"أمالي القشيري": نسخة محقّقة جديدة

27 مارس 2020
رشيد أرشد/ الباكستان
+ الخط -

يعدّ أبو القاسم عبد الكريم القشيري أحد كبار المتصوّفة في القرن الحادي عشر الذي جمع بين التأليف في علوم الدين وبين الأدب والشعر، حيث وضع العديد من المؤلّفات التي لا يزال جزء منها مخطوطاً لم يتمّ تحقيقه إلى اليوم، منها "منثور الخطاب في مشهور الأبواب" و"المنشور في الكلام على أبواب التصوف"، كما فُقد العديد من آثاره.

عاش الفقيه وعالم الكلام (376-465 هـ / 986- 1072 م) في مرحلة شهدت جدالاً واسعاً بين الأشاعرة الذين انتسب إليهم ودافع عن أفكارهم وبين الحنابلة، وتعرّض بسبب آرائه إلى السجن والنفي من نيسابور حيث تنقّل بين بغداد والحجار، قبل أن يعود إليها ويقيم فيها حتى رحيله.

صدر حديثاً عن "دار المشرق" نسخة محقّقة من كتابه "أمالي أبي القاسم القشيري" بتحقيق بلال الأرفه لي وفرانشسكو كيابوتي، والذي يتضمّن دراسة توثّق للعلاقة بين الصوفية وعلم الحديث في تلك الحقبة في مناطق جغرافية عدّة من العالم الإسلامي تمتدّ من خراسان إلى بلاد الشام.

ويحاول الباحثان فهم العلاقة بين التصوّف والحديث التي شكّلت أحد أبرز العوامل في انتشار الصوفية وترسيخها في المجتمعات الإسلامية خلال العصور الوسطى، أي ما بين القرنين الحادي عشر والثالث عشر الميلاديين، انطلاقاً من دراسة النصّ والسياق التاريخي لتداوله.

يمثّل الكتاب امتدادً للمنهج الإصلاحي الذي سعى صاحب كتاب "الحقائق والرقائق" إلى تثبيته في جملة من رسائله ومصنّفاته، مبتعداً عن أدوات المفسّرين والمحدّثين التقليدية التي تعتمد أسباب النزول وسرود رواية الحديث، من خلال استناده إلى علم الكلام في تناول الأسماء والصفات والقدر وخلق الأفعال ومصير مرتكب الكبائر ورؤية الله يوم القيامة.

عاش القشيري، بحسب الكتاب، في المرحلة التي انتقل فيها التصوّف كممارسة للزهد والنسك إلى بناء فلسفة روحية ضمن تنظيرات فلسفية تطرّقوا فيها إلى أحوال النفس والذوق والعرفان، وهي فترة أسّست لاحقاً إلى ظهور مؤلّفات فكرية تبحث في وحدة الوجود على يد محيي الدين ابن عربي والسهروردي وآخرين.

وأتت مساهمات أبي القاسم في هذا المجال من خلال مؤلّفاته العديدة، وإنشائه مدرسة حملت اسمه في نيسابور تخرّج منها العديد من أتباعه والمريدين، الذين وثّقوا جزءاً من دروسه ومحاضراته في كتبهم.

المساهمون