقصير في اتخاذ إجراءات رادعة ضد النظام". 
وأشار إلى أن "بعض الدول استخدمت المعارضة للتنافس الإقليمي وغدا هذا الأمر مكانا لإسقاط الخلاف على الواقع السوري ما فرض الكثير من المشاكل الداخلية وعطل عمل الائتلاف، خاصة أن الدول استمرت بالتعامل مع القوى العسكرية خارج المظلة السياسية التي دعمتها".