"أستانة 6" حققت مصالح الدول الضامنة وأجّلت مطالب المعارضة

عبسي سميسم (العربي الجديد)
عبسي سميسم
عبسي سميسم. صحافي سوري؛ مدير مكتب سورية في موقع وصحيفة "العربي الجديد".
15 سبتمبر 2017
EFBC9095-C037-4862-8604-924E567B815B
+ الخط -
مع انتهاء الجولة السادسة لاجتماعات أستانة، والتي كانت جولة حاسمة لناحية الاتفاق على مناطق خفض التصعيد في سورية، وأهمها المنطقة الرابعة، والتي تضمّ محافظة إدلب وأجزاء من ريف حماة الشمالي وريف حلب الغربي، نجحت موسكو بتجميد جبهات القتال بشكل نهائي مع النظام السوري، وتحويلها كلها لقتال تنظيم "داعش" الإرهابي، مع عدم وضوح، حتى اللحظة، في كيفية التعامل مع تنظيم "هيئة تحرير الشام"، والتي تشكّل "النصرةسابقاً عمودها الفقري، فيما تم تأجيل مناقشة مطالب المعارضة المتعلقة بملف المعتقلين إلى جولة لاحقة، تم تحديدها في أواخر شهر أكتوبر/ تشرين الأول المقبل. 

واستطاعت روسيا أن توفّق بين مصالح كل الدول المتدخلة في القضية السورية، من خلال هذا الاتفاق. فمن ناحية يتوافق هذا الاتفاق مع التوجه الأميركي الذي تقوم أولويته على محاربة تنظيم "داعش"، بتجميد كل جبهات القتال مع النظام بقوة الإرادة الدولية، وتحويل قوى جميع الفصائل المتناحرة لقتال التنظيم، سواء من خلال جبهات مشتركة أو منفصلة.

كذلك يتوافق الاتفاق مع المصالح التركية التي تسعى لأخد دور في شمال سورية، من خلال تأمين غطاء دولي لدخولها إلى عمق الشمال السوري كقوات مراقبة، إضافة إلى عدم إغفاله الدور الإيراني، والذي يلاقي اعتراضات أميركية، من خلال فرض إيران كطرف ضامن ومراقب، على الرغم من شراكتها مع النظام في الحرب ضد قوات المعارضة.

ويبدو أن الدور التركي لن يقتصر على أخذ دور المراقب، كما ورد في بيان أستانة، نظراً إلى وجود تنظيم "هيئة تحرير الشام" ضمن المناطق التي ستقوم تركيا بالرقابة عليها.

فعلى الرغم من أن نقاط المراقبة، بحسب البيان، ستتوزع على نقاط الاشتباك مع النظام ضمن مناطق المعارضة، إلا أن هذا الأمر يتطلّب من تركيا العمل على مسارين، الأول ضمان التهدئة مع الهيئة، وضمان عدم حصول اختراق لاتفاق وقف النار، لأن أي استفزاز سيشعر تنظيم "هيئة تحرير الشام" بالخطر قد يدفعه إلى ردات فعل تُفشل الاتفاق، وبالتالي على أنقرة التوصل إلى تفاهمات معها تضمن عدم حصول اختراقات، وتطمينات تضمن سلامة مراقبيها، والذين سيكونون في مناطق تحت سيطرة الهيئة، والتي أعلنت في فترة سابقة أنها ستواجه أية قوة أجنبية قد تدخل سورية.

أما المسار الثاني، والذي يبدو أن تركيا تعمل عليه، فهو تفكيك "هيئة تحرير الشام" من الداخل، وذلك من خلال استمالة بعض الفصائل المنضوية ضمن الهيئة للانشقاق عنها، ومحاولة عزل "النصرة" عن باقي الفصائل، بما يسهل موضوع التعامل معها ضمن المرحلة اللاحقة.

كما أن بيان أستانة 6، والذي أوضح أن "مراقبين من الدول الثلاث الضامنة (تركيا وروسيا وإيران) سينتشرون في نقاط التفتيش والمراقبة في المناطق المؤمنة التي تشكّل حدود منطقة خفض التوتر في إدلب"، يعني أن قوات روسية وإيرانية ستنتشر على خطوط تماس مع "هيئة تحرير الشام"، خاصة في ريف حلب الغربي وريف حماة الشمالي، الأمر الذي يطرح مخاوف من أن تقدّم كل من روسيا وإيران غطاء لعمليات يقوم بها النظام لقضم جزء من تلك المناطق قد يجدها النظام استراتيجية بالنسبة له، بحجة محاربة "النصرة"، كما يحصل الآن في غوطة دمشق، المحسوبة منطقة تخفيف تصعيد، والتي تم استثناء بعض المناطق الاستراتيجية للنظام منها، كجوبر وعين ترما.





ذات صلة

الصورة
سوريون يصطفون أمام البنك المركزي في دمشق لاستبدال عملات، 30 ديسمبر 2024 (Getty)

سياسة

أعلنت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تخفيف بعض العقوبات على سورية، بغرض السماح بالمعاملات مع المؤسسات الحاكمة في سورية
الصورة
مساعدات قطرية في مطار دمشق الدولي - سورية - 2 يناير 2025 (إكس)

مجتمع

وصلت طائرة مساعدات ثالثة من دولة قطر إلى مطار دمشق الدولي، من ضمن الجسر الجوي القطري الذي أُطلق لإيصال الإمدادات إلى الشعب السوري بعد إطاحة نظام بشار الأسد.
الصورة
عناصر من جيش سورية الوطني، منبج 7 ديسمبر 2024 (حسين ناصر/الأناضول)

سياسة

يدور صراع دام في الأيام الأخيرة بين "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) وفصائل سورية منضوية في "الجيش الوطني السوري" التي تحاول السيطرة على سد تشرين.
الصورة
مقاتلون من فيلق الشام في دمشق، ديسمبر 2024 (عامر السيد علي)

سياسة

لا يفارق مشهد الدمار وآثار الجريمة، العابرين طريق ريف دمشق نحو المحافظات الشمالية والغربية في سورية؛ من القابون، الممسوحة بالكامل، وصولاً إلى إدلب
المساهمون