تحدّث بشار الأسد، إلى السوريين في خطاب القسم بمنطق المُنتصر الذي يُملي إرادته على أنصاره وخصومه معا، وهو الذي يحكم الآن بلداً شعبه مُقَسَّمٌ بين اللجوء والنزوح والعيش في ظروف بالغة السوء، إلى درجة أنّ ما يزيد على 87% من السوريين تحت خط الفقر.
يستطيع مجلس سوريا الديمقراطية (مسد) أنْ يعَقْلِن طموحه من بقاء القوات الأميركيّة إلى الآن، وأنْ يحاول الاستفادة من الفرصة السانحة لها في هذا الوقت بالذّات، عبر السعي الحثيث إلى إيجاد تفاهمات واقعيّة مع روسيا،
انضم كُرد سورية إلى قافلة المراهنين على هوية الرئيس الأميركي المرتقب بعد الانتخايات الرئاسية، بخلاف ما كان عليه وضعهم قبل العام 2011، ذلك أن جلّ طموحهم آنذاك كان تحسين أوضاعهم الداخلية مع الحكومة السورية، ولكنّ الحال تغيرت كثيراً،
اختارت المعارضة السورية الدرب الأصعب في طريق التغيير المنشود من غالبية الشعب السوري، فاختارت الحل العسكري المتقاطع مع خيار الحكومة السورية، وهو ما دفعت ثمنه غالياً، عبر تخلي عدد من حلفائها عنها.
منّت المعارضة السورية نفسها بتحول الخلافات الروسية الإيرانية في سورية إلى خصام ينتهي بتحول موقف موسكو إلى الضفة المقابلة، والبحث عن بدائل عن النظام الحاكم، وإيجاد توافقات معها على مستقبل سورية بدون أي وجود أو تدخل إيراني.
كان إعلان النظام الفيدرالي في شمال شرق سورية بمثابة دقّ لناقوس الخطر للحكومتين، السورية والتركية، فابتدعت موسكو طريقةً لترحيل العداوة، والتفرغ لمواجهة المشروع الوليد، فكان مسار أستانة الذي جمع روسيا وإيران وتركيا، وأنشأوا مناطق خفض التصعيد في عدة مناطق سورية.
يبدو أن قرار البقاء الأميركي في سورية بمثابة حصان طروادة الذي من شأنه أن يقضي بشكل كامل على أي فرصة للتسوية المرتقبة لقضية شرق الفرات ذات التعقيدات العرقية، وفي مقدمتها القضية الكُردية السورية.
سيكون الاتفاق الروسي التركي المعلَن أخيراً الحل ما قبل النهائي لقضية شرق الفرات في سورية، فعلى الرغم من بنود سلبية فيه، إلا أنها تقي سكان شرق الفرات شبح الحرب، وتعطي المجال للحل السياسي عبر الحوار بين الإدارة الذاتية والحكومة السورية.
أنجزت قوات سوريا الديمقراطية (قسد) مهمتها في حماية "مناطقها" من التيارات المتشدّدة، واختارت الخيار الصائب بالتحالف مع الحكومة السورية وروسيا في مواجهة تركيا وفصائل المعارضة السورية، وباتت مهمة الجميع ابتداع حل، تُنصَف فيه القوميات في سورية.
الواقع الذي فرضته توازنات القوى الإقليمية والدولية في سورية لا يطمئن أحداً الآن، حتى بات تغيير النزر اليسير من خريطة توزع السيطرة بحاجة لتدخل إحدى القوتين العظميين (أميركا وروسيا) وحسب. فما أسباب ذلك؟