"إنسباير" مجلة "القاعدة" بالانجليزية: خير دعاية للخوف

06 سبتمبر 2014
"إنسباير" غير مشروعة وتضعك على قوائم المراقبة
+ الخط -

كاتب هذا المقال هو فان بورين، مؤلف "نيّتنا كانت طيبة. كيف أسهمت بدوري في خسارة معركة كسب قلوب وعقول الشعب العراقي". يتصفح مجلة "إنسباير" الإلكترونية، التي تصدرها القاعدة باللغة الإنجليزية، منذ عام 2010. ويجد الكثير ممّا كان يتوقعه وما لم يكن يتوقعه.

تهدف المجلة، في الأساس، إلى نشر الفكر المتشدد بين شباب القراء في الولايات المتحدة وبريطانيا، وهي تصدر بصورة شبه منتظمة (هناك 12 إصداراً حتى الآن). تصميم المجلة، التي تصدر بالإنجليزية، جيد والمقالات الواردة فيها مزيج من الموضوعات التي تبثّ الفكر الديني والجهادي والتقارير الإخبارية وإرشادات لصنع القنابل.
أما عن إرشادات صنع القنابل، فإن هذا هو أكثر جزء مثير للجدل: تلك الإرشادات الواضحة المصحوبة بالصور التي ترشدك خطوة بخطوة كيف تصنع متفجرات باستخدام مواد في المتناول، ناهيك عن التشجيع على استخدامها في الأماكن الحاشدة.
كان يعتقد يوماً أن المجلة من عمل أنور العولقي.. وهو مواطن أميركي باتت صورته سيئة بعدما كان يوماً خطيب مسجد بشمال فرجينيا، كما أنه حضر مأدبة غداء في البنتاجون. لكن المجلة لا تزال تصدر رغم أن طائرة أميركية بلا طيار اغتالت العولقي وابنه القاصر في اليمن عام 2011. ولا تزال أفكار العولقي يعاد طبعها بعد موته ولا تزال مؤثرة. وهذا يجعلك تعرف بدرجة كبيرة في جملتين كل ما تحتاج لمعرفته عن فشل الحرب على الإرهاب.
ولأن قراءة "إنسباير" أو حيازتها يمكن أن تكون غير مشروعة في المملكة المتحدة واستراليا، كما أن الاطلاع عليها في الولايات المتحدة سيضعك على الأرجح على إحدى قوائم المراقبة، فسأعطيك لمحة عمّا يمكن أن تجده فيها.
العدد الحالي من "إنسباير" يبدأ بكلمة غريبة من رئيس التحرير: عجزت الحكومة الأميركية عن حماية مواطنيها من قنابل وعاء الضغط الموضوعة في حقائب الظهر.. وإني لأسأل إن كانت جاهزة لمنع تفجير السيارات الملغومة. لذلك ـ ومن منطلق مسؤوليتنا تجاه الأمة الإسلامية عامة والمسلمين المقيمين في أميركا خاصة ـ فإن "مجلة إنسباير" يشرّفها أن تقدم لكم وصفة بسيطة يمكن إعدادها في المنزل لتلغيم سيارة. والنبأ السار هو أن.. بإمكانك إعدادها في مطبخ والدتك أيضاً".
وللأمانة، فإن إخراج هذا من مطبخ الوالدة يتطلّب أن يكون زاخراً بمواد غير معتادة إلى حد كبير، مثل أجهزة القياس وصمامات إحكام الإغلاق.. لكننا سنصل إلى هذه المرحلة في لحظة.
وتنشر المجلة مقتبسات لمشاهير وأشخاص عاديين على موضوعات إخبارية معظمها انتقادات حادة للسياسة الأميركية الخارجية. إحداها لشخص قال إنه طالب جامعي مسلم في الولايات المتحدة، وجاء فيها:
"أتذكّر أن أستاذاً قال إنه لو كان بالعراق لكان مع الطرف الآخر على الأرجح. وأتذكر أني نظرت إليه وقلت لنفسي: كنت سأسجن لو أني فكرت هكذا".
لكن في حين أن هناك الكثير من المضمون الجهادي الدموي مكتوب بإنجليزية ركيكة، فإن الأمر لا يسير كله على هذا المنوال في "إنسباير". يتساءل أحدهم إن كان هذا النهج (الساخر عرضاً، الجاد عمداً)، ليس فعلاً وسيلة فعالة للحديث إلى شباب محبط.
رغم وعدي.. لم أقرأ فعلياً كل كلمة بالمقالات التي بدأت بـ"مر اثنا عشر عاماً على معارك نيويورك وواشنطن وبنسلفانيا المباركة..."، وحين يسأل الكاتب: "أليس من المحزن أن يكون عشاء "بو" (كلب أوباما)، بأموال دافعي الضرائب، أفضل من طعام 100 مليون أميركي؟". أعرف إلى أين هم ذاهبون دون قراءة الموضوع بأكمله. والأمور تتبدّل على هذا المنوال بالنسبة لمعظم محتوى المجلة. إنه خليط من تفكير مستغرق وكتابات هائمة غامضة غريبة وآيات قرآنية وجرعة قوية من معاداة السامية متناثرة هنا وهناك. لكن الأمر يصبح بالغ الجدية حينما يتحوّل الموضوع إلى تلغيم السيارات.
تقول المجلة إنها تنشر إرشادات صنع القنابل "المفتوحة المصدر" للسماح للراغبين في القتال "بالاستعداد للقتال" من داخل أجواء المنزل. لست كيميائياً، لكن الوصفة تبدو سهلة بفضل تقسيمها لخطوات بسيطة مصحوبة بصور توضيحية. وتحمل الدروس العملية إشارة تقود إلى الكلام النظري، عندما يتطرق الكتاب إلى كيفية احتراق الشحنة المتفجرة أو كيفية قياس الضغط وما إلى ذلك. ويجري استعراض طرق تفجير مختلفة لتتوافق مع الغاية المرجوّة.. إن كنت تسعى لتفجير في وقت محدّد أو تعتزم تنفيذ تفجير انتحاري حيث يكون تفجير القنبلة يدوياً.
وفي النهاية، يكون هناك انطباع بأن التفجير اليدوي بسيط بما يكفي لعمل قنبلة ناجحة بالفعل.
من غير الإنصاف أن تغلق صفحات "إنسباير" وتقول: "فرغت منها دون أن أشعر بشيء". في النهاية.. ما يبدأ بضحكة، ينتهي نهاية جادة جداً. لذا حين تقرأ تقارير أخرى عمّا تحويه "إنسباير" (ومعظمها يركز على نشر خوف مبالغ فيه أو على الاستخفاف بالمجلة)، أعط لنفسك فرصة لوهلة للتفكير في ما تحققه المجلة: هي تجعلك خائفاً حقاً. وهذا ما تفعله الدعاية الجيدة.. أن تتسلّل إلى قلبك. و"إنسباير" دعاية جيدة.

المساهمون