الحراك الطلابي في السودان: جامعات معلّقة

08 مايو 2016
(في جامعة الخرطوم)
+ الخط -

شهدت جامعة الخرطوم، مؤخراً، احتجاجات طلابية استمرت ما يقارب الشهر، انطلقت عقب إذاعة التلفزيون الرسمي للدولة خبراً يفيد بعزم الحكومة نقل مجمعات الجامعة الدراسية إلى ضاحية سوبا جنوبي العاصمة، والاستفادة من مباني الجامعة في أغراض أخرى.

عقب الخبر، اندلعت تظاهرات في مجمع الوسط الذي يقع في شارع النيل، في ما سماه الطلاب "دفاعاً عن شرف الجميلة المستحيلة"؛ كما اصطلح السودانيون على تسميتها، وشارك عدد من خريجي الجامعة في مؤتمر صحافي، أعلنوا فيه إدانتهم للخبر.

في محاولة لتهدئة الطلاب الحانقين، أصدرت إدارة الجامعة بياناً تنفي فيه صحة الخبر، وذكرت أن مدير الجامعة، أحمد محمد سليمان، اجتمع مع نائب رئيس الجمهورية، حسبو محمد عبد الرحمن، ووزيرة التعليم العالي والبحث العلمي، سمية أبوكشوة، لبحث تطوير منشآت الجامعة ودعم مشاريع البحث العلمي فيها.

إلا أن تصريحات وزير السياحة التي ذكر فيها عزم وزارته الاستيلاء على مباني الجامعة وتحويلها إلى مزارات سياحية، ألقت بظلال سالبة على الوضع وزادت من حدة الاحتجاجات، ولم تنجح بيانات إدارة الجامعة ولا بيان رئاسة الجمهورية في تهدئة الطلاب، واستمرت الاحتجاجات وقام الطلاب بالاعتصام، كما أضافوا إلى مطالبهم عودة "اتحاد جامعة الخرطوم" المعلق منذ عام 2010، وورد هذا المطلب أولاً في بيان لجنة اعتصام كلية العلوم الرياضية، ثم ورد لاحقاً عن اللجنة التنسيقية لطلاب جامعة الخرطوم عقب إعلان إدارة الجامعة تعليق الدراسة بكلية العلوم الرياضية.

في الوقت نفسه، شهدت جامعة كردفان احتجاجات طلابية عقب مقتل الطالب أبوبكر حسن في اشتباكات استُخدم فيها السلاح الناري، أثناء قيام الوحدة الطلابية، والتي تمثل تحالفاً للأذرع الطلابية لعدد من أحزاب المعارضة، في اتهام حزب المؤتمر الوطني الحاكم حركات دارفور المسلحة بقتل الطالب لنقل الصراع إلى المدن، واتهمت الوحدة الطلابية حركة "الطلاب الإسلاميين الوطنيين"، الجناح الطلابي للحزب الحاكم، بقتل الطالب.

وفي أعقاب خبر مقتل طالب جامعة كردفان، شهدت جامعة البحر الأحمر تظاهرات طلابية تنديداً بمقتل الطالب، كما حدثت عدة تظاهرات في جامعات أخرى للسبب نفسه.

كما قُتِل طالب في جامعة أم درمان الأهلية، هو محمد الصادق، برصاصة في القلب أثناء مخاطبة لرابطة أبناء جبال النوبة، وأيضاً تبادلت حركة الطلاب الإسلاميين الوطنيين والطلاب المنتمين لحركات دارفور المسلحة الاتهامات بشأن الطالب القتيل.

وفي رد فعل وتصاعد للأحداث، خرج طلاب جامعة الخرطوم إلى شارع الجامعة وقاموا بإغلاقه، تنديداً بمقتل الطالبين، واشتبكوا مع قوات مكافحة الشغب التي حاولت فض التظاهرة. استخدمت الشرطة مادة ملونة أطلقتها على الطلاب حتى يسهل التعرف عليهم في ما بعد، ليجري اعقتالهم.

وشهد المجمع الطبي في جامعة الخرطوم تظاهرات تنديداً بمقتل الطالبين، عقبها حملة اعتقالات كثيفة قامت بها أجهزة الأمن وسط الطلاب، كما نظم عدد من خريجي الجامعة وقفة احتجاجية أمام مبانيها تنديداً بمحاولة بيعها، انتهت الوقفة أيضاً باعتقالات عديدة وسط الخريجين.

تسارعت الأحداث، ونفّذ طلاب مجمع الوسط اعتصاماً مفتوحاً طالبوا فيه إدارة الجامعة بالضغط على أجهزة الأمن للإفراج عن المعتقلين وتقديم اعتذار رسمي من قوى الشرطة على اقتحامها الحرم الجامعي.

بعد الاعتصام، هدّدت الإدارة الطلاب بإغلاق الجامعة إلى أجل غير مسمى. وكتنفيذ فعلي لتهديدها، تم تعليق الدراسة في كلية العلوم الرياضية التي بادرت لجنتها بإضافة مطلب تحديد جدول زمني لإعادة اتحاد جامعة الخرطوم كمطلب رئيسي.

لكن تهديد إدارة الجامعة وتنفيذه لم يؤت أكله، ولم يتراجع الطلاب عن موقفهم في الاعتصام، بل طالبوا بإعادة فتح كلية العلوم الرياضية مشدّدين على مطلبهم بخصوص الاتحاد؟ وكانت تجري مخاطبات يومية في كليات مجمع الوسط وفي شارع المين، وتنتهي يومياً باشتباك مع قوات مكافحة الشغب، والتي يتهمها الطلاب بالإفراط في العنف واستخدام الغاز المسيل للدموع، وإطلاق المادة غريبة اللون على الطلاب حتى يسهل القبض عليهم لاحقاً.

في يوم الثلاثاء، الثالث من أيار/ مايو الجاري، أصدرت إدارة جامعة الخرطوم بيانين متتالين؛ قضى الأول بتعليق الدراسة في مجمعات الوسط، والثاني بفصل أحد عشر طالباً لمدة عامين، وستة طلاب بالفصل النهائي من الجامعة؛ حيث اتهمتهم بأنهم قادة العنف والتخريب في الجامعة.

في الرابع من أيار/ مايو، توجه عدد من الطلاب الواردة أسماؤهم في البيان إلى مكتب المحامي نبيل أديب من أجل توكيله بتقديم طعن في المحكمة الإدارية ضد القرار الصادر، إلا أن قوة أمنية عرفت نفسها على أنها جهاز الأمن والمخابرات الوطني؛ قامت باعتقالهم جمعياً، واقتادتهم إلى مكان مجهول، ومعهم عاملتان في المكتب، كما صادرت عدداً من الملفات. وأطلق سراح العاملتين في وقت لاحق.

دلالات
المساهمون