يتبارى المحللون للبحث عن مغزى قرار قضائي، رفع اسم أحمد شفيق من قائمة ترقب الوصول، وربطها بزيارة مسؤول إماراتي إلى مصر، أو الربط بين إلغاء حكم الإعدام على الرئيس محمد مرسي بتصريحات المشير حسين طنطاوي الرافضة إعدام أبناء الوطن.
إلى متى ستظل أطياف الثورة في مصر منقسمة، تتصارع على الوهم بعيداً عن المعركة الحقيقية، تاركة الساحة للعسكر يتقاسمون الفريسة، ويتصارعون عليها؟ وإلى متى سيظل الشعب رقماً لا يعبأ به أحد إلا وسيلة تستخدمها القوى المختلفة لتحقيق أهداف قصيرة وقاصرة؟
إذا لم يصطف الثوار، ليحدّدوا موقفهم من اليوم التالي، من دون تأجيل أو مناورةٍ سياسية ليس وقتها، ويعملوا على قيادة الشعب الهارب من جحيم العسكر، فإنهم يعطون قبلة الحياة للحكم العسكري الذي مات إكلينيكياً، ويبقى أن ننزع عنه أجهزة التنفس.
ليست الخطورة في المليارات المهدّدة بالتجميد، بل في الخطوات التالية للاستهداف، في ظل وجود عالم عربي، يغوص في فوضى ساهمت فيها مباشرةً سياسات المملكة والإمارات العربية المتحدة، بتدعيم قوى الثورة المضادة، وتغليب الديكتاتوريات العسكرية على إرادة الشعوب.
إطلاق المبادرات ومحاولة الاصطفاف شيء محمود، لكن يجب الاتفاق على كيفية التعبير عن إرادة الشعب، وعدم ترك النقطة الجوهرية في الأزمة مسكوتاً عنها، فهناك رئيسٌ لم يتنحّ، أو يتم عزله بصورة دستورية، وإنما تم خطفه بصورة إجراميةٍ بوليسية.
الحديث في مصر عن خطط الإصلاح الاقتصادي نوع من اللغو، إذا لم يسبقها استقرار سياسي، لن يأتي إلا بمصالحة سياسية، تستوعب كل المواطنين مع اختلاف انتمائهم السياسي، ويكمن الحل الجذري في احترام إرادة الشعب التي عبّر عنها صندوق الانتخاب.
ينتقل الحكم في مصر من فشل إلى فشلٍ يبحث عن شرعيةٍ لم يجدها سهلةً مستقرةً، على الرغم من التنازلات المستمرة، من إغراق غزة وحتى اتفاقية التنازل عن الحق في مياه النيل، مروراً بصفقات السلاح الضخمة من الغرب.
بناء المشاريع التحرّرية على افتراضاتٍ خاطئةٍ يؤدي لكوارث، يدفع ثمنها الشعب من دمائه، ووضع افتراضية أن التمسك بالرئيس مرسي، هو نوع من الشخصنة، وتجاوزه مثال للوطنية، ويؤدي إلى الاصطفاف المزعوم، هو من هذا النوع الخادع من الافتراضات.
من غير المحتمل أن تتوقف مؤشرات الاقتصاد المصري عن الهبوط، طالما ظل العسكر يحكمون مصر، لأن المستبد لايقبل رأياً آخر فيما يرى، فلا معنى لدراسات المختصين، طالما يرى الزعيم الأوحد أنه "طبيب الأطبة وفيلسوف الفلاسفة" الذي يتلقف زعماء العالم كلماته.
نحن أمام رسالة موحدة يجب قراءتها بعناية، وملخصها يكمن في قصة فيلم "طباخ الرئيس"، والذي يظهر فيه الرئيس يعمل لصالح المواطن، لكن المسؤولين ليسوا على قدر المسؤولية، ولا يظهرون الحقائق له.