تنتهي غداً تظاهرة "أسبوع الكتب الممنوعة" التي تقام بالتزامن في نيويورك ولندن، وتتضمّن استعادات وقراءات مختلفة من كتب جرى منعها أو مصادرتها في السنوات الأخيرة، إلى جانب الحديث عن الحق في القراءة بلا رقابة والمرتبط بشكل أساسي بحرية التعبير.
من ضمن فعاليات الأسبوع التي شهدتها لندن، محاضرة في "المكتبة البريطانية" حول رواية "آيات شيطانية" لسلمان رشدي، مثلما عقدت محاضرة في "مركز الكلمة الحرة" مع الصحافي وكاتب المقالات البريطاني ديفيد آرونوفيتش، والروائية الإيرلندية كلير هينيسي، إلى جانب الناشرة لين غاسبار مسؤولة منشورات "تيليغرام"، حيث استكشف ثلاثتهم أشكال الرقابة المعاصرة، بعد شبه غياب لمؤسسة رسمية رقابية في هذه البلاد تمنع الكتب وتبيحها.
يبدو الأمر كما لو أن المجتمعات الغربية طوّرت وسائل رقابية على المطبوعات بنفسها، فأصبح قرار تداول كتاب في مكتبة أو مؤسسة أكاديمية بيد القائمين عليها، يعطيهم الحق في منع هذا الكتاب أو مصادرة ذاك، استجابتهم للجماعات الغاضبة، ممثلّة بالمتشدّدين والمتطرّفين والعائلات أيضاً التي تضع أبناءها في هذه المدرسة أو تلك الجامعة.
من وسائل الرقابة الحديثة أيضاً ذات التأثير الكبير والخطر؛ الحملات التي يطلقها مجموعة من الغاضبين على كتاب ما، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والتي سرعان ما تجد من ينضمّ إليها بالآلاف في حالة غوغائية معظم المشاركين فيها غالباً لم يقرؤوا الكتاب الذي يطلبون رأسه، لكن سلطة هذه الوسائل تجد تجاوباً من الناشرين فيسحبون الإصدار من السوق مثلاً، أو قد تقوم المكتبات باستبعاد الإصدار المغضوب عليه من واجهاتها.
تقول الإحصائيات التي ترافق نشرها في أميركا مع التظاهرة، إن معظم الكتب التي جرى منعها مؤخراً كانت بسبب تناول المثليين أو المتحولين جنسياً فيها. والكتاب الوحيد الذي منع لأسباب مختلفة كان سلسلة "بيل الصغير"، لارتباطه بادعاءات التحرّش الجنسي على الشخصية الأساسية فيه وهو الممثل الكوميدي بيل كوسبي.
أما أحدث الكتب التي مُنعت من قبل مكتبات أميركية تمارس دور الرقيب بنفسها، فمعظمها روايات غرافيكية، من بينها "صيف واحد فقط" لـ ماريكو (الرسامة) وجيليان تاماكي، وقد هوجمت الرواية لأن بعض الشخصيات مثلية تتعاطى المخدرات، وتتضمّن الرواية مقاطع وصفتها صحف أميركية بالـ "فسوق"، وقد وصفت معظم الروايات الممنوعة بنفس العبارات تقريباً ومن بينها "دراما" لـ رينا تيليغميير وهي أيضاً رواية غرافيكية مثلما هي "أنا جاز" الممنوعة أيضاً.
ثمة أيضاً بعض الكتب غير الأدبية التي يجد القارئ صعوبة كبيرة في العثور عليها نتيجة لحملة ممنهجة ضدّها أدّت إلى اختفاء نسخها من أرفف المكتبات، مثال على ذلك ما حدث في ولاية أريزونا الأميركية من هجوم على كتاب "إعادة التفكير في كولمبوس" لـ بيل بيغلو، و"النظرية النقدية للعرق" لـ ريتشارد ديلغادو، ووصل الأمر إلى "العاصفة" لـ شكسبير وكتاب "تاريخ حركات التحرّر في المكسيك"، وقد خرجت مظاهرات طلابية ضدّ هذا المنع كان شعارها "لا يوجد تاريخ غير شرعي".
يشار إلى أن "أسبوع الكتب الممنوعة" تظاهرة انطلقت في أميركا عام 1982 من قبل "رابطة المكتبات الأميركية"، بعد أن بدأت سلطة الجمهور على المنشور تتسع، وأصبحت جهات مختلفة من مكتبات وبائعي كتب ومدارس وجامعات تستبعد مؤلفات بعينها وتمارس حق مصادرتها من على أرففها، وقد تجاوز عدد المؤلّفات المصادرة منذ ذلك العام 11 ألف كتاب، وفقاً لإحصائيات الرابطة. ومن الكتب التي منعت تاريخياً رغم قيمتها الأدبية؛ "محبوبة" لـ توني موريسون و"مغامرات هاكلبيري فن" لـ مارك توين و"الحارس في حقل الشوفان" لـ سالينجر و"عناقيد الغضب" لـ شتاينبيك و"السيرة الذاتية لمالكوم إكس". وفي عام 2014 فقط، مُنع أكثر من 300 كتاب من التداول في أميركا.
تظاهرة "أسبوع الكتب الممنوعة" ما زالت حديثة العهد في بريطانيا، وقد أعلنت "المكتبة البريطانية" و"مركز الكلمة الحرة" وغيرها من المؤسسات نيتها أن تجعل من الحدث منتظماً في السنوات المقبلة.