غابت أيام قرطاج الموسيقية عن المشهد الفني التونسي لأكثر من أربع سنوات، وهي تستعد لعودة مميزة كما يقول منظموها بحضور النجوم صباح فخري وراغب علامة ولطيفة، وأسماء بارزة أخرى، تحت إشراف وزارة الثقافة والمحافظة على التراث في تونس.
وتنطلق الدورة الثانية لأيام قرطاج الموسيقية يوم غد السبت، وتتواصل إلى 21 مارس/آذار الجاري، وتحتضنها فضاءات ثقافية مختلفة في العاصمة التونسية.
ويرأس الفنان مارسيل خليفة لجنة التحكيم التي تضم أيضاً الموزع الموسيقي التونسي عصام الشرايطي وعازف الناي السوري مسلم رحال والمغنية آمي ساكو منمالي والشاعر التونسي آدم فتحي والمغنية التونسية ليلى حجيج إضافة إلى هشام البدراني وياسين بولعراس.
وانطلق المهرجان في ثمانينات القرن الماضي بعنوان "مهرجان الأغنية التونسية" ثم تغيرت تسميته إلى "مهرجان الموسيقى التونسية" سنة 2005 وانتظم تحت مسمى "أيام قرطاج الموسيقية" لأول مرة في ديسمبر/ كانون الأول 2010، قبل أن يتوقف طيلة الفترة الماضية حتى الأن.
"العربي الجديد" التقت حمدي مخلوف، مدير الدورة الجديدة من أيام قرطاج الموسيقية، فقال: "أجهل أسباب التوقف، وكل ما أعرفه أن الدورة الأولى انتظمت من 18 إلى 25 ديسمبر/ كانون الأول 2010، أي مباشرة بعد اندلاع الثورة وإحراق البوعزيزي نفسه، ربما تأثرالمهرجان بذلك أو ببعض مشاكل أخرى".
ويأمل النقاد والفنانون والجمهور التونسي أن تكون دورة هذا العام في مستوى الانتظار بعد الغياب الطويل، حيث تتضمن فعاليات "الأيام" عديداً من العروض الموسيقية، إضافة إلى مجموعة من الأنشطة والندوات وورشات العمل المتعلقة بالموسيقى وصناعتها.
ويضيف مخلوف: "تعود أيام قرطاج الموسيقية بهيكلة وتصور جديدين في تونس ما بعد الثورة ونطمح أن تكون سوقاً موسيقية جنوب متوسطية ذات انفتاح عربي وأفريقي".
ويحتد التنافس في المسابقة الرسمية للمهرجان بين 16 عرضاً موسيقياً لفنانين تونسيين وأجانب وهم عبيرالنصراوي، وأنيس القليبي، وبشير الغربي، وحمزة زرمديني، وعتاب الجلايلي، ومهدي شقرون، ومحمد علي كمون، وسليم عبيدة، والطاهر القيزاني، وزياد الزواري، والشيخ ساديبو سامب من السنغال، وكوليبالي سليمان من ساحل العاج.
ويتنافس المشاركون على جوائز "التانيت" الذهبي والفضي والبرونزي، وهي الجوائز الأبرز في أيام قرطاج الموسيقية، إضافة إلى جوائز أخرى خاصة بالمهرجان.
واستغنت الدورة الثانية من أيام قرطاج الموسيقية خلال مسابقاتها الرسمية عن عرض الأغنية أو المعزوفة الواحدة، واتجهت نحو عروض غنائية متنوعة مع "ضمان حرية اختيار الأنماط والاتجاهات التأليفية" بحسب مخلوف.
وتحتضن أيام قرطاج 21 عرضاً موسيقياً خارج إطار المسابقة الرسمية، ومسابقة خاصة بآلة الناي، يتبارى فيها كل من أحمد لتيم، ومحمد بن صالحة، ورامي عُرابي، وطارق شابير، إضافة إلى حفلات فنية مجانية موجهة للشباب في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة.
كذلك يقام على هامش الدورة، معرض للصناعات الموسيقية يشارك فيه 40 عارضاً في عدة مجالات، وسيعمل المعرض على تجميع المتدخلين في قطاع المهن والصناعات والخدمات في مجال الموسيقى من أجل التعريف بمنتجاتهم والدعاية لها وعرضها للمختصين والعموم.
واختير عرض "ناقوز" للفنان التونسي منير الطرودي بمشاركة سفيان الزايدي وأسماء بن أحمد، لسهرة الافتتاح التي ستشهد أيضاً تكريم عدد من الفنانين بجائزة "زرياب"، ومن بينهم الملحن التونسي زياد غرسة، والباحث الموسيقي المغربي عبد العزيز بن عبد الجليل، وعازف الناي العراقي علي إمام، تقديراً لمسيراتهم ومساهماتهم الفنية، بحسب مدير أيام قرطاج الموسيقية حمدي مخلوف.
أما عرض الختام فسيكون بعنوان "وصلة المدينة" للفنان زياد غرسة.
وتعتبر أيام قرطاج الموسيقية أول نشاط ثقافي مهم في تونس بعد تولي لطيفة الأخضر حقيبة وزارة الثقافة في فبراير/شباط الماضي، وهي التي سبق أن أعلنت في تصريحات إعلامية أنها "ستسعى لتطوير المهرجانات الفنية بمنحها بعداً دولياً على الأقل في مستوى عربي وشرقي وأفريقي وعلى مستوى الضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط".
ومنذ اندلاع الثورة، منع متشددون إقامة عدة عروض فنية وتعرض فنانون للاعتداء وتعددت المخاوف حول حرية التعبير والإبداع، لكن دستور تونس الذي صادق عليه المجلس الوطني التأسيسي مطلع العام الماضي ينص في فصله 42 على أن "حرية الإبداع مكفولة وتشجع الدولة الإبداع الثقافي وتدعم الثقافة الوطنية في تأصلها وتنوعها وتجددها بما يكرس قيم التسامح ونبذ العنف والانفتاح على مختلف الثقافات والحوار بين الحضارات".
ويتمنى مخلوف أن تتحول أيام قرطاج الموسيقية انطلاقاً من هذه الدورة إلى "ملتقى سنوي لكافة المبدعين والمهتمين بالميدان الموسيقي، وأن تكون نقلة نوعية تمكن الجمهور التونسي والعربي والأفريقي من متابعة جديد الفنانين وإبداعاتهم".