السوريون.. تبيان في مسألة اللجوء إلى أوروبا

01 أكتوبر 2015
تشديدات أمنية أوروبية للحد من تدفق اللاجئين (Getty)
+ الخط -
فاقمت مشكلة اللاجئين السوريين المهاجرين نحو البلدان الأوروبية من أزمة التعاطي الغربي مع ملف الهجرة غير الشرعية، الذي لطالما اجتمعت لأجله دول الاتحاد كي تضع حداً له، كما حصل حينما عقدت القمة الطارئة فيما بينها منذ أشهر عقب غرق قارب صيد بمن فيه، كان يقل 800 مهاجر قبالة سواحل صقلية، وكان على متنه لاجئون سوريون.


هذه القمة الاستثنائية لم تثمر من حينها للوقت الراهن في وضع خطة لـ "اجتياز الأزمة الإنسانية"، التي يتعرض لها المهاجرون، وفقاً للتعبير الذي وضعه رئيس الوزراء اليوناني. بيد أن زيادة الضغط الشعبي والإعلامي على حكومات الاتحاد الأوروبي؛ جراء تضاعف أعداد الغرقى في البحر المتوسط وخصوصاً مع التدفق الهائل الذي أحدثته هجرة آلاف السوريين في هذه الفترة، ضمن دفعات كبيرة يومية باتجاه أوروبا، في رحلات انطلاق تبدأ من المدن الساحلية التركية المطلة على بحر "إيجة"، لتنتهي نحو دول الاتحاد بعد الرسو على إحدى الجزر اليونانية.

والموقف المحرج الذي وُضعت فيه دول الاتحاد الأوروبي، أمام الرأي العام الشعبي، حذا ببعض بلدانه كألمانيا إلى فتح أبوابها أمام اللاجئين، في الوقت الذي ما زالت فيه بعض الدول الأخرى مترددة إزاء موقفها، كبريطانيا، ما دفع عشرات الآلاف من المواطنين إلى التوجه لملء ساحات العاصمة لندن بالمسيرات المطالبة حكومة بلادهم بالسماح في استقبال اللاجئين السوريين على أراضي المملكة المتحدة.

تشديدات أمنية أوروبية للحد من تدفق اللاجئين
ضمن إجراء انتقده مسؤولون بالاتحاد الأوروبي، تعتزم كل من المجر وبلغاريا اللتين تعدان ممراً رئيسياً للمهاجرين نحو أوروبا، تعتزم إنشاء أسوار أمنية حديدية عالية على امتداد أجزاء من حدودهما، قد يبلغ ارتفاعها (5-6) أمتار وعليها أسلاك شائكة ومزودة بكاميرات ومجسات حركة. وعلى الرغم من معارضة المفوضية الأوروبية لتشييد مثل هذا الفاصل الذي سيكون رادعاً للمهاجرين المتوجهين نحو البلاد الأوروبية، لكنها أقرت بأن من حق كل دولة أن تقرر كيف تحمي حدودها.

من جانب آخر، يرى مراقبون أن الحجم المهول للمهاجرين السوريين نحو أوروبا، الباعث إلى القلق بين الأوساط السياسية الغربية، ترافق مع تعاطف وشجب بنفس الوقت، حيث طالب العديد من السوريين دول الاتحاد بتوفير ممرات آمنة لهم، وعلى هذا اجتمع أكثر من "ألف وسبعمئة وخمسين" لاجئاً سورياً في ولاية "أدرنة" شمال غربي تركيا للعبور إلى الحدود اليونانية، ومنها إلى أوروبا. بيد أن التشديد الأمني المفروض حديثاً يقف عائقاً أمامهم، حتى أطلقوا على إثر ذلك مبادرة تحمل عنوان "عابرون لا أكثر" من أجل السماح لهم بالعبور.

