"أكاديمية التحرير".. كل حاجة حلوة لازم تموت!

12 اغسطس 2015
شعار أكاديمية التحرير التي تم وقفها (المصدر)
+ الخط -

"عيب أكاديمية التحرير الوحيد أنها في مصر.. كل حاجة حلوة بدأت بعد 2011 انتهت، كل حاجة حلوة في البلد دي لازم تموت".. هكذا علق أحد المتابعين لأكاديمية التحرير على خبر توقف نشاطها رسميا، والذي نشرته الأكاديمية في بيان لها على صفحتها الرسمية على الفايسبوك في 10 أغسطس/ آب، وذلك بسبب مشاكل ونقص في التمويل بحسب ما جاء في البيان.

تعد أكاديمية التحرير مؤسسة تعليمية غير ربحية تقوم بشكل أساسي على جهود المجتمع والأعمال التطوعية، بدأت نشاطها عقب ثورة يناير المصرية في 2011، كمبادرة شبابية أخذت من روح ميدان التحرير الطموحة دافعا لانطلاقها. هدفت الأكاديمية بشكل أساسي إلى توفير طريقة تعليمية مختلفة ومحفزة لعقول الطلاب في مراحل الإعدادي والثانوي تمكنهم من أن يفكروا ويختاروا ويقرروا تحت شعار "عشان جيل فاهم مش حافظ". 

وكانت الأكاديمية قد تبنت نظام "التعليم المدمج" بأن يتعلم الطالب جزئيا عن طريق الإنترنت مع قدرته على التحكم في زمان ومكان وترتيب أو سرعة التعلم، إلى جانب أن يتعلم جزئيا وجها لوجه في أي مكان تحت إشراف مُعلم أو أكثر، وتقدم الأكاديمية دروس مجانية عالية الجودة من خلال موقع يستخدم أساليب الألعاب لزيادة تفاعل الطالب مع الدروس، بالإضافة إلى التواجد على الأرض وجها لوجه مع الطالب من خلال مشروع "انزل علم" حتى لاقت الفكرة تجاوبًا رائعًا بتسجيل 140 ألف متعلم على موقع الأكاديمية عبر الإنترنت.

نقص التمويل
وبالرغم من النجاح الباهر الذي حققته الأكاديمية إلا أنها أعلنت توقف نشاطها رسميا بعد أربع سنوات من العمل على بناء جيل يبحث عن المعرفة ويقود المستقبل، ووفق البيان الذي نشر على الصفحة الرسمية للأكاديمية، فإن أسباب الغلق تمثلت في نقص التمويل وعدم التمكن من جمع ما يكفي من التبرعات اللازمة لاستمرار نشاطها". وأضاف البيان: "في الفترة الأخيرة، اضطررنا في أكاديمية التحرير أن نقلص من حجم تعاملاتنا وموظفينا وأن نبيع أصول المؤسسة لظروف تتعلق بنقص التمويل".

وإضافة إلى عدم تمكن المؤسسين من مواصلة تمويل المشروع من أموالهم الخاصة وعدم تمكنهم من جمع ما يكفي من التبرعات، فإن القانون المصري يحظر على الجمعيات الأهلية أن تقوم بأي نشاط تجاري ربحي ولو بغرض تغطية نفقاتها. مما أدى إلى عدم وجود دخل كافٍ للمؤسسة بالرغم من وجود فرص عديدة لذلك، وفق القائمين على الأكاديمية.

وأضاف المؤسسون:"لا يمكن أن نغفل في هذه المرحلة شكر مئات المتطوعين والداعمين على جهدهم معنا على مدار السنوات الماضية وجعلنا نلاحظ مشكلة احتياج البلاد إلى تعليم ذي جودة عالية حاولنا ما بوسعنا أن نكون جزءًا من حلها، وختامًا، فإننا نشجع الجميع على العمل على تحسين جودة التعليم في مصر، ونلتزم كفريق عمل الأكاديمية بشكل شخصي أن نستكمل مهمتنا النبيلة ما في وسعنا مهما تفرقت بنا السبل."


