"أسطول الحرية": إسرائيل تتحكم في المعلومات

30 يونيو 2015
فلسطينيون يسعون إلى لقاء "أسطول الحرية" (محمود حمص/فرانس برس)
+ الخط -
انتقلت إسرائيل بعد فشلها الدبلوماسي في منع انطلاق "أسطول الحرية" الثالث، إلى محاولة تقليص الأضرار الناجمة عن إبحاره باتجاه غزة. وحرصت هذه المرة على فرض تعتيم إعلامي كامل ومُحكَم على كل مجريات عملية اعتراض طريق السفينة "ماريان"، خصوصاً بعد أن عادت ثلاثة من المراكب الأخرى، المرافقة للأسطول أدراجها بمجرد إنذارها.

وعلمت "العربي الجديد"، أن "أول ما قام به الاحتلال بعد اعتراض السفينة ماريان، هو مصادرة كل وسائل الاتصال المتوفرة بحوزة الناشطين على المركب، ومنع حصول أي اتصال بينهم وبين الخارج". وتجلّى ذلك في عدم قدرة مساعدي النائب الفلسطيني باسل غطاس على الاتصال به، على هاتفه الشخصي المرتبط بالشبكة الإسرائيلية، ولا على هاتفه اليوناني أيضاً.

وخلافاً لما حصل مع "أسطول الحرية" الأول لم يوزّع المتحدث العسكري لجيش الاحتلال ولا مكتب الصحافة الحكومي، أية صور أو معلومات عما حدث، باستثناء القول إنه "تمّت السيطرة على السفينة وأنه لم تكن هناك مقاومة عنيفة".

في المقابل، وبموازاة إبداء محافل إسرائيلية ارتياحها لـ"ضعف" الاهتمام العالمي الإعلامي، روّجت إسرائيل بشكل مكثف لتصريحات كل من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ووزير أمنه موشيه يعالون، والتي تنكّر الاثنان عبرها، لحقيقة الحصار المفروض على قطاع غزة. وادّعى الاثنان في تصريحات مختلفة، أن "غزة لا تعاني من حصار، كما أن إسرائيل هي الطرف الوحيد الذي يدخل المعونات ومواد الإغاثة والبناء لقطاع غزة".
ووصل الصلف بنتنياهو أن ادّعى في مذكرة مكتوبة، أعلن أنه سيتم تسليمها للناشطين على متن السفينة، أن "ما أدخلته إسرائيل من مواد بناء وإغاثة إلى قطاع غزة، يفوق بـ500 ألف مرة ما تحمله سفن الأسطول الآتية إلى القطاع".

اقرأ أيضاً: "الحرية للمرزوقي.. والحرية لغزة"

ويأتي التعتيم الإسرائيلي على تفاصيل اعتراض السفينة، وحقيقة كونه خرقاً للقانون الدولي، ليضمن لحكومة إسرائيل نقاط امتياز في المعركة الإعلامية على رواية أسطول الحرية والحصار المتواصل على قطاع غزة. ولم يكن صدفة في هذا السياق الالتفات إلى زيارة المدير العام للخارجية الإسرائيلية، دوري غولد، يوم الأحد إلى العاصمة المصرية القاهرة، ولقائه نظيره المصري أسامه مجدوب، ثم الإعلان عبر الصحف الإسرائيلية، أن "مصر وإسرائيل تحملان نفس الموقف من حماس ومن القضايا الإقليمية".

ويُثبت هذا التنسيق العميق بين تل أبيب والقاهرة حتى في مسألة مواجهة "أسطول الحرية"، مع قبول المصريين بأن تتشدق إسرائيل بـ"أخلاقية" تفردها بإدخال المواد لغزة، وكأنه لا حدود بين قطاع غزة ومصر. وفي سياق سياسة التعتيم والاستئثار بالمنابر الإعلامية منذ الإعلان عن اعتراض "أسطول الحرية" الثالث، عند الساعة الخامسة من فجر أمس، ماطلت قوات البحرية الإسرائيلية في الوصول إلى شاطئ أسدود.

وعملياً، سعت إسرائيل من خلال عملية إيصال المركب بعد اعتراضه، إلى شواطئ أسدود، إلى "قتل" القصة إعلامياً وكسب الوقت، حتى لا يكون هناك توتر إعلامي في مواكبة عملية اعتراض السفينة، وإزاحتها عن اهتمام الرأي العام العالمي، وصولاً إلى تقديم صور ترحيل الناشطين من مطار بن غوريون (اللدّ)، ومنعهم من الحديث إلى الإعلام.

في المقابل ينتظر أن يشهد الكنيست، اليوم الثلاثاء، "رقصة زار" عنصرية ضد غطاس لمشاركته في أسطول الحرية، وقد بدت بوادر الطقوس تلوح عبر تصريحات مختلفة من قبل أكثر من عضو كنيست، اعتبروا أنه "يتعيّن سحب الحصانة البرلمانية عن غطاس ومحاكمته، أو تقديمه للجنة الطاعة لحرمانه من حقوقه البرلمانية، وفق دعوة رئيس لجنة الداخلية التابعة للكنيست".

وينتظر أن تحوّل إسرائيل عملية اعتراض "أسطول الحرية" إلى مناسبة للترويج للحصار باعتباره غير قائم، من جهة، وشنّ هجمة إعلامية ضد المتضامنين مع قطاع غزة، وضد حملة المقاطعة الدولية في الوقت ذاته من جهة أخرى، مع العودة إلى معزوفة "النفاق" وازدواجية المعايير والعداء المزمن لإسرائيل.

اقرأ أيضاً: إسرائيل تستعد لاعتراض أسطول الحرية الثالث

المساهمون