باستراتيجيات كبرى تقوم على رؤية حضرية، بنَت الدوحة شخصيتها، فهي إذ استقطبت حدثاً عالمياً، إلا أنها وظّفته في دعم رصيدها المعماري، ثم سرعان ما تبدّى أن مشروعها تجتمع فيه روافد تاريخية وطموحات مستقبلية، أبعد من مجرّد ثلاثين يوماً من الاحتفال.
تمثّل الحدائق جانباً مُهمّاً في الخطّة العمرانية التي اتّبعتها قطر لاستضافة كأس العالم، بوصفها التجسيد الفعلي للمفاهيم الخضراء والمستدامة، وبذات الوقت هي فضاء مديني سيستقبل الزوّار والمشجعين أثناء البطولة، ويبقى قابلاً للاستفادة منه بعد انتهائها.
تبدو مسألة تأمين إقامة صحية وآمنة لقرابة مليوني زائر أمراً أساسياً لدولة صغيرة الحجم مثل قطر، فكيف يمكنُ الوصول إلى ذلك الهدف بطريقة مستدامة، دون أن تتحمل الدولة أعباء مالية وبيئية، أو تتحول هذه الفضاءات لأماكن أشباح بعد انتهاء البطولة؟
متابعةً لسؤال الاستدامة الذي يؤطّر هذه السلسلة من المقالات، كيف استطاعت خطة التنمية بقطر أن تجعل من المترو حالة حضرية باقية حتى بعد انتهاء كأس العالم، ورغم أنّ الدوحة مدينة خليجية تعتمد على السيارات إلا أنّ شوارعها باتت تجربة للاحتفاء بالإنساني.
انطلاقاً من سؤال الاستدامة والأهداف المستقبلية، يمكن الحديث عن القيمة المعمارية لاستضافة قطر التظاهرة الكروية الأشهر بداية من 20 الشهر المُقبل، حيث يتمثل التحدي في تحويل المرفقات من ملاعب وسواها إلى فضاءات مجتمعية يُستفاد منها بعد انتهاء الحدث.
يظهر الدور الإماراتي في التوسّعات المعمارية بمشروعَي الساحل الشمالي وجزيرة الورّاق في مصر، إلّا أنّ المشروع الأوّل وحده ما ينال اهتمام الإعلام وبعض المسؤولين، بحكم تملّك رموز من السلطة فيه، بينما يُخيّم الصمت على ما يتعرّض له أهالي الورّاق من ترحيل.
200 متر عرضاً و170 كم طولاً: هذا هو التصوّر الجديد عن "المدينة الفاضلة" بطبعتها السعودية، التي حملت اسم مشروع "الخطّ"، والتي يسوَّق لها على أنّها ستكون مُستدامة وعديمة التلوّث. لكنّ الواقع يكشف أنها لن تكون - في حال تحقّقها - أكثر من مشروع تجاري.