ووفقا لما جاء في البيان أيضا، فقد لاقت الأكاديمية رواجا عالميا، حيث حصلت على العديد من الجوائز، منها أفضل مؤسسة ذات أثر مجتمعي لعام 2015 من مسابقة جامعة MIT للشركات الناشئة في العالم العربي وأفضل منصة تعليمية في الدول النامية لعام 2014 من جامعة بنسيلفانيا 2014 وأفضل قناة تعليمية على اليوتيوب في مصر لعام 2013، هذا بالإضافة إلى ما يزيد عن نصف مليون متابع على الفايسبوك وأكثر من 9 مليون مشاهدة للقناة على اليوتيوب. 

يأس وقلق
وعلى صفحته الشخصية، كتب سيف أبو زيد مدير مبادرة أكاديمية التحرير "لست حزينا على انتهاء المشروع قدر فرحتي بأنه كان مشروعا حقيقيا وناجحا على الأرض، رفضت السفر وقررت أن أكرس حياتي في مساعدة نفسي وغيري في الخروج من دائرة الجهل والخوف والقهر، بس دلوقتي حالا أنا حاسس إني مش قادر أطلع نفسي أنا أصلا منها، عشان البلد دي للأسف مش بتاعتي".

وقد تفاجأ متابعو الأكاديمية من مختلف أنحاء الوطن العربي من قرار التوقف والذي كان بمثابة صدمة قوية، معتبرين ذلك آخر نفس يخرج من روح ثورة 25 يناير، وتوالت ردود الأفعال على الصفحة الرسمية للأكاديمية، تقول إحدى الأمهات : "أنا ابنى داخل اعداية وكنت حعتمد عليكم ليه كده؟"، ويعلق آخر: "إيه وجع القلب اللي حسيته من معرفة الخبر ده".

كما توالت عروض المساعدة والمساهمة المالية من أجل أن يستمر المشروع، فكتبت هدى حمدي "لابد من طريقة قانونية تمكننا من مساعدتكم والتبرع لكم، أنتم كنز، أنتم أمل في وقت عز فيه الأمل والتفاؤل"، ليرد آخر: المشكلة مش في الفلوس المشكلة في الجو العام.


وأضاف جمال عبد الناصر" إذا غابت أكاديمية التحرير ستغيب متعة التعليم" وعبرت علياء سيد، إحدى المتطوعات في الأكاديمية "الحلم والمكان الوحيد اللي كان بيدي الأمل ومخليني أستنى في البلد دي انتهى".

وفي محاولة لتحفيزهم على العودة أضاف محمود عبد السلام "التفكير النقدي الإبداعي وحل المشكلات والمثابرة والتقدم خطوة بعد خطوة دروسا حاولتم تقديمها نظريا، والآن جاء الوقت لتقديمها عمليا".

حلول مقترحة
اجتهد كثير من المعلقون على خبر التوقف في تقديم حلول وبدائل تساعد الأكاديمية على الاستمرار، مثل إنشاء شركة موازية ليست تابعة للجمعية وتكون بمثابة وقف يخصص ريعه كتبرع دائم للجمعية، وفتح حساب بنكي لجمع التبرعات وعمل إعلانات أو جعل الخدمة غير مجانية على غرار ما تقوم به العديد من المواقع التعليمية في الخارج.

كما اقترح المتعاطفون مع خبر غلق الأكاديمية، توزيع استمارات طلب متطوعين وتحديد المهارات والدرجات العلمية المطلوبة، والتواصل مع المسؤولين ومؤسسات المجتمع المدني، واشراك جمعية أصدقاء مدينة زويل باعتبار أن "العلم" هو اهتمامها الأول، والبحث عن صيغة قانونية مناسبة في قانون الشركات، كتأسيس مشروع ريادة اعمال اجتماعية مثلا أو البحث عن صيغة قانونية أخرى بعيدا عن الجمعيات والمؤسسات.

جدير بالذكر أن الناشط وائل غنيم هو أول المشاركين في فكرة أكاديمية التحرير وكان قد استمدها من "أكاديمية خان التعليمية" والتي تأسست علي يد الهندي سالمان خان، الأمر الذي يثير الشكوك لدى البعض بأن سبب الغلق يمكن أن يعزو لأغراض سياسية وعدم الرغبة في وجود أي مشاريع تعليمية مؤثرة بعيداً عن الأنظمة التعليمية الحكومية، فكتبت أروى عمران "كلمة تمويل مش حجة مقنعة أبدا.. اقنعوني بحجة تانية تكون منطقية ؟".


اقرأ أيضا:مصر: أكاديمية التحرير بديل ثوري  

المساهمون