تعاطي سوري متباين مع قضية اللاجئين
تُدلل مواقف غالبية السوريين على اختلاف وجهات النظر في قضية اللجوء نحو أوروبا، ويرجع ذلك إلى أسباب يبينها كل طرف. وفي عينة من 100 سوري بينهم سياسيون ونشطاء، كان العدد الأكبر ضد الهجرة، فيما كانت هناك نسبة أيضاً أيدتها، بينما أرجع البعض الآخر موقفه إلى الظروف التي يتعرض له السوريون.

وشاع أن النسب المتزايدة لهجرة السوريين قد تؤثر على الديموغرافية السورية، وخصوصاً الهجرة البعيدة عن الحدود السورية، على اعتبار أن معظم الذين لجؤوا إلى أوروبا قد لا يعودن إلى سورية إن طالت المدة. وفي هذا الصدد تقول ريم تركماني، عضو التحالف المدني السوري في حديث إلى "جيل العربي الجديد"، إن "الحروب دائماً ينتج عنها تغيرات ديمغرافية، وغالياً ما يكون لها أثر سلبي على المدى البعيد لأنها تحدث بشكل قسري وتقتلع المجتمعات المحلية من جذورها وترمي بها في أماكن مختلفة".

كما أوصت السوريين الذين غادروا إلى أوروبا باستثمار وقتهم وجهدهم بالتعلم، معتبرة أن العلم الطريق الأفضل للاندماج في المجتمع الجديد وفهمه وبناء علاقة سليمة معه". وكذلك حذرتهم من الوقوع في الحياة الرتيبة والروتينية؛ بسبب نظام الضمان الاجتماعي في البلدان الغربية والمعونات التي يتم تقديمها.

ولدى عودته من اعتصام شعبي وسط مدينة ليون في فرنسا للمطالبة بالترحيب باللاجئين السوريين، اعتبر الأكاديمي والمعارض السوري، فايز القنطار في حديث لـ "جيل العربي الجديد" أن "الموقف الأوروبي الحالي من قضية اللاجئين؛ محكوم بمبادئ إنسانية لا يقبل الشارع تجاوزها فهناك حملة شعبية واسعة ضاغطة لاستقبال اللاجئين وإغاثتهم"، مشيراً أيضاً إلى الدور الذي ساهم فيه الإعلام الغربي في تحريك الرأي العام حول مسألة اللجوء.

وللروائية السورية ابتسام شاكوش رأي آخر بقضية الهجرة نحو أوروبا، حيث اعتبرت الأمر لدى سؤال "جيل العربي الجديد" لها أنه "تهجير قسري، ... يغلقون كل الأبواب بوجه المواطن السوري بما فيها باب العيش الآمن في وطنه ويتركون باب الهجرة لأوروبا موارباً دونه ألف موت".

وحين سؤاله عن رأيه في هجرة السوريين إلى أوروبا، أكد عضو المجلس الاستشاري للشبكة الأوروبية لمناهضة العنصري، طرفة بغجاتي لـ "جيل العربي الجديد" أن "الهجرة قائمة كواقع يفرض نفسه ما دام الظلم والتجبر وفقدان الأمن ففي هذه الظروف سيهاجر الناس ولن يسألنا أحد عن رأينا".

بينما اعتبر المعارض السوري والأمين العام لحركة الديمقراطيين الأحرار، عطا كامل عطا أن "المسألة ليست بأن نكون مع أو ضد الهجرة فهي حل اضطراري معقد وأسبابه مركبة ومتشعبه"، مرجحاً أن يكون "الكثير من المهاجرين ومعظمهم ليسوا هاربين من الخطر بقدر ما هو استغلال الفرصة السانحة لهم إلى حلم الهجرة القديم والحصول على جنسية بلد محترم يحفظ لهم أبسط الحقوق التي لم يحصلوا عليها في بلدانهم".

واختتمت "جيل العربي الجديد"، تساؤلاتها مع الإعلامي السوري، فراس ديبة، الذي عبر عن معارضته "مخاطرة البشر بأرواحهم وأرواح أولادهم وتحمل مشاق الهجرة ومتاعبها"، لكن بالمقابل في استدراك منه أكد أنه لا يملك لهم "بدائل استقرار مؤقت لعيش آمن وكريم".

(سورية)
المساهمون